كتاب أوجز الخطاب في بيان موقف الشيعة من الأصحاب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد

فإن الله تبارك وتعالى قد اختار نبينا محمدا صل الله عليه وسلم واختار له أصحابا وأصهارا مدحهم في كتابه الكريم في مواضع عديدة وأثنى عليهم وأرشد إلى فضلهم وبين أنهم خير الأمم رضوان الله تعالى عنهم

وقد مدحهم رسول الله صل الله عليه وسلم وأشاد بهم وأخبر بفضلهم ونص على أنهم خير قرون الأمة في قوله صل الله عليه وسلم :"خير أمتي قرني" ( صحيح البخاري واللفظ له 5/63 ك فضائل الصحابة الباب الأول منه وصحيح مسلم 4/ 1964 ك فضائل الصحابة باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم") وأوجب علينا محبتهم ونهانا عن بغضهم أو سبهم أو إيذائهم بأي نوع من أنواع الأذى فقال صل الله عليه وسلم :" الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ( والغرض هو الهدف الذي يرمى إليه ومراده عليه السلام من قوله نهى الناس عن التكلم في أصحابه أو الوقيعة فيهم فشرف صحبتهم لرسول الله صل الله عليه وسلم توجب على الناس احترامهم وتوقيرهم والسكوت عما شجر بينهم ) فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن ابغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فقد يوشك أن يأخذه ( أخرجه الترمذي في جامعه 5/ 358 ك المناقب باب من سب أصحاب النبي صل الله عليه وسلم وقال هذا حديث حسن غريب وأحمد في مسنده 4/ 87-88 و 5/ 54-55 وابن حبان في صحيحه موارد الظمآن للهيثمي ص 568-569 ك المناقب باب فضل أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم ومن بعدهم والمقدسي في النهي عن سب الأصحاب 2/ب –3أ)
فإياك إياك يا محب رسول الله صل الله عليه وسلم أن تبغض أصحابه فلئن أبغضتهم لقد دخلت في قوله :"ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم"فتكون مبغضا لرسولك صل الله عليه وسلم فيا خسارتك ويا سوء عاقبتك إن كنت تبغض نبيك محمدا صل الله عليه وسلم بل عليك يا من أحببت رسول الله صل الله عليه وسلم أن تحب من أحب حبيبك ومن أمرك بحبه فلقد كان صل الله عليه وسلم لا يحب إلا طيبا ولا يأمر إلا بحب الطيبين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
ولتعلم يا عبد الله أن سب صحابة نبيك صل الله عليه وسلم أعظم جرما من بغضهم فأدنى أحوال الساب أن يكون مبغضا فلتحذر من ذلك ولتتأمل قول نبيك صل الله عليه وسلم :"لا تسبوا أصحابي" ( صحيح البخاري 5/72 ك فضائل الصحابة باب منه وصحيح مسلم واللفظ له 4/ 1967-1968 ك فضائل الصحابة باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم) فستجد فيه النهي الواضح منه عليه السلام عن سب أصحابه رضوان الله تعالى عنهم عن سب أصحابه رضوان الله تعالى عنهم (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (سورة النور الآية 63)
ولقد اقتدى المسلمون الصادقون في إسلامهم برسولهم محمد صل الله عليه وسلم فأحبوا صحابته ووقروهم وأجمعوا على سمو منزلتهم ورفعة شأنهم وعدالتهم وعدوا كل واحد من الصحابة عدلا إماما فاضلا فرض على المسلمين توقيره ومحبته والاستغفار له والاعتقاد بأن تمرة يتصدق بها أفضل من صدقة أحدهم دهره كله وحكموا على ساب الصحابة بالكفر إذا اشتمل سبه لهم على إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو اصطدم مع نص صريح ( أنظر المصادر الآتية : الشفاء في حقوق المصطفى للقاضي عياض 2/ 286 والصارم المسلول لابن تيمية ص 565–566 و 586–587 وبغية المرتاد له ص 343 –344 والمنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي ص 536–537 وتذكرة الحفاظ له 2/ 294 ورسالة في الرد على الرافضة للتميمي ص8 )
ومن أمثلة ذلك :
1-   حكموا بكفر من قال بكفر الصحابة جميعا وارتدادهم إلا نفرا يسيرا لأنه قد عارض النصوص الصريحة التي أخبر الله تعالى بها برضاه عن الصحابة والتي أخبر رسول الله صل الله عليه وسلم عن فضلهم وأشاد بهم وبين مكانتهم إذ حال من عارض هذه النصوص كحال من كذب بها
2-   حكموا بكفر من كفر الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما لأنه قد رد النصوص الكثيرة التي أجمعت على أنهما من أفضل المؤمنين ومن أهل عليين
