امرأة تحركت الجيوش من أجلها

في عام 90 هجرية وقعت حادثة كان لها أثر كبير علي السياسة العامة لدولة الإسلام في ذلك الوقت جعلت الوزير الشهير الحجاج بن يوسف الثقفي يعقد العزم علي فتح بلاد السند
فقد أهدى ملك جزيرة الياقوت ( ويطلق عليه أيضًا سرنديب سيلان وهي الآن سيرلانكا ) إلي الحجاج والخليفة تحفًا نادرة وهدايا ثمينة من الدرر والجواهر وكثيرًا من الغلمان والجواري وحمل كل ذلك علي ثماني عشرة سفينة كبيرة ووجهها نحو العراق وبعض هذه السفن كانت سفنًا تجارية عربية
وكانت بعض تلك السفن تحمل مجموعة من النساء المسلمات اللاتي ولدن في بلاد سيلان وقد مات أباؤهن وكانوا تجارًا بها وبعضها تحمل الحجاج العرب والنسوة العربيات كانوا يقصدون مشاهدة دار الخلافة وزيارة بيت الله الحرام فقد أراد الملك السيلاني أن يتقرب بذلك من الحجاج والخليفة ويعبر عن تقديره للمسلمين
وبينما كانت السفن تسير في طريقها إلي العراق مارة بالقرب من ميناء الديبل ببلاد السند خرجت جماعة من اللصوص يقال لهم تكامرة من سكان الديبل واستولوا علي السفن ونهبوا الأموال وأخذوا النسوة المسلمات والجواري والتجار , فنادت امرأة من بني يربوع : يا حجاج
واستطاع بعض التجار في السفن من الهرب إلي الحجاج إلذي سمع القصة منهم فتضايق وغضب حين علم بوقوع النسوة المسلمات في أيدي هؤلاء اللصوص القراصنة السند وقال : يا لبيك يا أختي
وكان الحجاج متضايقًا منذ سنين عديدة من تصرفات هؤلاء القراصنة وهجومهم علي السفن التجارية العربية بين حين وآخر ومن حماية ملك بلاد السند للعلافيين العرب المتمردين ضد الدولة الأموية وهذه الحادثة أشعلت نار الغضب في نفس الحجاج إلا أنه قرر أن يسلك طريقة دبلوماسية لإنقاذ تلك النسوة فإن لم تنفع فعليه تدبر الأمر بالقوة

وأرسل الحجاج مبعوثًا مع رسالة إلي واليه محمد بن هارون في مكران وأمره أن يبعث المبعوث المذكور إلي دار ملك السند وسلم المبعوث العربي رسالة الحجاج إلي الملك داهر بشأن الإفراج عن السيدات المسلمات والتجار العرب وإعادة السفن
ولكن ملك السند داهر أجابه برد جاف شديد بأن الذين استولوا علي تلك السفن جماعة من القراصنة اللصوص ولا يستطيع القبض عليهم وكان الملك قادرًا علي إعادة النسوة والتجار
وقد ثبت بعد سنتين من الحادثة أن تلك النسوة والتجار العرب كانوا في سجن الديبل وأن بعض النسوة كن في العاصمة السندية نفسها مما يدل علي تشجيع الملك للقراصنة وإشتراكه في العملية ضد العرب وكذلك تشجيعه بتقديم المساعدات إلي العرب المتمردين كالعلافيين للعمل ضد الحكم الإسلامي في إقليم مكران من بلاد السند
وعلي أي حال اشتد غضب الحجاج ونفذ صبره وازداد غيظًا حين سمع رد الملك السندي
ذلك الرد السلبي الذي لا يقبله المنطق فكيف لملك قوي مثله لا يستطيع القبض علي أولئك القراصنة إن صح ذلك بأنهم كانوا قراصنة وليسوا من التابعين له وأين يختتفي هذا العدد الكبير من النسوة المسلمات والتجار وتلك الأموال والبضائع الكثيرة في مدينة صغيرة كمدينة الديبل ؟
ولذلك أصبح من حق الحجاج أن يتأكد من سوء نية الملك داهر نحو العرب وأن العرب يفكر في كيفية إنقاذ تلك النسوة المسلمات ولو بإرسال جيش إلي الديبل فبعث الحجاج عدة حملات عسكرية كبرى بقيادة محمد بن القاسم
ولقد استطاع محمد بن القاسم رحمه الله بعد عامين من الجهاد أن يصل إلي السجن الكبير الذي كان ملك السند قد احتجز فيه جمعًا من المسلمين والمسلمات بعضهم من التجار ونسائهم وبعضم من أسرى الحرب ونساء فقدْن أولياءهن من التجار الذين هلكوا في تلك البلاد وما حولها فأفرج عنهم وتركهم فترة للراحة ثم أعادهم إلي وطنهم الإسلامي وحقق ابن القاسم في ذلك إجابة الحجاج حينما قال : يا لبيك , لنداء تلك المرأة المسلمة التي قالت من وراء القضبان : يا حجاج

#كنا_جبالا
#كن_مثلهم

علي كمال

ليست هناك تعليقات