مهنة الحرفي في الإسلام الجزء الثالث

(عقد الإستصناع)

عقد الإستصناع :
أن يطلب إنسان من آخر شيئًا لم يصنع بعد ليصنع له طِبق مواصفات محددة بمواد من عند الصانع مقابل عوض مالي

عقد الاستصناع ملزم للطرفين بشروطه :
وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة - ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط الآتية :
1) بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة

2) العلم بالثمن جنسًا ونوعًا وقدرًا وصفة

3) أن يحدد فيه الأجل
[قرره مجمع الفقه الإسلامي ليتماشى مع المعاملات المعاصرة بل أوجب ذكره حسمًا للنزاع]

4) أن يكون المصنوع مباحًا مما يجري فيه تعامل الناس كالثياب والأحذية والآلات لأن العبرة في العقود المقاصد النافعة
[موسوعة الفقه الإسلامي : 3/ 465]

حكم تأجيل كل الثمن في عقد الاستصناع :
يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة

حكم تضمين عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا :
يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة
[قرار مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي رقم (65) : 3 / 7]

(العمل في أماكن الحرام)

العمل في أماكن الحرام حرام لأن فيه إعانة لأهلها على باطلهم وتسهيلًا لهم في ارتكاب المحرمات والله سبحانه يقول :
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان }
[المائدة : 2]

فأماكن الحرام كالبنوك الربوية والكنائس وحانات الخمور وأماكن الراقص والغناء والفجور وغيرها من الأماكن التي تعد للحرام لا يجوز العمل فيها ولا إصلاح ما يحتاجون إلى إصلاحه ولا تجهيز ما يطلبونه أو يحتاجونه لأن كل ذلك يعينهم على فعل المحرمات وارتكاب المنكرات

(حكم الأجرة التي أخذت على عمل محرم)

الأجرة المأخوذة على عمل محرم يعد كسبًا خبيثًا وقد نهينا عن أكل الحرام بكل صوره وأشكاله فمن أخذ أجرة على عمل محرم يلزمه التخلص من هذا المال

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
"ومن أخذ عِوضًا (الأجرة) عن عين محرمة أو نفع استوفاه مثل أجرة حَمَّال الخمر وأجرة صانع الصليب وأجرة البَغِيّ ونحو ذلك :
فليتصدق بها وليتب من ذلك العمل المحرم وتكون صدقته بالعوض (الأجرة) كفارة لما فعله فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به لأنه عوض خبيث ولا يعاد إلى صاحبه لأنه قد استوفى العوض ويتصدق به
كما نص على ذلك من نَصَّ من العلماء
كما نَصَّ عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر
ونص عليه أصحاب مالك وغيرهم"
[مجموع الفتاوى : 22 / 141 - 142]


(تصميم الملابس وخياطتها)

تصميم الملابس أو تصنيعها وخياطتها وبيعها يأخذ حكم لبسها تماماً فما جاز لبسه من الملابس جاز تصميمه وصناعته وخياطته وما لم يجز لبسه لم يجز تصميمه وصناعته والمتاجرة به
والملابس كما يبدو لها ثلاث حالات :
1) ملابس مباحة مطلقًا :
وهي الملابس التي تستعمل على وجه مباح عادةً كعامة ملابس الرجال والأطفال والملابس النسائية الساترة أو التي تلبس عادة بين النساء أو تلبسها المرأة في بيتها وهذه لا حرج في تصميمها وخياطتها وتصنيعها وبيعها

2) ملابس محرمة :
وهي الملابس الرجالية المصنوعة من الحرير أو الملابس النسائية غير الساترة والتي تستعمل عادة في المناسبات العامة أو للظهور بها أمام الناس أو يغلب على الظن استعمال النساء لها بشكل محرم فهذه الملابس لا يجوز تصميمها ولا خياطتها ولا تصنيعها لما فيها من الإعانة على الحرام
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم"
[شرح العمدة : 4/ 386]
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :
" كل ما يستعمل على وجه محرم أو يغلب على الظن ذلك فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله من لبس الملابس الشفافة والضيقة والقصيرة ويجمع ذلك كله :
إظهار المفاتن والزينة وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب"
[فتاوى اللجنة الدائمة : 13/ 109]

3) ملابس تستعمل في المباح أو الحرام على حد سواء وذلك بحسب إرادة من يلبسها فقد تلبسها المرأة لزوجها أو أمام النساء والمحارم وقد تلبسها أمام الرجال الأجانب
فمثل هذه الملابس الأصل إباحة صنعها لأن لها وجوهًا من الاستعمال المباح ويتحمل وزرها من استعملها في الوجه المحرم
[موقع الإسلام سؤال وجواب : فتوى 197328]

(حكم خياطة ثياب الحرير للرجال)

لباس الحرير محرم على الرجال حلال للنساء لأن النبي صل الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله ثم قال :
إن هذين حرام على ذكور أمتي
[رواه أبو داود 4057]
فخياطة ثياب الحرير الطبيعي -وليس الحرير الصناعي- للرجال حرام لأن فيها إعانة على المعصية والله يقول :
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }
[المائدة : 2]

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"إذا أعان الرجلَ على معصية الله : كان آثمًا لأنه أعان على الإثم والعدوان ولهذا لعن النبي صل الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها
وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي إنما هم يعاونون على شربه"
[مجموع الفتاوى : 22/ 141-142]

(حكم خياطة الرجال لثياب النساء)

الأصل في خياطة الثياب الإباحة سواء كانت للرجال أم للنساء ولكن إذا اقترنت بها محظورات شرعية فإن الحكم ينتقل من الإباحة إلى الحرمة بسبب ما اقترن به من محظورات ومن هذه المحظورات :
1) أخذ مقاسات النساء ومقايسة أحجامهن مباشرة أما إذا كانت المقاسات مكتوبة أو تأخذ من ثياب سابقة فلا بأس

2) خياطة الملابس القصيرة أو الشفافة أو الضيقة للنساء المتبرجات اللاتي يستخدمن تلك الملابس في تبرجهن مع العلم بذلك
أما إذا كانت تلك الملابس لا تستخدم للتبرج أو لا يعلم حال من تلبسها فلا بأس بتفصيلها وخياطتها

3) خياطة أو تفصيل الملابس بصفة فيها تشبه باللباس الخاص بالكافرات


(حكم خياطة الصليب على الملابس أو خياطة سير له)

سئل ابن تيمية عن خياط خاط للنصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا؟
فقال : إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما لأنه أعان على الإثم والعدوان
ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرمًا كقتال المسلمين والقتال في الفتنة فإذا كان هذا في الإعانة على المعاصي فكيف بالإعانة على الكفر وشعائر الكفر
ثم قال : والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها
كما ثبت في الصحيح عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :
إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام وثبت أنه لعن المصورين
وصانع الصليب ملعون لعنه الله ورسوله

ومن أخذ عوضا عن عين محرمة مثل أجرة حامل الخمر وأجرة صانع الصليب وأجرة البغي ونحو ذلك فليتصدق به وليتب من ذلك العمل المحرم وتكون صدقته بالعوض كفارة لما فعله فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به لأنه عوض خبيث ولا يعاد إلى صاحبه لأنه قد استوفى العوض ويتصدق به..."
[مجموع الفتاوى : 22/141-142]

ليست هناك تعليقات