3-             حكموا بكفر من نسب الصديقة الطاهرة عائشة إلى الفاحشة أو أنكر براءتها مما رماها به رأس المنافقين فهذا يقطع بكفره لأنه طعن في المبرأة من فوق سبع سماوات وكذب النص الصريح الذي حكم ببراءتها وخالف الله تعالى في قوله : "يعظكم الله ان تعودوا لمثله أبدا إن كنتم صادقين" (سورة النور جزء من الآية 17)
4-             وقد أجمع الناس على فضل صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم ولم يخالف في ذلك إلا الشيعة الرافضة الذين أشرعوا سهامهم في وجه أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم فعمدوا إلى تشويه صورتهم المرضية وتسويد صحائفهم البيضاء النقية واتهامهم بالنفاق والخيانة والكذب وتكفيرهم بما هو صراحة بما فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وبقية العشرة الذين بشرهم رسول الله صل الله عليه وسلم بالجنة ومات وهو راض عنهم وغيرهم من سادات الصحابة وخيارهم رضي الله عنهم أجمعين
وقد صدق عليهم قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( وبعض هذا القول ثابت عن الإمام الجليل الفاضل الفقيه عامر بن شراحيل الشعبي رحمه الله ) فضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين : سئلت اليهود : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب موسى وسئلت النصارى : من خير ملتكم ؟ قالوا : حواري عيسى وسئلت الرافضة : من شر ملتكم؟ قالوا : أصحاب محمد صل الله عليه وسلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم " ( منهاج السنة النبوية لابن تيمية 1 / 27)
فالشيعة لم يتبعوا في صنيعهم هذا كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كان قدوتهم في ذلك : ابن السوداء عبدالله بن سبأ اليهودي الذي يعد أول من أحدث الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم وكفرهم وأول من أظهر البراءة منهم باعتراف الشيعة أنفسهم" (أنظر المصادر الشيعية الآتية : مقالات الفرق لمحمد بن سعد القمي ص21 وفرق الشيعة للنوبختي ص 44 واختيار معرفة الرجال للطوسي ص 108-109 وتنقيح المقال للمامفاني 2/ 184 وغيرها من المصادر)
فابن سبأ اليهودي باعتراف الشيعة (لاحظ الحاشية السابقة) هو أول من وضع نواة الرفض المشتمل على تكفير الصحابة وسبهم وأرسى قواعده وعنه أخذ الشيعة هذا المعتقد الباطل وغيره من المعتقدات الفاسدة التي خالفت كتاب الله وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم
ولم يكتف الشيعة باعتناق مذهب الرفض المشتمل على سب الصحابة فحسب بل عملوا على نشره والدعوة إليه سالكين في سبيل ذلك مختلف الطرق آخذين بشتى الوسائل والسبل في محاولة منهم لاستدراج الكثير من المسلمين الغافلين إلى هذا المذهب الفاسد تحت أغطية كثيرة منها إدعاؤهم حب أهل البيت وزعمهم أن الصحابة دفعوهم عن حقهم وغصبوهم إياه وتواطأوا على ظلمهم وغير تلك من المزاعم التي تعد عند أرباب العقول إفكا غير مقبول
ولا ريب أن أهل بيت نبينا الطيبين الطاهرين بريئون كل البراءة من كل ما ألصقه بهم الشيعة وما نسبوه إليهم من معتقدات وبخاصة معتقد الرفض فهم يحبون الصحابة ويجلونهم ويحترمونهم وينزلونهم المنزلة التي يستحقونها
وفي هذا الزمان وبعد قيام دولة الرافضة ازداد خطر الشيعة واستفحل ضررهم وتفاقم شرهم في غفلة من أهل السنة وعدم انتباه منهم لهذه الموجه الفكرية الشرسة التي تحاول اصطياد العديد من أهل السنة وجرهم إلى معتقد الرفض ومحاولة غرس بغض الصحابة في قلوبهم كل ذلك بشباك يلقونها عليهم محملة بشتى أنواع الشبه التي لا يصمد جاهل إن لم يعصمه الله في وجهها
وقد ازداد هذا الخطر رسوخا بجهل الكثير من أهل السنة بمعتقدات الشيعة وظنهم أن ما بيننا وما بين الشيعة من خلاف كالذي بين أتباع المذاهب الفقهية أي أنه خلاف في الفروع
لذا أردت أن أوضح لإخواني المسلمين معتقدا من معتقدات الشيعة الكثيرة التي خالفوا فيها أهل السنة أشد المخالفة ألا وهو اعتقادهم كفر الصحابة رضي الله عنهم وارتدادهم وقولهم بوجوب سبهم وبغضهم وذلك كي يكونوا على حذر من شبهاتهم محترزين عن التكلم في أصحاب نبيهم أو سبهم أو الوقيعة فيهم وبذلك يتضح الصبح لدى العينين وتتجلى الحقائق لذوي العقول فيتنبه الغافلون من غفلتهم ليتعرفوا على معتقد الشيعة في أفضل جيل عرفته البشرية ألا وهو جيل الصحابة وفي أفضل الناس بعد الأنبياء والمرسلين ألا وهم صحابة محمد رسول الله صل الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين

