مهنة الحلاق في الإسلام الجزء الأول


(وصل الشعر)

وصل الشعر للرجل محرم تحريمًا شديدًا لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر وعائشة أن رسول الله صل الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة
فإذا كان ذلك في حق المرأة التي تصل شعرها للتزين وقد شرع لها من الزينة ما حرم الرجل منه كلبس الذهب والحرير فهو في حق الرجل أولى
[انظر موقع إسلام ويب : فتوى/ 27362]


(صبغ الشعر)

صبغ الشعر فيه تفصيل :
إذا كان الصبغ باللون الأسود فجمهور العلماء على تحريمه لما ورد فيه من النهي عن النبي صل الله عليه وسلم وذلك في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : أتى بأبى قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول اللَّه صل الله عليه وسلم :
غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد
[رواه مسلم/ 5631]
ولحديث :
يكون أقوام يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة
[رواه أبو داود/ 4212]

قال ابن حجر : إسناده قوي
إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع
[فتح الباري : 6/499]

فصبغ الشعر بالسواد لا يشرع سواء كان الشعر أحمر أم أبيض وقد نص العلماء على أن العلة في النهي عن الصبغ بالسواد ما فيه من التدليس والخداع وإظهار الإنسان بغير حقيقته خاصة وأن الإنسان قد يُعرف عمره من لون شعره من سواد وبياض واختلاط فصبغ الشعر باللون الأسود يعني أنه شاب وقد يكون كهلًا أو شيخًا كبيرًا

وعلى هذا فلا يجوز للحلاق أن يصبغ شعور الزبائن باللون الأسود لأن فيه تعاونا على الإثم والله يقول :
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَنِ}
[المائدة : 2]

أما الصبغ بلون غير الأسود فقد أجازه العلماء لقول النبي صل الله عليه وسلم :
يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا الأعاجم
[رواه أحمد/ 21780]
وقال صل الله عليه وسلم :
إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم
[رواه الترمذي/ 1753]
وقد خضب أبو بكر رضي الله عنه بالحناء والكتم
[رواه مسلم/ 2341]

 وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
"تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد
والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة
أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء لقول النبي صل الله عليه وسلم :
غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد
[فتاوى اللجنة الدائمة : 5/ 189]

ولكن ينبغي التنبّه إلى القاعدة العامة في أمر الزينة وغيرها أنه يمنع منها ما كان فيه تشبه محرّم كالتشبه بالكفار أو الفسقة فإنه يحرم لقول النبي صل الله عليه وسلم :
من تشبه بقوم فهو منهم
[رواه أبو داود/ 4031 وصححه الألباني]

ولهذا يُحتاج قبل الحكم بجواز صورة من صور الصبغ المسؤول عنها إلى التأكد من كونها ليست تقليدًا للكفار أو الفسقة أو أحد من يظهرونهم للشباب باعتبارهم قدوات من المغنين واللاعبين ونحوهم

كما أنه يمنع من الصبغ بما يُعد نوعًا من التميُّع والتشبّه بالنساء لنهيه صل الله عليه وسلم عن هذا التشبّه ولعنه فاعله
[رواه البخاري/ 5435]


(حكم نتف الشيب من الرأس واللحية)

نتف الشيب فيه تفصيل :
- إذا كان الشيب في الرأس أو الشارب فإنه يكره نتفه - سواء القائم بذلك الشخص نفسه أو الحلاق أو غيرهما - للأحاديث الواردة عن النبي صل الله عليه وسلم في ذلك منها :
عن كعب بن مرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللَّه صل الله عليه وسلم يقول :
من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة
[رواه الترمذي/ 1634 صححه الألباني]

وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صل الله عليه وسلم قال :
من شاب شيبة في سبيل اللَّه كانت له نورا يوم القيامة
[رواه الترمذي/ 1635 وصححه الألباني]

