موسوعة الرد على الشيعة الجزء الرابع العقيدة (أكاذيب و ردود 3)


تبرك الشافعي بقبر أبي حنيفة

هذه قصة لا تثبتُ عن الإمامِ الشافعي يتشدقُ بها البعض في مسألةِ التوسلِ بالأمواتِ الصالحين ولا تكاد تجدُ مبتدعاً يتكلمُ عن التوسلِ إلا ويوردُ قصة توسل الشافعي بقبرِ أبي حنيفة لكي يحتجُ بها على أهلِ السنةِ في تجويزِ التوسلِ بالصالحين


ونقول كما قال الأولون :

" أثبت العرش ثم انقش "

نَصُ القِصَّةِ :

أخرجَ الخطيبُ البغدادي في " تاريخ بغداد "
(1/123) بسنده فقال :
أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري قال : أنبأنا عمر بن إبراهيم المقرئ قال : نبأنا مُكرم بن أحمد
قال : أنبأنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم

قال : نبأنا علي بن ميمون
قال : سمعت الشافعي
يقول : إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم -يعني زائراً- فإذا عرضت لي حاجة صليتُ ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى عنده فما تبعد عني حتى تُقضى

نَقْدُ العُلَمَاءِ لِلقِصَّةِ :

قال العلامة الألباني عن سند هذه القصة في الضعيفة (1/31ح22) :
فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ويحتمل أن يكون هو " عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي وقد ترجمه الخطيب وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341 هـ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247 هـ على أكثر الأقوال فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أن يكون قد أدركه

وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل


وقد رد العلامة الألباني على الكوثري في نفس الموضع فقال :

وأما قول الكوثري في مقالاته : وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح فمن مبالغاته بل مغالطاته

و كذب شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله القصة ورد على ما جاء فيها فقال في " اقتضاء الصراط المستقيم " (2/692) :

" ... الثاني : أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل لو كان حسناً لفعله المتقدمون ولم يفعلوه فإن هذا من باب تناقض الإجماعات وهي لا تتناقض وإذا اختلف فيها المتأخرون فالفاصل بينهم :
هو الكتاب والسنة وإجماع المتقدمين نصاً واستنباطا فكيف –والحمد لله- لم ينقل عن إمام معروف ولا عالم متبع
بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال :
...فذكره أو كلاما هذا معناه وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل
فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء
فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده
ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم ولم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره

ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها

وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه
وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبه أحاديث عمن لا ينطلق عن الهوى صل الله عليه وسلم لما جاز التمسك بها حتى تثبت فكيف بالمنقول عن غيره ؟

وقال الإمامُ ابنُ القيمِ في " إغاثة اللهفان "

(1/246) :
والحكايةُ المنقولةُ عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاءَ عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر

وقال العلامة المعلمي في " طليعة التنكيل "

(ص58 - 60) بعد أن بين ضعف سندها وفصل فيه :
هذا حال السند ولا يخفى على ذي معرفة أنه لا يثبت بمثله شيء ويؤكد ذلك حال القصة فإن زيارته قبر أبي حنيفة كل يوم بعيد في العادة وتحريه قصده للدعاء عنده بعيد أيضا إنما يعرف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها بعد عصر الشافعي بمدة فأما تحري الصلاة عنده فأبعد وأبعد


شبهة توسل عمر بن الخطاب بعم النبي صل الله عليه وسلم

حديث : أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال :

(اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون)
رواه البخاري

يقول الشيعة أنه يدل على جواز التوسل بجاه الأولياء


الجواب :

من تأمل الحديث وجد أنه دليل على عدم التوسل بجاه النبي صل الله عليه وسلم أو غيره
وذلك أن التوسل هو اتخاذ وسيلة
والوسيلة هي الشيء الموصل إلى المقصود
والوسيلة المذكورة في هذا الحديث (نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) المراد بها التوسل إلى الله تعالى بدعاء النبي صل الله عليه وسلم كما قال الرجل :
(يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا)
ولأن عمر قال للعباس :
(قم يا عباس فادع الله فدعا)
ولو كان هذا من باب التوسل بالجاه لكان عمر رضي الله عنه يتوسل بجاه النبي صل الله عليه وسلم قبل أن يتوسل بالعباس لأن جاه النبي صل الله عليه وسلم أعظم عند الله من جاه العباس وغيره
فلو كان هذا الحديث من باب التوسل بالجاه لكان الأجدر بأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يتوسل بجاه النبي صل الله عليه وسلم دون جاه العباس بن عبد المطلب

والحاصل :

أن التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به
فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء النبي صل الله عليه وسلم لهم
وكذلك عمر رضي الله عنه توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فلا بأس إذا رأيت رجلاً صالحاً حرياً بالإجابة لكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالاً وكونه معروفاً بالعبادة والتقوى لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب بشرط أن لا يحصل في ذلك غرور لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء فإن حصل منه غرور بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه لأن ذلك يضره