ولله در القائل :
لا تركنن إلـى الروافض إنهـم شتموا الصحابة دونما برهان
لعنوا كما بغضوا صحابة أحمد وودادهم فرض على الإنسان
حب الصحابـة والقرابة سنـة ألقى بهــا ربي إذا أحيـاني
احذر عقـاب الله وارج ثوابـه حتى تكـون كمن لـه قلبان

 لعنوا كما بغضوا صحابة أحمد
ومن هنا جاء الكتاب مبينا بإيجاز معتقد الشيعة في الصحابة من كتب القوم أنفسهم بلا واسطة وفي هذا إقامة الحجة عليهم وإلزام لهم بما هو مسطور في كتبهم التي امتدحوها ومدحوا مصنفيها وشهدوا لمن سطر ما فيها من معتقدات بالاستقامة وحسن المعتقد وقد جاء هذا الكتاب مقسما إلى مجالس تلقي الضوء على معتقد الشيعة الإثني عشرية في الصحابة بإيجاز

المجلس الأول
دعوى الشيعة الإثني عشرية ارتداد الصحابة بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم
لا يرتاب مسلم صادق في إسلامة في سمو منزلة الصحابة وفضلهم ورفعة شأنهم قوم اختصهم الله تبارك وتعالى لصحبة أفضل رسله محمد صل الله عليه وسلم فصدقوه وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي جاء به فتلقوه عذبا زلالا وسائغا فراتا من مشكاة النبوة وأخلصوا دينهم لله وبذلوا فيه سبيله المهج والأرواح والغالي والنفيس والأموال والأولاد فشادوا بنيانه وأكملوا صرحه وفتحوا البلاد وهدوا العباد فكانوا بذلك أهلا لرضوان الله ومحبته ورحمته وجنته فكانوا خير أمة أخرجت للناس وخير القرون
ثم الشيعة الإثنا عشرية بعدما تبين لهم فضل أولئك الصحب الأبرار والخيرة الأطهار يزعمون أن هؤلاء الكرام البررة رضي الله تعالى عنهم قد ارتدوا جميعا على أدبارهم القهقرى إلا نفرا يسيرا منهم رجحوا أنهم ثلاثة : وهم سلمان وأبو ذر والمقداد استثنوهم من عداد من ارتد من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم

قال التستري -من كبار علمائهم- :" كما جاء موسى للهداية وهدى خلقا كثيرا من بني إسرائيل وغيرهم فارتدوا في أيام حياته ولم يبق فيهم أحد على إيمانه سوى هارون(ع) كذلك جاء محمد صل الله عليه وسلم وهدى خلقا كثيرا لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم" (إحقاق الحق للتستري ص 316)