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : 
الشيب نور المؤمن لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة ورفع بها درجة
[رواه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة/ 1243]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
لا تنتفوا الشيب فإنه نور يوم القيامة من شاب شيبة في الإسلام كانت له بكل شيبة حسنة ورفع بها درجة
[رواه ابن حبان إسناده حسن انظر السلسلة الصحيحة : 3/247]

وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
الشيب نور في وجه المسلم فمن شاء فلينتف نوره
[رواه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة/ 1244]

فهذه الأحاديث تدل على كراهة نتف الشيب إذا كان من الرأس أو الشارب

- أما إذا كان الشيب في اللحية فإنه يحرم نتفه
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم نتف الشيب من الرأس واللحية؟

فأجاب : أما من اللحية أو شعر الوجه فإنه حرام لأن هذا من النمص فإن النمص نتف شعر الوجه واللحية منه وقد ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه لعن النامصة والمتنمصة
ونقول لهذا الرجل إذا كنت ستتسلط على كل شعرة أبيضت فتنتفها فلن تبقى لك لحية فدع ما خلقه الله على ما خلقه الله ولا تنتف شيئًا
أما إذا كان النتف من شعر الرأس فلا يصل إلى درجة التحريم لأنه ليس من النمص"
[مجموع فتاوى ابن عثيمين : 11/123]

(حكم نتف الشعر بالخيط والملقاط)

نتف الشعر بالخيط أو بغيره فيه تفصيل :
- إذا كان النتف لشعر اللحية والحاجبين فإنه لا يجوز ويحرم على الحلاق أن يلبي طلب من يريد ذلك لأنه تعاون على الإثم والله يقول :
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
[المائدة : 2]

- أما إذا كان النتف لغير شعر اللحية والحاجبين فالصحيح من أقوال العلماء أنه يجوز ذلك


(أخذ الأجرة على حلق اللحى)

حلق اللحى حرام وأخذ الأجرة على حلق اللحى حرام ويعد كسبًا خبيثًا كما ذكر ذلك العلماء
فقد سئل الشيخ ابن باز :
بعض أصحاب صالونات الحلاقة يحلقون لحى بعض الناس فما حكم المال الذي يأخذونه بسبب عملهم؟
فأجاب : "حلق اللحى وقصها محرم ومنكر ظاهر لا يجوز للمسلم فعله ولا الإعانة عليه وأخذ الأجرة على ذلك حرام وسحت يجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله منه وعدم العودة إليه والصدقة بما دخل عليه من ذلك إذا كان يعلم حكم الله سبحانه في تحريم حلق اللحى فإن كان جاهلاً فلا حرج عليه فيما سلف وعليه الحذر من ذلك مستقبلاً لقول الله عز وجل في أكلة الربا :
{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :
قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وفي صحيح البخاري عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :
قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :
جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الله في إعفاء لحيته وتوفيرها وقص الشارب وإحفائه ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من خالف هذه السنة وبارز ربه بالمعصية"
[مجموع فتاوى ابن باز : 8/372]


(الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته)

قسم العلماء الشعور من حيث الإزالة وعدمها إلى ثلاثة أقسام :

1. شعور جاء الأمر بإزالتها أو تقصيرها وهي ما تعرف بسنن الفطرة كشعر العانة وقص الشارب ونتف الإبط ويدخل في ذلك حلق أو تقصير شعر الرأس في الحج أو العمرة
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
عشر من الفطرة : قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء
قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة
[رواه مسلم/ 261]
انتقاص الماء : يعني الاستنجاء

2. شعور جاء الأمر بحرمة إزالتها ومنه شعر الحاجب ويسمى هذا الفعل بـ " النمص " وكذا شعر اللحية
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله
[رواه البخاري/ 5931 و مسلم/ 2125]

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب
[رواه البخاري/ 5892 و مسلم/ 259]

قال النووي رحمه الله :
النامصة : هي التي تزيل الشعر من الوجه
والمتنمصة : التي تطلب فعل ذلك بها
وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا"
[شرح النووي لصحيح مسلم : 14 / 106]

