الرد على القائلين بمشروعية المولد النبوي

السائل : كثير من الناس يقول بأن المولد ليس ببدعة لأن فيه ذكر للرسول صل الله عليه و آله وسلم وتمجيد لذكره وليس فيها لهو من غناء وغيره بل هو ذكر فقط في سيرة المصطفى صل الله عليه و آله وسلم
ما حكم إذا كان المولد بهذه الصورة أريد جواباً شافياً وواضح لهذا الموضوع لأن الكثير من الناس يرون أنه ليس فيه شئ من البدع لأنه ذكر فقط؟





الجواب :
الشيخ :
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
لا شك أن النبي صل الله عليه و آله وسلم سيد ولد آدم ولا شك أن له حقوقاً علينا أكثر من حقوق أمهاتنا وآبائنا ولا شك أنه يجب علينا أن نقدم محبته على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين ولا شك أن له من المناقب والفضائل ما لم يكن لغيره وهذا أمر مسلم
وإذا كان هذا يسأل عن الاحتفال بمولد النبي 
صل الله عليه و آله وسلم
 فإننا نبحث في هذه المسألة من ناحيتين :

أولاً : من الناحية التاريخية فإنه لم يثبت أن ولادته كانت في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول ولا كانت يوم الثاني عشر من ربيع الأولى بل حقق بعض المعاصرين من الفلكيين
(أن ولادته كانت في اليوم التاسع من ربيع الأول)
وعلى هذا فلا صحة لكون المولد يوم الثاني عشر أو ليلة الثاني عشر من الناحية التاريخية
أما من الناحية التعبدية فإننا نقول : الاحتفال بالمولد ماذا يريد به المحتفلون؟؟
أيريدون إظهار محبة الرسول 


صل الله عليه و آله وسلم 
 ؟
إن كانوا يريدون هذا فإظهار محبته بإظهار شريعته عليه الصلاة والسلام والالتزام بها والذود عنها وحمايتها من كل بدعة
أم يريدون ذكرى رسول الله 


صل الله عليه و آله وسلم 
؟
فذكرى رسول الله 

صل الله عليه و آله وسلم 
حاصلة فيما هو مشروع كل يوم :
فالمؤذنون يعلنون على المنابر أشهد أن محمداً رسول الله والمصلون في كل صلاة يقول المصلى :
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
ويقول : أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
ويقول : اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد بل كل عبادة فهي ذكرى لرسول الله صل الله عليه و آله وسلم وذلك لأن العبادة مبنية على أمرين :
الإخلاص لله 
والمتابعة لرسول الله 

صل الله عليه و آله وسلم

وبالمتابعة لرسول الله 

صل الله عليه و آله وسلم
تكون الذكرى في القلب
أم يريد هؤلاء أن يكثروا من الصلاة على النبي 

صل الله عليه و آله وسلم 
وإظهار مناقبه؟
فنقول : نعم هذه الإرادة ونحن معهم

نحث على كثرة الصلاة على النبي 

صل الله عليه و آله وسلم 
ونحث على إظهار مناقبه 

صل الله عليه و آله وسلم
في أمته لأن ذلك يؤدي إلى كمال محبته وتعظيمه واتباع شريعته
ولكن هل ورد هذا مقيداً بذلك اليوم الذي ولد فيه الرسول 

صل الله عليه و آله وسلم 
؟ أم إنه عام في كل وقت وحين؟
فالجواب بالثاني ثم نقول : اقرأ قول الله عز وجل :
﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾
فهل نحن متبعون للمهاجرين والأنصار في إقامة هذا المولد بل في إقامة الاحتفال بمولد النبي 

صل الله عليه و آله وسلم 
؟
فالجواب : لا لأن الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين من بعدهم لم يقيموا هذا الاحتفال ولم يندبوا إليه أبداً أفنحن أحق برسول الله 

صل الله عليه و آله وسلم
 منهم؟؟
أم هم غافلون مفرطون في إقامة هذا الحق للرسول 

صل الله عليه و آله وسلم 
؟
أم هم جاهلون به لا يدرون عنه؟ كل هذا لم يكن لأن وجود السبب مع عدم المانع لابد أن يحصل مقتضاه والصحابة لا مانع لهم من أن يقيموا هذا الاحتفال لكنهم يعلمون أنه بدعه
وأن صدق محبة الرسول عليه الصلاة والسلام في كمال اتباعه لا أن يبتدع الإنسان في دينه ما ليس منهى فإذا كان الإنسان صادقاً في محبة الرسول 