ولئن سألت الشيعة أدلة جلية ألجأتهم إلى هذا القول لرأيتهم قد افتروا أقوالا ونسبوها -زورا وبهتانا- إلى من يدعون أنهم أئمة لهم أمثال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وغيرهم
فمن الأقوال التي نسبوها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه :"أن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله صل الله عليه وسلم غيرأربعة" (أنظر السقيفة لسليم بن قيس ص 92 والأنوار النعمانية للجزائري 1/81) زادوا عمار بن ياسر رضي الله عنه على الثلاثة السابقين
ومن الأقوال التي نسبوها إلى محمد بن علي الباقر رحمه الله :"كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة" ( روضة الكافي للكليني ص 115 وتفسير العياشي 1/199واختيار معرفة الرجال ص 6-8-11 وانظر علم اليقين للكاشاني 1 / 743-744 وتفسير الصافي له 1/148-305 وقرة العيون له ص 426 والبرهان للبحراني 1/ 319 وبحار الأنوار للمجلسي 6/749 وحياة القلوب له 2/837 والدرجات الرفيعة للشيرازي ص 223 وحق اليقين لعبدالله شبر 1/ 218-219 ) و" ارتد الناس إلا ثلاثة نفر"(المصادر السابقة نفسها)
وقد وصف الشيعة أسانيد هذه الروايات أنها معتبرة (أنظر تفسير الصافي للكاشاني 1/148 وقرة العيون له ص 426 وحق اليقين لشبر 1/ 218)
وهناك روايات أخرى مكذوبة ملأ الشيعة بها كتبهم ونسبوها -كذبا وبهتانا- إلى عدد من أئمتهم (راجع في ذلك كتابي : موقف الشيعة الإثني عشرية من الصحابة رضي الله عنهم)
ولا ريب أن هؤلاء الأئمة الطيبين بريئون من ذلك وما نسبه إليهم الشيعة هو محض إفك مفترى والحق أنه قد كذب على أئمة أهل بيت نبينا صل الله عليه وسلم أكثر مما كذب على غيرهم حتى شكا الأئمة -وعلى رأسهم جعفر الصادق- من ذلك
وقد بين الإمام جعفر بن محمد الصادق رحمه الله -إمام الشيعة السادس- ذلك بقوله :"إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا –بكذبه علينا- عند الناس"(اختيار معرفة الرجال للطوسي ص 108 وتنقيح المقال للمامقاني 2/184 ومعجم رجال الحديث للخوئي 1/202)
أضف إلى ذلك معارضة هذه  المزاعم -ما زعمه الشيعة من ارتداد الصحابة- لما أخبر الله به تبارك وتعالى من أنه رضي عن الصحابة في غيرما موضع من كتابه الكريم وأمر بالاستغفار لهم والمؤمن المطيع المتبع لا يصنع كصنيع الشيعة مع الصحابة أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم بل يستغفر لهم ويترضى عنهم ويعتقد أن ما نحن فيه من نعمة فهو من جهودهم رضي الله عنهم وجهادهم ونتائج أعمالهم الطيبة المباركة وثمرة لما قدموه من مال وولد في سبيل نصر دين الله ونشره وإعلاء كلمة الله حتى لا يعبد أحد سواه
والله تبارك وتعالى أخبر أنه رضي عن الصحابة الذين بايعوا رسول الله صل الله عليه وسلم تحت الشجرة بقوله :"لقد رضي الله عن المؤمنين إذا يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا"(سورة الفتح الآية 18)
وكانت عدتهم رضي الله عنهم ألفا وثلاثمائة باعتراف الشيعة أنفسهم (انظر مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب المازندراني 2/22 والبرهان للبحراني 4/ 196-197)
ولم يرتد منهم أحد فكيف يجوز الشيعة أن يرضى الله عز وجل عن أقوام ويحمدهم وهو يعلم أنهم سيرتدون على أعقابهم بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ بل وكيف يزعمون بعد هذا الإخبار أن الصحابة ارتدوا إلا نفرا يسيرا؟ إلا أن يقولوا : إن الله لم يعلم ذلك حتى وقع فإن قالوها فقد عرضوا أنفسهم للعنة أحد الأئمة -المعصومين عندهم- جعفر الصادق الذي لعن من قال : إن الله لا يعلم الشيء حتى يكون( أسنده إليه الكشي الشيعي في كتابه معرفة الرجال اختيار معرفة الرجال للطوسي ص 151)
ودعا عليه بالخزي فقال : "من قال هذا أخزاه الله" ( أسنده الكليني في كتابه الكافي ( الأصول من الكافي للكليني 1/148) )
والآية عامة في الرضا عن المبايعين تحت الشجرة تشمل جميع المبايعين فـ(إذ) في قوله (إذ يبايعونك) ظرف وسواء أكانت ظرفا محضا أم كانت ظرفا فيها معنى التعليل فإنها تدل على تعلق الرضا بجميع المبايعين فعلم أنهم جميعا من المرضي عنهم
وخلاصة القول : أن دعوى الشيعة ارتداد الصحابة أمر قائم على الهوى وليس لديهم دليل نقلي صحيح ولا عقلي صريح يسوغ لهم الإقدام على مثل هذا الادعاء الخطير
اللهم اعصمنا بالتقوى واحفظ علينا حبنا لصحابة نبيك صل الله عليه وسلم كما ترضى يا رب العالمين

المجلس الثاني
دعوى الشيعة الإثني عشرية نفاق أكثر الصحابة في حياة الرسول صل الله عليه وسلم