أيضاً نقول :

إن هذا جائز ولكن لا يستحب والإفضل أن الإنسان يسأل الله تعالى بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله وأن ذلك أقوى في الرجاء وأقرب إلى الخشية
ولمزيد الفائدة حول حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما وبيان أن هذا التوسل كان بدعائه لا بجاهه انظر كتاب "التوسل" للشيخ الألباني رحمه الله ص (50-68)


عقيدة الشيعة في الأسماء والصفات

تأثَّرت الشيعة بمذهب المعتزلة في تعطيل البارئ سبحانه من صفاته الثابتة له في الكتاب والسنة وكثر الاتجاه إلى التعطيل عندهم في المائة الرابعة لما صنف لهم شيخهم المفيد وأتباعه كالموسوي الملقب بالشريف المرتضى وأبي جعفر الطوسي واعتمدوا في ذلك على كتب المعتزلة

(انظر : منهاج السنة : 1/229)

وأكثر ممّا كتبوه في ذلك نقلوه عن المعتزلة وكذلك ما يذكرونه في تفسير القرآن في آيات الصفات والقدر منقول من تفاسير المعتزلة
(منهاج السنة : 1/356)

والقارئ لكتب متأخري الشيعة وكتب المعتزلة في باب الأسماء والصفات لا يجد فرقًا فالعقل –كما يزعمون– هو عمدتهم فيما ذهبوا إليه والمسائل التي يقررها المعتزلة في هذا الباب أخذ بها شيوخ الشيعة المتأخرونكمسألة خلق القرآن
ونفي رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة
وإنكار الصفات
بل إن الشبهات التي يثيرها المعتزلة في هذا هي الشبهات التي يثيرها شيوخ الشيعة المتأخرون

والفرق الذي قد يلمسه القارئ في هذه المسألة

هو : أن الشيعة أسندوا روايات إلى الأئمة تصرح بنفي الصفات وتقول بالتعطيل
مع أنهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية قد "أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات لا يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم"
(منهاج السنة : 2/78-79 تحقيق د. محمد رشاد سالم)
وهذا تلمسه في طريقة احتجاجهم على مذهبهم في التعطيل كما في
النكت الاعتقادية للمفيد
ونهج المسترشدين لابن المطهر
وغيرها من كتبهم الكلامية حيث اعتمدوا المنهج العقلي الكلامي البحث في صفات الله

وهذا مخالف للمنهج الشرعي والعلمي والعقلي إذ إن صفات الله سبحانه من الغيب الذي يتوقف العلم به على الكتاب والسنة ومع اعتمادهم الدليل العقلي كمنهج أهل الاعتزال فإنه يلاحظ أنهم جاءوا بروايات كثيرة عن الأئمة يسندون بها مذهبهم في إنكار الصفات لله تعالى ويفترون على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وبعض علماء أهل البيت كمحمد الباقر وجعفر الصادق بأنهم يقولون بالتعطيل

واعتبر بعض شيوخهم المعاصرين أن هذا هو عمدتهم في نفي الصفات
حيث قال– تحت عنوان طريقة معرفة الصفات- :
"هل يبقى مجال للبحث عن الصفات وهل له طريق إلا الإذعان بكلمة أمير المؤمنين رضي الله عنه : كمال الإخلاص نفي الصفات عنه"
(الزنجاني : عقائد الإمامية الإثنى عشرية ص28)

فالشيعة ليس لهم منهج ثابت

فهم حينًا يعتمدون العقل وتارة يعتمدون الخبر
فهم بين منهج أخباري وآخر اعتزالي عقلي
أي يتأرجحون
مع أنّ والثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت إثبات الصفات لله والنقل بذلك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم
(منهاج السنة : 2/144)
وهذا تعترف به بعض روايات لهم موجودة وسط ركام هائل من الروايات في إنكار الصفات لله تعالى والأمثلة على رواياتهم التي نسبوها لأهل البيت والتي تصرح بنفي الصفات كثيرة منها قولهم :
"وكمال التوحيد نفي الصفات عنه"
(التوحيد لابن بابويه : ص57)
وقولهم :
"وحمد الله نفي الصفات عنه"
(التوحيد لابن بابويه ص34-35)
"ولا نفي -للتشبيه- مع إثبات الصفات"
(التوحيد لابن بابويه ص40)
وصرّح علامتهم ابن المطهر بأن مذهبهم في الأسماء والصفات كمذهب المعتزلة
(ابن المطهر : نهج المسترشدين ص32)
ومنهم من قال :
"وكمذهب الفلاسفة"
(الطبطبائي : مجالس الموحدين في أصول الدين ص21)

