مهنة الجزار في الإسلام الجزء الثانى


(الغش في بيع اللحوم)

حذر النبي صل الله عليه وسلم من الغش وتوعد فاعله
قال النبي صل الله عليه وسلم :
من غشنا فليس منا
[رواه مسلم]

ومن مظاهر الغش الذي يقع فيها بعض الجزارين :
- بيع بعض اللحوم الفاسدة
- خلط اللحم الرديء بالجيد
- نفخ الذبيحة التي يراد بيعها ليبين للمشتري أن المنفوخ كله لحم
- تغذية الحيوانات بالملح وكذلك محلات بيع الدجاج حتى يظن المشتري أنها سمينة وهي خلاف ذلك
- والأسوأ من ذلك أن تموت بعض الأنعام فيقوم الجزار بذبحها وسلخها وتقطيعها وبيعها مع بقية اللحوم الأخرى وهذا جرم وأثم عظيم لأن الميتة لا يجوز أكلها ومن أقدم على ذلك فقد ارتكب إثمًا عظيمًا وجرمًا قبيحًا


(حكم الدم المسفوح الذي يصيب الجزار عند الذبح)

أولًا : الدم المسفوح نجس بإجماع العلماء
والدم المسفوح هو الذي يخرج من الذبيحة عند الذبح
أما الدم الذي يخالط اللحم أو يبقى في العروق فلا يسمى دمًا مسفوحًا

ثانيًا : قبل الدخول في الصلاة الواجب تطهير البدن وتطهير الملابس التي يصيبها الدم أو تغييرها
لأن من شروط صحة الصلاة إزالة النجاسة من الثوب أو البدن أو البقعة لقوله صل الله عليه وسلم :
إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا
[رواه أبو داود / 650 و صححه الألباني]

لكن أكثر العلماء رحمهم الله قيدوا ذلك بالدم الكثير أم اليسير فإنه يعفى عنه
قال الحجاوي رحمه الله :
"ويعفى في غير مائع ومطعوم عن يسير دم نجس من حيوان طاهر"

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" العفو : التسامح والتيسير
والمائع : هو السائل كالماء واللبن والمرق : والمطعوم : ما يطعم كالخبز وما أشبه
فيعفى في غير هذين النوعين كالثياب والبدن والفرش والأرض وما أشبه ذلك عن يسير دم نجس... إلخ "
[الشرح الممتع : 1/439]

والمرجع في حد القليل والكثير هو العرف
وقد صرح غير واحد من الفقهاء بأن الجزار ونحوه هو في محل العفو عن يسير النجاسات التي يصيب بدنه وثوبه بحكم مهنته خاصة إذا اجتهد في توقي ذلك وإزالة ما أصابه منها أو شق عليه تغيير ملابسه لأجل الصلاة
[انظر : الإسلام سؤال وجواب : فتوى / 176790]

(إرشادات مهنة الجزار)

العلم بكيفية الذبح وآدابه وأحكامه وما يخص أحكام الذبائح الخاصة كالعقيقة والكفارات والنذور والأضحيات وغير ذلك من الأحكام التي قد تخفى على المشتري
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
[الحجر : ]
طلب العلم فريضة على كل مسلم
[رواه أبو يعلى والطبراني وصححه الألباني]

التقوى والورع في المعاملات التي يتعاطاها في محيط عمله فيبتعد عن الحرام ويتقي الشبهات ما استطاع سبيلا
{فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}
[التغابن : 16]
الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشبهاب استبرَأَ لدِينهِ وعِرْضِهِ ومَنْ وقَعَ فِي الشبُّهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى
[متفق عليه]

التحلي بالقوة البدنية فطبيعة المهنة تحتاج إلى بذل جهد كبير
فتمتع الجزار بالقوة البدنية مما يساعده على القيام بعمله على أتم وجه
{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }
[القصص : 26]

 ذكر اسم الله عز وجل عند الذبح فقد قال تعالى :
{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ}
[الأنعام : 121]

النظافة الشخصية والعامة لكثرة التعرض للدماء مما قد يتسبب في نقل كثير من الأمراض للجزار أو للمشتري
{إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }
[البقرة : 222]

 تمام النصيحة للزبائن وإرشادهم لأجود الأنواع وأفضل الأسعار
الدين النصيحة
[رواه مسلم]

 الرحمة بالعاملين معه وكذلك مع زملاء العمل
من لا يرحَم لا يُرحم
[رواه البخاري]

الوفاء بالعهود مع الزبائن والتجار
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
[المائدة:1]