لم يكتف الشيعة الإثني عشرية بنسبة الصحابة رضي الله عنهم إلى الإرتداد بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم بل زعموا أن أكثرهم أظهروا الإسلام و أضمروا الكفر في حياته عليه السلام
قال التستري -من علماء الشيعة- عن الصحابة :" إنهم لم يسلموا بل استسلم الكثير رغبة في جاه رسول الله .... إنهم داموا مجبولين على توشح النفاق وترشح الشقاق"(إحقاق الحق للتستري ص3)
والمتأمل لهذا القول يسخر من سفاهة هذا الشيعي وسوء رأيه إذ أي مال أو منصب أو شيء من حطام الدنيا كان لديه عليه السلام وقومه قد رموه من قوس واحدة وتآمروا على قتله وقتل من معه من صحابته وأذاقوهم من العذاب ألوانا وأنزلوا بهم من الكربات ما الله به عليم مما لا يصبر عليه صناديد الرجال وهم ثابتون مقيمون على إسلامهم قابضون على دينهم ولو تركوه صل الله عليه وسلم وتركوا دينه لأكرمهم المشركون وأعطوهم حتى يعطوهم من حطام الدنيا ولكن نظرتهم لم تكن إلى هذه الفانية بل كانت نظرة عميقة إلى ما وراء هذه الحياة مما أعد الله لهم فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
وكان الواحد منهم يلقى في رمضاء مكة في الأيام الشديدة الحر وتوضع عليه الصخور والأحجار الكبيرة حتى يرجع عن دينه فلا يزيده هذا إلا ثباتا على أمر الله ومضيا على الحق ولسان حاله يقول لعتاة المشركين وجبابرتهم : "اقض ما أنت قاض إنما تقض هذه الحياة الدنيا" ولو قال لهم كلمة واحدة أحسوا منها أنه مستعد لترك دينه لأغدقوا عليه وأعطوه ولكنه الإيمان إذا لامس بشاشة القلوب يلتحم به التحاما لا يمكن فكه إلا أن يشاء الله
فقل لي بربك يا مسلم : هل هذه من صفات المنافقين وهل هؤلاء الأبرار منافقون كما زعم الشيعة؟!

وقد أكد حسن الشيرازي -وهو من الشيعة المعاصرين- نفاق أكثر الصحابة وتساءل عن سبب قبول النبي صل الله عليه وسلم للمنافقين في صفوف المؤمنين؟ ثم أجاب نفسه بقوله :"إنه لم يكن من صالح النبي صل الله عليه وآله وسلم منذ فجر الإسلام أن يقبل المخلصين فقط ويرفض المنافقين وإنما كان عليه أن يكدس جميع خامات الجاهليه ليسيج بها الإسلام عن القوى الموضعية والعالمية التي تظاهرت ضده فكان يهتف :"قولوا لا إله إلا الله تفلحوا".... إلى أن قال : ولم يكن للنبي أن يرفضهم وإلا لبقي هو وعلي وسلمان وأبو ذر والعدد القليل من الصفوة المنتجيين"(الشعائر الحسينية لحسن الشيرازي ص 8-9)
ثم استرسل حسن الشيرازي في حديثه عن الصحابة فقال :"غير أنهم تكاثروا مع الأيام وعلى إثر كثرتهم استطاع رؤوس النفاق أن يتسللوا إلى المراكز القيادية فخبطوا في الإسلام خبطا ذريعا كاد أن يفارق واقعه لولا أن تداركه بطله العظيم علي بن أبي طالب عليه السلام .."(الشعائر الحسينية لحسن الشيرازي ص 10)