كما وصفت مجموعة من رواياتهم رب العالمين بالصفات السلبية التي ضمنوها نفي الصفات الثابتة له سبحانه
فقد روى ابن بابويه أكثر من سبعين رواية تقول إنه تعالى :
"لا يوصف بزمان ولا مكان ولا كيفية ولا حركة ولا انتقال ولا بشيء من صفات الأجسام وليس حسًا ولا جسمانيا ولا صورة.."
(انظر التوحيد : لابن بابويه ص31 وما بعدها)

وشيوخ الشيعة ساروا على هذا النهج الضال من تعطيل الصفات الواردة في الكتاب والسنة ووصفه سبحانه بالسلوب

قال شيخهم محمد الحسيني الشهير بالقزويني ت 1300 هـ
والذي يلقبونه بالإمام الثالث عشر لأنه قابل منتظرهم –المزعوم– ثلاث مرات
قال في وصف الله سبحانه :
"لا جزء له وما لا جزء له لا تركيب فيه
وما ليس بمركب ليس بجوهر ولا عرض
وما ليس بجوهر ليس بعقل ولا نفس ولا مادة ولا صورة ولا جسم
وما ليس بجسم ليس في مكان ولا في زمان ولا في جهة ولا في وقت
وما ليس في جهة لا كم له ولا كيف ولا رتبة
وما لا كم له ولا كيف له ولا جهة لا وضع له
وما ليس له وضع ولا في وقت ولا في مكان لا إضافة له ولا نسبة
وما لا نسبة له لا فعل فيه ولا انفعال
وما ليس بجسم ولا لون ولا في مكان ولا جهة لا يرى ولا يدرك.."
(قلائد الخرائد في أصول العقائد ص 50 وانظر في مثل هذه الطريقة
(نهج المسترشدين : ابن المطهر ص 45-47 مجالس الموحدين في أصول الدين : الطبطبائي ص 21)
وهذا النفي المحض الذي ذكروه استقوه من ركام الفلاسفة والمعتزلة وهذيان الملاحدة يتضمن نفي الوجود الحق

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

"إن السلف كانوا يسمون كل من نفى الصفات وقال : إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة جهميا"
(مجموع الفتاوى 12/119)
وقال في موضع آخر :
"ومن الجهمية : المتفلسفة والمعتزلة الذين يقولون : إن كلام الله مخلوق"
(المصدر السابق 12/524)
والباطنية ونحوهم فإنَّهم يصفونه سبحانه بالصفات السلبية على وجه التفصيل ولا يثبتون إلا وجودًا مطلقًا لا حقيقة له عند التحصيل فقولهم يستلزم غاية التعطيل وهو نفي الوجود الحق لأنهم يعطلون الأسماء والصفات تعطيلاً يستلزم نفي الذات

والشيعة تروي عن أئمتها

"أن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه"
ولكنها تعرض عن ذلك كما أعرضت عن كتاب الله سبحانه وعن مقتضى العقل والفطرة وتؤثر في ذلك التقليد المحض والأخذ من نفايات الفلسفات الملحدة
(لمعرفة تفاصيل موقف الشيعة من الصفات انظر : أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية عرض ونقد : الدكتور ناصر بن عبد الله بن علي القفاري)

الأئمة هم أسماء الله وصفاته :

روى الكليني عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل
{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}
( الأعراف : 180)
قال : "نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا"
(أصول الكافي 1/143-144)
وقد تناقل هذا المعتقد علماء الشيعة في روايات عديدة نسبت زوراً لجعفر الصادق وغيره
(انظر : تفسير العياشي 2/42
المفيد : الاختصاص : ص252
المجلسي : بحار الأنوار 94/22
النوري الطبرسي : مستدرك الوسائل1/371
البرهان 2/52
تفسير الصافي 2/254-255)

فعن أبي جعفر أنه قال :

"نحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم ونحن عين الله في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا"
أصول الكافي 1/143
البرهان 3/240

وعن أبي عبد الله :

"إن الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدل عليه وخزانه في سمائه وأرضه بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب الأرض وبعبادتنا عبد الله ولولانا ما عُبد الله"
أصول الكافي 1/144
ابن بابويه : التوحيد ص151-152
بحار الأنوار 24/197
البرهان 3/240-241

وأن أمير المؤمنين عليًا قال :

"أنا عين الله وأنا يد الله وأنا حبيب الله وأنا باب الله"
أصول الكافي 1/145
بحار الأنوار 24/194
وقال :
"أنا علم الله وأنا قلب الله الواعي ولسان الله النّاطق وعين الله النّاظرة وأنا جنب الله وأنا يد الله"
ابن بابويه : التّوحيد ص164
بحار الأنوار 24/198