(توصيات أخرى)

الحرص على أن يكون هناك زي للمهنة تخلعه بمجرد الانتهاء من العمل
عرض الحيوانات المصابة على الطبيب البيطري وعلاجها قبل ذبحها

الإحسان إلى الذبيحة ورحمتها
إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته
[رواه مسلم]

ويتحقق الإحسان في عملية الذبح بما يلي :
*أن تكون آلة الذبح حادة تماما حتى لا تتعذب البهيمة أثناء الذبح
*عدم رؤية البهيمة لآلة الذبح حيث إنها تعرف وتتألم لذلك ولا تحدّها بحضرة الذبيحة
*عدم ترك الحيوان فترة طويلة وهو ينتظر ذبحه ويري غيره من الحيوانات وهي تذبح أمامه فيفرز هرمونات الخوف في اللحم التي تؤدي إلى الإصابة بمجموعة من الأمراض وزيادة تراكمها يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان
*الراحة وعدم الإجهاد بحيث يتم إراحة الحيوان قبل الذبح على الأقل باثنتي عشرة ساعة فلا تعرضها للإجهاد من خلال إجبارها على الجري أو نقلها من مكان بعيد وفي ظروف غير مناسبة لتجنب قلة النزف للذبيحة وعدم جودة لحمها
*إسقاء الحيوان كميات كافية من المياه قبل الذبح لتقليل ميكروبات الأمعاء ولتسهيل عملية السلخ ونزع الجلد
*ينبغي تصويم الحيوان قبل الذبح بحوالي اثنتي عشرة ساعة لتقليل كمية بكتيريا الأمعاء التي تحدث مع الهضم وليكون شكل لحومها أفضل
*إراحة الذبيحة بإضجاعها على جنبها الأيسر ووضع رجل الذابح على الجانب الأيمن ليكون أسهل في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار
*استقبال القبلة وتوجيه الذبيحة إليها
*نحر الإبل قائمة معقولة الرجل اليسرى
*التأكد أن البهيمة فارقتها الروح تماما قبل فصل رأسها عن جسدها رحمة بها وحتى لا تتعذب وتتألم فلا يُتعجل بكسر عنق الحيوان أو سلخه قبل زهوق الروح
*عدم الإدماء الجيد يؤثر على مدة حفظ اللحوم نتيجة لاحتواء الدم على مواد ومخلفات تسرع من فساد الذبائح والمصنعات كما يؤدي إلى ارتفاع حمض البوليك باللحوم فيرفع حموضة دم الإنسان عندما يتغذى عليها ويؤدي للإصابة بكثير من الأمراض
*النفخ بالفم في سلخ الذبيحة قد يؤدي إلى إصابة الذبيحة بالميكروبات خاصة إذا كان الجزار مريضا بأمراض تنفسية كما قد يصاب هو بالأمراض
*الحرص أثناء استعمال السكاكين وعدم الإشارة لأحد بها
نهى رسول الله صل الله عليه وسلم عن الإشارة للمسلم بالسلاح
[متفق عليه]

*التخلص من الدم وحوايا المعدة والأمعاء في مجاري المياه مع استعمال المنظفات والمطهرات

*الاطلاع على معلومات أساسية فيما يخص الأمراض المنتشرة حديثًا كجنون البقر وغيرها من الأمراض لمعرفة الأعراض الملازمة لتلك الأمراض وكيفية انتقال المرض وكيفية الوقاية منه والحرص على التواصل مع الجهات المسؤولة حال الاكتشاف أو الشك في وجودها

(محاذير مهنة الجزار)

1. الخلف في مواعيد التسليم أو الصفة المتفق عليها عند التسليم
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا }
[الإسراء : 34]

2. ترويج السلعة بالحلف الكذب
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ... والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
[رواه مسلم]

3. بيع أنواع من اللحوم على غير ما هي عليه
كبيع لحم مستورد على أنه لحم بلدي أو غيره أو بيع لحم محرم ابتغاء زيادة الكسب
من غشنا فليس منا
[رواه مسلم]

4. استخدام الألفاظ القبيحة في مخاطبة العمال أو الزبائن
إن الله لا يحب الفاحش المتفحش
[رواه أبو داود وصححه الألباني]

5. التعامل بكبر وخيلاء
لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر
[رواه مسلم]

6. اتساخ مكان العمل وتلويث البيئة برمي مخلفات الذبح في أماكن عامة
الإيمان بضع وستون شعبة ... أدناها إماطة الأذى عن الطريق
[رواه مسلم]

ليست هناك تعليقات