ومراده برؤوس النفاق : أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فهم الذين عناهم الشيعي بقوله :"استطاع رؤوس النفاق.."
وهذه المزاعم التي فيها طعن واضح برسول الله صل الله عليه وسلم الذي لم يكن يهتم بالكيف بل كان جل اهتمامه منصبا على الكم -على حد زعم هذا الشيعي- فكان على حد ما زعم يجمع الناس دون اهتمام منه بسلامة عقيدتهم وصدق رغبتهم في الدخول في الإسلام ليقاتل بهم القوى الموضعية والعالمية وكان هذا الشيعي لا يدرك أن المنافقين من أشد القوى الموضعية خطرا على الدين وعلى أتباعه المسلمين المتربصين بهم الدوائر وكأنه لا يعلم أيضا أن المنافقين ممن أمر رسول الله صل الله عليه وسلم بجهادهم في قوله تعالى : "يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" (سورة براءة جزء من الآية 73)
وقال المامقاني -من الشيعة- :"إن من المعلوم بالضرورة بنص الآيات الكريمة وجهود الفساق و المنافقين في الصحابة بل كثرتهم فيهم وعروض الفسق بل الارتداد لجمع منهم في حياته ولآخرين بعد وفاته.." (تنقيح المقال للمامقاني 1/213)
وقول المامقاني بوجود المنافقين في صفوف الصحابة صحيح لكن زعمه كثرتهم من الكذب إذ لو كانوا كثيرين كما زعم هو وأسلافه لأحاطوا برسول الله وصحابته وقضوا عليهم وأقاموا دولة حال ظهور الإسلام دون قيامها ولكنهم كانوا قلة حقيرة وشرذمة قليلة لم يكن لهم حول ولا طول وقوة عقيدة أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم وقفت حاجزا منيعا بينهم وبين مخططاتهم وسورا عاليا منعهم من تحقيق مآربهم لذلك لذلك لم تصدر منهم إلا أقوال يسيرة دلت على أفئدتهم وما يعتمل في نفوسهم من حقد دفين نحو الإسلام ورسوله وأصحابه
وهناك أقوال أخرى كثيرة صدرت عن الشيعة تحاول إلصاق تهمة النفاق بصحابة أطهار أبعد ما يكونون عن الاتصاف بها (انظر على سبيل المثال لا الحصر : تفسير القمي 2/186 والبرهان للبحراني 3/299 وتفسير الصافي للكاشاني 2/342 وقرة العيون له ص 416-420)
ولست أدري كيف تتفق هذه الأقوال مع ما ذكره الشيعة في كتبهم ونسبوه إلى أئمتهم من مدح للصحابة رضوان الله عليهم وثناء عليهم ووصف لهم بصفات لا يتصف بها المنافقون منها :
1-  قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه مخاطبا من كان في جيشه يحكي لهم عن إخوانه صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم : "فقد رأيت أصحاب محمد صل الله عليه وآله فما أرى أحدا يشبهه منكم لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا وقد باتوا سجدا وقياما ويراوحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم وإذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم مادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب ورجاء للثواب"(ذكره الشريف الرضي في نهج البلاغة ص 143)
فهل هذه صفات المنافقين الذين وصفهم الله تبارك وتعالى بقلة الذكر لله وتكاسلهم في أداء الصلاة وخداعهم لله ورسوله وللمؤمنين بقوله : "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا"(سورة النساء الآية 142)؟ اللهم لا

2-  وتأمل كذلك قول جعفر الصادق رحمه الله فيهم :"كان أصحاب رسول الله صل الله عليه وآله اثني عشر ألفا ثمانية آلاف من المدينة وألفان من مكة وألفان من الطلقاء ولم ير فيهم قدري ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب رأي كانوا يبكون الليل والنهار ويقولون اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير"(أسنده إليه الصدوق في كتابه الخصال 2/639-640)
فهل هذه صفات المنافقين ؟؟!! اللهم لا
ولكن الشيعة أعرضوا عن أقوال أئمتهم واتبعوا أهواءهم وما تمليه عليهم معتقداتهم الفاسدة ويبدلوا قولا غير الذي قيل لهم
وخلاصة القول : أن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم كانوا من أبعد الناس عن الإتصاف بصفة النفاق بل كانوا يخافون النفاق فيفرون منه إلى أقوالهم وأفعالهم وقد كانوا رضي الله عنهم مدركين أن الدخول في النفاق يسلبهم اسم الإسلام ولقب الصحبة الشريف الذي يحملونه

المجلس الثالث
إنكار الشيعة الإثني عشرية لعدالة الصحابة رضي الله عنهم

لا يشك مسلم في أن أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم هم أمناء هذه الأمة وحملة الشريعة ونقلتها إلى الأمناء من بعدهم لا يحتاج واحد منهم إلى توثيق أو تعديل وكيف وقد أثنى عليهم ربهم وإلههم جل وعلا ثناء يقطع لهم بالعدالة والوثاقة في آيات كثيرة من  كتابه الكريم مثل قوله تعالى : "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"(آل عمران الآية 110) وقوله جل وعلا : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس" (البقرة الآية 143) والوسط العدل والصحابة أول من يدخل في شمول الخطاب أضف إلى ذلك الكثير من الآيات التي أثنى الله تعالى من خلالها على أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم وبين فضلهم وأخبره برضاه عنهم وكذلك إثبات الخيرية لهم من رسولهم صلى الله عليه وسلم ونهيه عن سبهم ومعلوم أن إنكار عدالتهم سب لهم ونشره لفضائلهم ومناقبهم كل ذلك مما يستلزم العدالة لهم دون توقف