صل الله عليه و آله وسلم
 وفي اعتقاده أنه سيد البشر فليكن ملتزماً بشريعته :
ما وجد في شريعته قام بهى وما لم يوجد أعرض عنه هذا خالص المحبة وهذا كامل المحبة
ثم إن هذه الموالد يحصل فيها من الاختلاط والكلمات الزائدة في الغلو برسول الله 

صل الله عليه و آله وسلم
 حتى أنهم يترنمون بالبردة المضافة إلى البوصيري وفيها يقول :
(يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ……سواك عند حلول الحادث العمم)
كيف يقول : ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العظيم؟
هل هذا صحيح؟
هذا يعني أن هذا الذي أصيب بالحادث لا يرجع إلى الله عز وجل ولا يلوذ بالله عز وجل وهذا شرك ثم يقول :
إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي ……عفواً وإلا فقل يا زلة القدم
فهل الرسول عليه الصلاة والسلام ينقذ الناس يوم المعاد؟
إن دعاء الرسل عليهم الصلاة والسلام في ذلك اليوم :
اللهم سلم اللهم سلم عند عبور الصراط
ويقول أيضاً في هذه القصيدة وهو يخاطب النبي 

صل الله عليه و آله وسلم
 :
(فإن من جودك الدنيا وضرتها) الدنيا وضرتها هي الآخرة من جود الرسول 

صل الله عليه و آله وسلم
 وليس كل جوده بل هي من جوده وجوده أجود من هذا فإذا جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ماذا بقي لله تعالى في الدنيا والآخرة؟ لن يبقى شيء كل هاتين الدارين من جود النبي 

صل الله عليه و آله وسلم

ويقول أيضاً :
(ومن علومك علم اللوح والقلم) 

-
 سبحان الله! - من علومه -وليست كل علومه- أن يعلم ما في اللوح المحفوظ مع أن الله تعالى أمر نبيه أمراً خاصّاً أن يقول :

﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ﴾
فإذا كان النبي 

صل الله عليه و آله وسلم
 لا يعلم ما غاب عنه في الدنيا فكيف يقال : إنه يعلم علم اللوح والقلم؟ بل إن علم اللوح والقلم من علومه وهذا غلو لا يرضاه الرسول عليه الصلاة والسلام بل ينكره وينهى عنه ثم إنه يحصل بهذا الاحتفال بالمولد أشياء تشبه حال المجانين : سمعنا أنهم بينما هم جلوس إذا بهم يفزون ويقومون قيام رجل واحد ويدَّعون أن النبي 

صل الله عليه و آله وسلم
 حضر في هذا المجلس وأنهم قاموا احتراماً له وهذا لا يقع من عاقل فضلاً عن مؤمن أشبه ما به جنون! فالنبي 

صل الله عليه و آله وسلم

 في قبره لا يخرج إلى يوم البعث كما قال الله عز وجل :

﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾

والخلاصة :
أن الاحتفال بمولد النبي 

صل الله عليه و آله وسلم
 لا يصح من الناحية التاريخية ولا يحل من الناحية الشرعي وأنه بدعة وقد قال أصدق الخلق وأعلم الخلق بشريعة الله : "كل بدعة ضلالة"

وإني أدعو إخواني المسلمين إلى تركه والإقبال على الله عز وجل وتعظيم سنة النبي 

صل الله عليه و آله وسلم
 وشريعته وألا يحدث الإنسان في دين الله ما ليس من شريعة الله وأنصحهم أن يحفظوا أوقاتهم وعقولهم وأفكارهم وأجسامهم وأموالهم من إضاعتها في هذا الاحتفال البدعي وأسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية والتوفيق وإصلاح الحال إنه على كل شيء قدير

📕   المصدر :
سلسلة فتاوى نور على الدرب للشيخ بن عثيمين رحمه الله

🔊 رابط المقطع الصوتي 

ليست هناك تعليقات