وقد ذكر علامتهم المجلسي ستًا وثلاثين رواية تقول إن الأئمة هم وجه الله ويد الله

(بحار الأنوار : 24/191-203)
وفي رجال الكشّي وغيره قال علي :
"أنا وجه الله أنا جنب الله وأنا الأوّل وأنا الآخر وأنا الظّاهر وأنا الباطن.."
رجال الكشّي ص221 رقم 374)
بحار الأنوار 94/180
بصائر الدّرجات ص151

الأئمة أجزاء من الإله :

روى الكليني عن أحد أئمتهم قال :
"ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم عن أبي جعفر قال :
"نحن والله وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم ونحن عين الله في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده"
(الكافي 1/111 كتاب التوحيد : باب جوامع التوحيد)


استدلالهم بفرية الرحالة إبن بطوطة على شيخ الإسلام إبن تيمية

استدلال الشيعة
قال ابن بطوطة :
وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرت يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم فكان من جملة كلامه أن قال : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجة من المنبر
فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر عليه ماتكلم به فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضربا كثيرا حتى سقطت عمامته وظهر على رأسه شاشية حرير فأنكروا عليه لباسها واحتملوه إلى دار عز الدين بن مسلم قاضي الحنابلة فأمر بسجنه وعزره بعد ذلك
رحلة ابن بطوطة ص 95

الجواب :


*رحلة ابن بطوطة إنشاء أدبي لا تعدل في الميزان العلمي جناح بعوضة لكن المفلس يتعلق بأي شيء وهو يتوقع أن الناس عقولهم كعقله


*إن ابن بطوطة لم يسمع من ابن تيمية ولم يره يخطب إذ كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام ستة وعشرين وسبعمائة (726) هـ

وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شهر شعبان من ذلك العام ولبث فيه إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الإثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمانية وعشرين وسبعمائة هجرية فكيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع وهو إذ ذاك في السجن

*لم يكن شيخ الإسلام ابن تيمية يعظ الناس على منبر الجامع وإنما كان يجلس على كرسى

قال الحافظ الذهبى عنه :
وقد اشتهر أمره وبعد صيته في العالم وأخذ في تفسير الكتاب العزيز أيام الجمع على كرسى من حفظه

*أن هذا الذي ذكره ابن بطوطة يخالف ما ذكره الشيخ في جميع كتبه من أنه يجب إثبات علو الله وصفاته إثباتا بلا تشبيه وتنزيهها عن مشابهة صفات الخلوقين تنزيها بلا تعطي وهذا الذي ذكره ابن بطوطة تشبيه ينهى عنه شيخ الإسلام ويحذر منه غاية التحذير


لشيخ الإسلام ابن تيمية في موضوع النزول كتاب مستقل اسمه شرح حديث النزول وهو مطبوع ومتداول وليس فيه ما ذكر ابن بطوطة بل فيه ما يرد عليه ويبطله من أصله والحمد لله رب العالمين


أريتم كيف يكون الكذب والتغافل عن الحق ؟؟

تترك كتب الشيخ ويتمسك برواية متهالكة لا يدرى ما أصلها


قولهم أن أبو طالب مات على الإسلام

يطعن الكثير من الشيعة في روايات كفر أبي طالب التي في الصحيحين وهذا الطعن مردود إذ أنه مبني على التعصب والهوى المذهبي وعلى عدم الأمانة العلمية وإذا اجتمع التعصب وعدم الأمانة في النقد أصبح البحث مردودا لا قيمة له


و يقولون كيف يكون كافراً من نصر النبي صل الله عليه وسلم وحماه وذاد عنه ودفع أذى الكفار عن ابن أخيه وفعل أموراً عجز عنها الكثيرون


فنقول :

هذه كتبهم تشهد بذلك

ففي تفسير القمي :

علي بن إبراهيم في تفسيره قوله تعالى :
{ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}
[ القصص : 56 ]
قال : نزلت في أبي طالب فإن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم كان يقول :
يا عم قل لا إله إلا الله أنفعك بها يوم القيامة
فيقول يابن أخي أنا أعلم بنفسي فلما مات شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله صل الله عليه وآله وسلم أنه تكلم بها عند الموت
فقال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : أما أنا فلم أسمعها منه وأرجوا انفعه يوم القيامة
تفسير القمي ( 2 / 142 )
( القصص ص : 56 )
والبرهان ( 3 / 230 )

وقال فضل الله الراوندي (الشيعي) في كتابه " نوادر الراوندي " (ص10) :

( قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم أهون أهل النار عذاباً عمي أخرجه من أصل الجحيم حتى أبلغ به الضحضاح عليه نعلان من نار يغلى منهما دماغه

وقال المجلسي نقلاً عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة :

اختلف الناس في إسلام أبي طالب فقال الإمامية والزيدية : ما مات إلا مسلماً
وقال بعض شيوخنا المعتزلة بذلك منهم :
الشيخ أبو القاسم البلخي وأبو جعفر الإسكافي وغيرهما وقال أكثر الناس من أهل الحديث والعامة ومن شيوخنا البصريين وغيرهم :
مات على دين قومه ويرون في ذلك حديثاً مشهوراً : إن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم قال عند موته : قل يا عم كلمة أشهد لك بها غداً عند الله تعالى
فقال : لولا أن تقول العرب أن أبا طالب جزع عند الموت لأقررت بها عينك
وروي إنه قال : أنا على دين الأشياخ !
وقيل إنه قال : أنا على دين عبد المطلب وقيل غير ذلك

وروى كثير من المحدثين أن قوله تعالى :

{ مَا كَانَ لِلنَّبِىّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلىِ قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَـبُ الْجَحِيم وَ مَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَهِيم لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبِيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لّلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}
[ التوبة : 113-114]
أنزلت في أبي طالب لأن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم استغفر له بعد موته

ورووا أن قوله تعالى :

{ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}
نزلت في أبي طالب

ورووا أن علياً (ع) جاء إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم! بعد موت أبي طالب فقال له :

إن عمك الضال قد قضى فما الذي تأمرني فيه ؟
واحتجوا به لم ينقل أحد عنه أنه رآه يصلي والصلاة هي المفرقة بين المسلم والكافر وأن علياً وجعفرا لم يأخذا من تركته شيئا

ورروا عن النبي صل الله عليه وآله وسلم أنه قال :

إن الله قد وعدني بتخفيف عذابه لما صنع في حقي وإنه في ضحضاح من نار
ورووا عنه أيضاً إنه قيل له : لو استغفرت لأبيك وأمك فقال : لو استغفرت لهما لاستغفرت لأبي طالب فإنه صنع إليّ ما لم يصنعا و أن عبد الله وآمنة وأبا طالب في حجرة من حجرات جهنم
انظر كل ذلك في البحار 35 / 155

قلت :

والأدهى والأمر إنهم لم يفعلوا ذلك في آباء الأنبياء كآزر الذي ذكره القرآن بأنه كافر بينما عقيدة القوم زعمت بأنه ليس كافر وأن الآية نزلت في عمه
كما إنهم يستدلون ببعض الروايات في كتب السنة تدل كما يزعمون على إيمان أبي طالب

الشبهة الأولى :

يحتج الشيعة برواية إبن إسحاق :
( قال ابن إسحاق حدثني العباسُ بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس ... إلي أن قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
أي عم قلها ـ أي كلمة التوحيد ـ استحل لك بها الشفاعة يوم القيامة
فأجابه أبو طالب : يا ابن أخي والله لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي وأن تظن قريش أنني إنما قلتها فزعا من الموت لقلتها ولا أقولها إلا لأسرك بها
فلما تقارب الموت من أبي طالب نظر العباس إليه فوجده يحرك شفتيه فأصغى إليه بأذنيه ثم قال : يا ابن أخي لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها فقال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : لم أسمع )
السيرة النبوية لابن هشام ( 2 / 28 )

نقول :


إسناده فيه مجاهيل فالسند مبهماً لا يعرف حاله وهو قوله عن بعض أهله وهذا إبهام في الاسم والحال ومثله يتوقف فيه لو انفرد.. عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس ثقة لكنه لم يذكر من حديثه عن ابن عباس

ومن طريقه رواه الحاكم في المستدرك ( 2 / 432 )
من طريق عباس بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس
ومن طريق الحاكم رواه البيهقي في الدلائل ( 2 / 346 )
عن عباس بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس ( تنبيه ) : في سؤال العباس عن حال أبي طالب ما يدل على ضعف ما أخرجه ابن إسحاق من حديث ابن عباس بسند فيه من لك يسم " أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صل الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله فأبى
قال فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال : يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها "
وهذا الحديث لو كان طريقه صحيحاً لعارضه هذا الحديث الذي هو أصح منه فضلاً عن أنه لا يصح

وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود من حديث علي قال :

" لما مات أبو طالب قلت : يا رسول الله إن عمك الشيخ الضال قد مات
قال : اذهب فواره
قلت : إنه مات مشركاً
فقال اذهب فواره " الحديث ..
ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت من ذلك شيء
والحديث رواه البيهقي في الدلائل ( 2 / 346 )

وقال : " هذا إسناد منقطع ولم يكن أسلم العباس في ذلك الوقت "

الشبهة الثانية
 :
هي حديث رواه القاضي عياض في كتاب الشفاء ( 1 / 183 ) :
( أن أبا طالب كان يرى بطلان عقيدة قومه من مبعث محمد صل الله عليه وآله وسلم بالإسلام فقد ثبت ـ كما سبقت الإشارة ـ أنه كان من المتألهين الحنفاء الذين لم يهيموا بصنم قط ولم يسجدوا لوثن أبدا كما كان على ذلك أبوه عبد المطلب تماما )