3. شعور سكت عنها النص فلم يأمر بإزالتها أو وجوب إبقائها كشعر الساقين واليدين والشعر الذي ينبت على الأذنين والرقبة والجبهة -والخدين بالنسبة للنساء أما الرجال فهو من اللحية- فهذه الشعور التي سكت عنها الشرع الصحيح أنها في حكم المباح فيجوز إزالتها وتركها

[انظر : موقع الشيخ ابن باز فتوى/ 9655 - وموقع الإسلام سؤال وجواب : فتوى/ 9037]

(حكم أجرة الحلاق)

الأجرة التي يأخذها الحلاق فيها تفصيل :
- إذا كان الحلاق يحلق للرجال رؤوسهم ولا يتعدى الصفة المشروعة بمعنى أنه لا يحلق على تلك الهيئات المنكرة والمكروهة - كالقزع مثلا - فإن كسبه حلال طيب

- أما إذا كان يحلق للرجال لحاهم ويحلق لهم على الصفة التي يطلبون ولو كان فيها تشبه بالكفار أو مخالفة لهدي الإسلام فإنه يكون قد اكتسب حرامًا

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله سائل فقال :
"أرجو معرفة العائد من مهنة الحلاقة الرجالية من أموال هل هذا العائد من المال حرام نرجو بهذا الإفادة؟
فأجاب : هذا فيه تفصيل إذا كانت الحلاقة للرأس فلا بأس والعائد منها حلال طيب لا بأس أما إن كان الحلاق يحلق لحى الناس فهذا منكر والعائد منها خبيث لا يجوز فالواجب على الحلاقين أن يتقوا الله يأبون حلق اللحى ينصحونه ويقولون : لا يجوز 
الرسول صل الله عليه وسلم يقول :
قصوا الشوارب وأعفو اللحى خالفوا المشركين 
وقال صل الله عليه وسلم :
قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين
وقال صل الله عليه وسلم :
جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس

فالحلاق لا يحلق اللحى ولا يقصها وينصح من يطلب ذلك ويمتنع من موافقته والكسب الذي يأتي من طريق حلق اللحى خبيث ومحرم نسأل الله العافية"
[فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر : 19/ 274]


(حكم احتراف مهنة الحلاقة)

مهنة الحلاقة من المهن المباحة ما دامت تمارس وفق الضوابط الشرعية فإذا خالفت الضوابط الشرعية فيتغير حكمها حسب تلك المخالفات
وقد ذكر العلماء ضوابط العمل في تلك المهنة وهي :
1. أن لا يكون الحلق أو التقصير فيه تشبه بالكافرين لقول النبي صل الله عليه وسلم : 
من تشبه بقوم فهو منهم
[رواه أبو داود/ 4031 وصححه الألباني]

2. أن يقتصر الحلق أو التقصير على شعر الرأس ولا يتعدى للحية
لأن النبي صل الله عليه وسلم أمر بإعفائها فقال :
خالفوا المشركين : وفروا اللحى وأحفوا الشوارب
[رواه البخاري/ 5892]

3. أن لا يُتَعرض لشعر الحاجبين سواء بالنمص أوالحف لقول النبي صل الله عليه وسلم :
لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله
[متفق عليه]

وإن كان لفظ الحديث موجهًا للنساء إلا أنه يعم الرجال فالعبرة بعموم المعنى لا خصوص السبب ويوضح ذلك أن العلة التي من أجلها حرم الشرع النمص وهي تغيير خلق الله متحققة أيضًا في تصرف الرجل كالمرأة
[انظر : فتاوى إسلامية : 4/ 317 - والإسلام سؤال وجواب : فتوى/ 34722]


(العمل في صالونات النساء)

لا يجوز للرجل أن يعمل في الصالونات المخصصة للنساء مطلقًا لأن هذا العمل يترتب عليه كثير من المنكرات
كالاطلاع على العورات
واللمس للبشرة
والنظر
والاختلاط
وغيرها من المنكرات التي تجر إلى الفاحشة

ليست هناك تعليقات