نقول : أن هذا ليس دليل على إيمان أبي طالب

فقد روي أن الأخنس بن شُريق التقى بأبي جهل بن هشام فقال له :
يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادقٌ هو أم كاذب ؟ فإنه ليس عندنا أحدٌ غيرنا فقال أبو جهل : والله إن محمداً لصادق وما كذب قط ولكن إذا ذهب بنو قصيّ باللواء والسقاية والحجابة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش ؟
فأنزل الله تعالى :
{ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك }
[الأنعام : 33]
تفسير الرازي الكبير ( 12 / 205 )
وصفوة التفاسير ( 1 / 383 )

الشبهة الثالثة :

كيف يكون كافراً من نصر النبي صل الله عليه وسلم وحماه وذاد عنه ودفع أذى الكفار عن ابن أخيه وفعل أموراً عجز عنها الكثيرون
فهل تتجرأ أن تقول عليه هذه المقولة الشنيعة مع العلم أنه كان على دين الحنيفية دين إبراهيم !
وقال في حقه النبي صل الله عليه وسلم :
( والله ما نالت مني قريش ما أكرهه حتى مات أبوطالب )

نقول : أعمال أبي طالب مذكورة ومعلومة في التاريخ والرجل لا يُعد من أهل الإسلام إلا بنطق الشهادتين للدلالة على ما في القلب من إقرار وتصديق


الشبهة الرابعة :

كيف يكون عم النبي صل الله عليه وسلم كافراً ؟

نقول : وماذا يضر المرء إن كفر أهله أو أحد أبنائه أو إحدى زوجاته والله يقول :

{ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }
[القصص : 56]
وهؤلاء الأنبياء وهم صفوة الخلق حصل لهم مثل هذه الأمور ولم يقدح ذلك في سيرتهمِ أو أن يحط من قدرهم والله سبحانه يقول :
{ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْببْتَ وَلَكِنّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ }
[فاطر : 18]
فهذا الأمر ينبغي علينا أن لا نستنكر وقوعه لأنه قد وقع للأنبياء السابقين فنوح أحد أبنائه وأيضاً زوجته في النار لكفرهما وهذا إبراهيم والده كافر وامرأة لوط في النار وعم المصطفى صل اللّه عليه وسلم أنزلت بسببه سورة ندعو عليه بها وأنه في النار فالأمر بيد الله سبحانه يهدي مَنْ يشاء ويضل مَن يشاء

الشبهة الخامسة :

كيف يشفع النبي صل الله عليه وسلم لمشرك مع أن الشفاعة للمؤمنين فقط دون المشركين ؟

نقول : إن للرسول صل الله عليه وسلم شفاعة عامة وهي شفاعته العظمى وهي على قسمين :

شفاعته لأمته
وشفاعتة لآحاد الناس
وشفاعته العظمى هي المقام المحمود والذي قال الله عنه :
{ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً }
[الإسراء : 79]
وذلك حين يبلغ الكرب والغم بأهل المحشر ما لا يطيقون فيقول بعضهم ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم فيأتون آدم فيعتذر وهكذا نوح وإبراهيم وموسى وعيسى حتى يأتون إلى نبينا محمد صل الله عليه وسلم فيشفع لجميع الناس أولهم وآخرهم وبرهم وفاجرهم ليخرجوا من ذلك الكرب والهول إلى عرض الأعمال على الله والمحاسبة كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة فشفاعته العظمى ليست مقصورة على المؤمنين ولا على أمته

أما شفاعته الخاصة لأمته فهي نائلة كل من مات من أمته لا يشرك بالله شيئاً

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
" لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً"
ومن شفاعته الخاصة ببعض الأفراد شفاعته لعمه أبي طالب
ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صل الله عليه وسلم وذكر عنده عمه فقال :
"لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه"

وقد أستشكل قوله صل الله عليه وسلم :

" لعله تنفعه شفاعتي"
مع قوله تعالى عن المشركين :
{ فما تنفعهم شفاعة الشافعين }
[المدثر : 48]
وللجمع بينهما طريقان

الأول :

أن يقال : إن الشفاعة ممنوعة لكل كافر بهذه الآية

الثانية :

أن يقال : إن المراد بكونهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين هو أنهم لا يخرجون بها من النار وليس المراد أنهم لا يخفف عنهم
وخص أبو طالب بالشافعة لثبوت الحديث الصحيح الذي خصص العموم

قال ابن حجر في فتح الباري :
( وأجيب بأنه -يعني أبا طالب- خص ولذلك عدوه من خصائص النبي صل الله عليه وسلم
وقيل معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث والمراد بها في الآية الإخراج من النار وفي الحديث المنفعة بالتحقيق
وبهذا جزم القرطبي
وقال البيهقي في البعث :
صحت الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية ووجهته عندي أن الشفاعة في الكفار قد امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد وهو عام في حق كل كافر فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه

الشبهة السادسة :

هي استدلالهم ببعض أشعار أبي طالب والتي تفيد أنه مقّر بوجود الله وكل هذا يدل على إيمانه

نقول : أن هذا الكلام ذكره الله تعالى حكاية عن المشركين فهذا توحيد الربوبية وهو اعتقاد العبد أن الله تعالى هو الرب المنفرد بالخلق والرزق والملك التدبير وانه المحيي المميت النافع الضار المنفرد بإجابة الدعاء عند الأضطرار الذي له الأمر كله وبيده الخير وكله القادر على ما يشاء ليس له في ذلك شريك ويدخل في ذلك الأيمان بـ ( القدر ) وهذا التوحيد لا يكفي العبد في حصول الإسلام بل لابد أن يأتي بلازمة من توحيد الألهيه لأن الله تعالى حكى عن المشركين أنهم مقرون بهذا مقرون بهذا التوحيد لله وحده قال تعالى :

{ قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون }
[يونس : 32]

وقال تعالى :
{ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله }
[الزخرف : 88]

وقال :
{ ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله }
[العنكبوت : 64]

فهم كانوا يعلمون أن جميع ذلك لله وحده ولم يكونوا بذلك مسلمين بل قال تعالى عنهم :
{ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون }
[يوسف : 107]

فأيمانهم عنهم هو توحيد الربوبية وأما شركهم وكفرهم فدعاؤهم غير الله تعلى وسؤالهم لأصناهم وتوجههم لهم بالذبح والنذر والتعظيم وزعمهم وغير ذلك من الشركيات وهذا التوحيد لم يذهب إلي نقضيه طائفة معروفه من بني آدم بل القلوب مفطوره على الإقرار به أعظم من كونها مفطوره على الإقرار بغيره

الشبهة السابعة :

روي من طريق محمد بن زكريا الغلابي عن العباس بن بكار عن أبي بكر الهذلي عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال جاء أبو بكر بأبي قحافة وهو شيخ قد عمى فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ألا تركت الشيخ حتى آتيه قال أردت أن يأجره الله والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي ألتمس بذلك قرة عينك
( الرياض النضرة ( 1 / 397 ) )

نقول :

أن إسناد هذه الرواية واهي وفيه العباس بن بكار
قال الدارقطني : كذاب
وقال العقيلي : الغالب على حديثه الوهْم والمناكي
انظر ميزان الاعتدال ترجمة رقم ( 2 293 )

الشبهة الثامنة :

وهي بعض الأحاديث الواهية التي يتعلق بها القوم في زعم أن أبا طالب مات مؤمن

ونقول :

قد ذكرها ابن حجر في الإصابة حيث قال :
ومن طريق إسحاق بن عيسى الهاشمي عن أبيه سمعت المهاجر مولى بني نفيل يقول سمعت أبا رافع يقول سمعت أبا طالب يقول سمعت بن أخي محمد بن عبدالله يقول إن ربه بعثه بصلة الأرحام وأن يعبد الله وحده لا يعبد معه غيره ومحمد الصدوق الأمين

ومن طريق بن المبارك عن صفوان بن عمرو عن أبي عامر الهوزني أن رسول الله صل الله عليه وسلم خرج معارضا جنازة أبي طالب وهو يقول وصلتك رحم ومن طريق عبدالله بن ضميرة عن أبيه عن علي أنه لما أسلم قال له أبو طالب الزم بن عمك ومن طريق أبي عبيدة معمر بن المثنى عن رؤبة بن العجاج عن أبيه عن عمران بن حصين أن أبا طالب قال لجعفر بن أبي طالب لما أسلم قبل جناح بن عمك فصلى جعفر مع النبي صل الله عليه وسلم


ومن طريق محمد بن زكريا الغلابي عن العباس بن بكار عن أبي بكر الهذلي عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال جاء أبو بكر بأبي قحافة وهو شيخ قد عمى فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ألا تركت الشيخ حتى آتيه قال أردت أن يأجره الله والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي ألتمس بذلك قرة عينك


وأسانيد هذه الأحاديث واهية

( الإصابة في تمييز الصحابة ( 4 / 113-116 ) )

الشبهة التاسعة :

ما هي الفائدة من البحث في هل أبا طالب مات مؤمن أو كافر ؟

نقول : يجب معرفة هؤلاء هل هم ماتوا على إيمان أو على كفر وخصوصاً من عاصر منهم النبي صل الله عليه وسلم وكان قريب له فبهذا الحكم تُبنى أحكام شرعية أخرى فمثلاً لا يجوز أن يكون في سند الرواية أو الحديث شخص غير مسلم فكيف سنأخذ بالأحاديث ونحن لا نعلم هل هؤلاء الذين نقلوا لنا الحديث مؤمنون أو مشركون ؟!

وكذلك لا يجوز أن نطلق على كافر ( رضي الله عنه ) أو ( رحمه الله ) أو أشباه ذلك ولهذا لزم علينا البحث في التاريخ عن كل ذلك

الشبهة العاشرة :

كيف يكون كافراً وهناك أحاديث عند الشيعة تقول أنه مات مؤمناً ؟

نقول : على فرض صحة تلك الأحاديث فإن الشيعة ليس لديهم حديث إلا وله ما يعارضه ويناقضه

وهاك أقوال علماء الشيعة أنفسهم في ذلك :
فيقول السيد دلدار علي اللكهنوي الشيعي الاثنا عشري في أساس الأصول (ص51 ط لكهنو الهند) :
إن الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جداً لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابل ما ينافيه ولا يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده حتى صار ذلك سبباً لرجوع بعض الناقضين عن اعتقاد الحس


قولهم أن النبي حاول الإنتحار كما في البخاري

وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صل الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل

فقال : يا محمد إنك رسول الله حقا
فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي
غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك
الجامع الصحيح

الرد على الشبهة من وجوه :

الأول
البخاري رحمه الله قد اورد هذه الزيادة
( أي : حتى حزن النبي صل الله عليه وسلم فيما بلغنا -إلى ان قال- تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك )
في الحديث لكونها من البلاغات وهذه البلاغة من بلاغات الامام الزهري وليس موصولاً
فحكم الامام البخاري تلك الزيادة بالارسال ومرسل الإمام الزهري ضعيف عند أهل الحديث
يقول الإمام يحيى بن سعيد القطان : مرسل الزهري شر من مرسل غيره لأنه حافظ كلما قدر أن يسمّي سمى وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه
وقال أيضا عنه : هو بمنزلة الريح

الثاني

لقد بين الامام البخاري رحمه الله ضعف تلك القصة (كما ذكرنا في الوجه الأول) لذا إليكم الرد في الوجه الثاني
لنفترض ان القصة صُحَّت جدلا فليس فيها ما يعيب شخص النبي صل الله عليه وسلم أو يقدح في عصمته وبيان ذلك أنه قد همّ -على فرض صحة الرواية- بأن يلقي بنفسه والهمّ هنا لم ينتقل إلى مرحلة التنفيذ وذلك شبيه بما حكاه الله تعالى عن يوسف عليه السلام في قوله :
{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبـِّهِ }
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة :
ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دلّ على أن يوسف لم يذنب أصلا في تلك القصة
وهذا كحديث النبي صلى الله عليه وسلم :
( ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله )
(متفق عليه)

الثالث

إن تحريم قتل النفس لم يكن نازلاً في شريعته صل الله عليه وسلّم إذ القصّة في بداية أمر الوحي فكيف تكون تلك الحادثة -على فرض صحّتها- مدخلاً للطعن فيه صلّ الله عليه وسلّم ؟
ثم نقول إن العصمة متحققة في هذه الحالة ووجه ذلك أن الله سبحانه وتعالى صرف عنه هذا السوء كما صرف عنه قبل مبعثه حصول التعري وشرب الخمر والجلوس مع فتيان قريش وغير ذلك مما هو مبثوث في السيرة

الرابع

جاء هذا الحديث من طريقين آخرين :

الأول

مارواه ابن سعد في الطبقات عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق محمد بن عمر الواقدي الذي ضعفه علماء الجرح والتعديل
فقد قال الإمام البخاري عنه في كتاب الضعفاء :
متروك الحديث
وكذلك حكم عليه الحافظ ابن حجرفي التهذيب وغيرهم بالضعف واجمعوا على انه متروك الحديث

والثاني

مارواه الامام الطبري والحديث مردود متناً وسنداً حيث ان في المتن جعل الرؤيا الأولى لجبريل عليه السلام رؤيا منامية وهذا مخالف لبقية النصوص التي تُثبت أنها رؤية حقيقية ثم كان من جواب النبي صل الله عليه وسلم :
( ماذا أقرأ ؟ ) وهذا لم يحصل
فإن الثابت في صحيح البخاري وغيره أنه كان يقول : ( ما أنا بقاريء )
دعك من إغفال هذه الرواية لذكر ذهاب النبي صل الله عليه وسلّم إلى خديجة و ورقة بن نوفل رضي الله عنهما
وما ذُكر في الروايات الصحيحة أن الرؤية الثانية لجبريل عليه السلام كانت بعد فتور الوحي وانقطاعه وحيث في السند وجدنا فيه عدة علل :
الإرسال فيه عبيد بن عمير وهو ليس صحابيّاً
إنما هو من كبار التابعين كما أنّ في السند راويان متكلم فيهما : سلمة ابن فضل الأبرش
وقال عنه الحافظ ابن حجر : صدوق كثير الخطأ
وابن حميد الرازي كذّبه جماعة من العلماء كأبي زرعة وغيره

ليست هناك تعليقات