قال محمد بن أحمد الحنبلي -الشهير بابن النجار- :"إن من أثنى الله سبحانه وتعالى عليه بهذا الثناء كيف لا يكون عدلا؟ فإذا كان التعديل يثبت بقول اثنين من الناس فكيف لا تثبت العدالة بهذا الثناء العظيم من الله سبحانه وتعالى ومن رسوله صل الله عليه وسلم"(شرح الكوكب المنير لابن النجار 2/475)
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله -بعدما ذكر جملة من فضائل الصحابة رضي الله عنهم- : "كلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له.... على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما كرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وفوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين وهو مذهب كافة العلماء" (الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص 48-49)
فالحكم بتعديل الصحابة رضي الله عنهم مبني على تعديل الله تعالى وتعديل رسوله صل الله عليه وسلم لهم ولسنا نحتاج بعد تعديل الله تعالى وتعديل رسوله صل الله عليه وسلم لهم إلى تعديل أحد أيا كان
ولكن الشيعة الإثني عشرية رغم هذا البيان الواضح من الله تعالى ومن رسوله صل الله عليه وسلم أنكروا عدالة الصحابة جملة وتفصيلا وزعموا أن حكم الصحابة من حيث العدالة كحكم غيرهم ليس لهم مزية على غيرهم -فهم على حد زعمهم- قوم من الناس لهم ما للناس وعليهم ما على الناس
قال المجلسي -شيخ الدولة الصفوية ومرجع الشيعة المعاصرين- في معرض حديثه عن عدالة الصحابة بعد أن ذكر قول أهل السنة فيها : "وذهبت الإمامية إلى أنهم -أي الصحابة- كسائر الناس من أن فيهم العادل وفيهم المنافق والفاسق الضال بل كان أكثرهم كذلك" (بحار الأنوار للمجلسي 8/8 ونقله عنه المعلق على كتاب الإيضاح لابن شاذان ص 49 وعلى كتاب أمالي المفيد ص 38) أي كان أكثر الصحابة منافقا وفاسقا وضالا -على حد قوله-
وقال الشيرازي -من الشيعة- : "حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم ولا يتحتم الحكم بالإيمان والعدالة بمجرد الصحبة ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار إلا أن يكون مع يقين الإيمان وخلوص الجنان فمن علمنا عدالته وإيمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته وأنه مات على ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار : واليناه وتقربنا إلى الله بحبه ومن علمائنا أنه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت -ع- عاديناه لله تعالى وتبرأنا إلى الله منه"(الدرجات الرفيعة للشيرازي ص11)
وقال التستري الشيعي : "الصحابي كغيره لا يثبت إيمانه إلا بحجة" (الصوارم المهرقة للتستري ص6)
وقال التستري الشيعي : "ليس كل صحابي عدلا مقبولا" (الصوارم المهرقة للتستري ص9)
وقد تكلم الكاشاني -من مفسري الشيعة- في مقدمة كتابه عن أخذ الناس من تفاسير الصحابة لآيات القرآن فقال : "إن هؤلاء الناس لم يكن لهم معرفة حقيقة بأحوالهم -يعني بأحوال الصحابة- لما تقرر عنهم أن الصحابة كلهم عدول ولم يكن لأحد منهم عن الحق عدول ولم يعلموا أن أكثرهم كانوا يبطنون النفاق ويجترئون على الله ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق" (تقسير الصافي للكاشاني 1/4)
وبين الزنجاني -من الشيعة المعاصرين- موقف الشيعة من عدالة الصحابة فقال : "قول الشيعة في الصحابة أنهم كغيرهم من الرجال فيهم العدول من الرجال والفساق..." (عقائد الإمامية الإثني عشرية للزنجاني 3/85)
ونقل المامقاني -من علماء الرجال عند الشيعة- إجماع الإمامية على ذلك فقال : "قد اتفق أصحابنا الإمامية على أن صحبة النبي وبمجردها لا تستلزم عدالة المتصف بها ولا حسن حاله وأن حال الصحابي حال من لم يدرك الصحبة في توقف قبول خبره على ثبوت عدالته أو وثاقته أو حسن حاله ومدحه المعتد به مع إيمانه" (تنقيح المقال للمامقاني 1/213)
وممن نقل إجماع الشيعة الإمامية على إنكار عدالة الصحابة : محمد جواد مغنية -وهو من الشيعة المعاصرين- حيث قال : "قال الإمامية : إن الصحابة كغيرهم فيهم الطيب والخبيث والعادل والفاسق"(الشيعة في الميزان لمغنية ص 82)

إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة التي ذكرها الشيعة منكرين من خلالها عدالة الصحابة رضي الله عنهم
وخلاصة القول : أن الشيعة الإثني عشرية مجمعون على إنكار عدالة الصحابة ولم يخالف منهم أحد في ذلك بنفسها
ولا شك أن إنكار الشيعة لعدالة الصحابة تعد مخالفة لما ورد في الكتاب والسنة من أدلة تثبت العدالة التي أنكروها وقد تقدم ذكر بعضها ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" (صحيح البخاري -واللفظ له- 5/63 ك فضائل الصحابة الباب الأول منه وصحيح مسلم 4 / 1964 ك فضائل الصحابة باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم) فقد أثبت الرسول الكريم صل الله عليه وسلم لصحابته الخيرية المطلقة والأفضلية على سائر أمته التي هي خير الأمم فدل على أن الصحابة رضي الله عنهم خيار من خيار
والحق أن إنكار الشيعة لعدالة الصحابة -إضافة إلى كونه يعد مخالفا لكتاب الله وسنة رسوله عليه السلام- جد خطير يفضي بهم إلى رد ما رواه الصحابة وما نقلوه من الدين جملة وتفصيلا وبالتالي إبطال الكتاب والسنة ومن يقرأ كتبهم يجد هذا واضحا وهذا الذي حدا بعلماء أهل السنة إلى التشدد في قبول رواية المبتدعين وخاصة الذين يطعنون في أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم
قال الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله : "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن رسول الله صل الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلنيا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" (أسنده إليه الخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية" ص 97 وانظر الإصابة لابن حجر 1/11)
وقال يحيى بن معين رحمه الله في تليد بن سليمان المحاربي الكوفي :"كذاب كان يشتم عثمان وكل من شتم عثمان أو طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم دجال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (أسنده إليه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 7 / 138 وانظر : التاريخ لابن معين-رواية الدوري- 2/66 وتهذيب التهذيب لابن حجر 1/509)
وقال أبو أحمد الحاكم الكرابيسي (ت378هـ) في يونس بن خباب الأسيدي مولاهم أبو حمزة الكوفي وكان يشتم عثمان رضي الله عنه : "تركه يحيى (ابن معين) وعبدالرحمن(ابن مهدي) وأحسنا في ذلك لأنه كان يشتم عثمان ومن سب أحدا من الصحابة فهو أهل أن لا يروى عنه" (تهذيب التهذيب لابن حجر 11/438 )
والحق أن الإنسان يعجب حين يجد الشيعة يجعلون لمن نظر إلى الإمام الثاني عشر -عندهم(مع انه لم يخلق فالحسن العسكري كان عقيما ولم ينجب)- نظرة واحدة مرتبة أعلى من مرتبة العدالة بينما يجدهم يمنعون مرتبة العدالة عن الصحابة الذين رأوا رسول الله صل الله عليه وسلم ونصروه وبذلوا أنفسهم وأموالهم وأرخصوا أرواحهم في سبيل نصرة دعوة الله وإعلاء كلمته رجاء لما عند الله وطمعا في جنته : قال المامقاني -وهو من كبار علماء الجرح والتعديل عند الشيعة- في معرض كلامه على الأمور التي تعرف بها عدالة الرجل من شيعتهم : "ومنها تشرف الرجل برؤية الحجة المنتظر -عجل الله تعالى فرجه وجعلنا من كل مكروه فداه- بعد غيبته (يقصد الغيبة الصغرى إذ له غيبتان على حد زعمهم غيبة صغرى أمكن رؤيته فيها وغيبة كبرى لم يره احد فيها) فإنا نستشهد بذلك على كونه في مرتبة أعلى من مرتبة العدالة" (تأمل :"في مرتبة أعلى من مرتبة العدالة" بينما يمنعون مرتبة العدالة عن صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم)
ضرورة أنه لا يحصل تلك القابلية إلا بتصفية النفس وتخلية القلب من كل رذيلة وعراء الفكر من كل قبيح وإلى هذا المعنى أشار مولانا العسكري (ع) بقوله لمن أراد الحجة -روحي فداه- : لولا كرامتك على الله لما أريتك ولدي هذا ..." (تنقيح المقال للمامقاني 1/211)
وهذا يدل -والعياذ بالله- على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة

المجلس الرابع
موقف الشيعة الإثني عشرية من الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

ولكنــي أحب بكـل قلبـي وأعلم أن ذاك مـن الصواب
رسول الله والصـديق حبـا به أرجو غدا حسـن الثواب

والله إن المرء ليستشعر نقصه ويعجز عن البداية وعن بلوغ النهاية مع بعد الغاية إذا أراد أن يكتب عن سيرة رجل لم تحمل الغبراء ولم تظل السماء بعد الأنبياء والمرسلين رجلا أفضل منه رجل جمع الله فيه الفضائل كلها والمزايا الخلقية جميعها فكان خيرا كله
ذاكم هو الصديق أبو بكر أول الصحابة إسلاما وأخصهم برسول الله صل الله عليه وسلم وأفضلهم على الإطلاق
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم حين كذبه الناس ولم يتردد في قبول دعوته إلى الإسلام حين تردد وأبى الأدنون وواسى رسول الله صل الله عليه وسلم بنفسه وماله حتى قال فيه رسول الله صل الله عليه وسلم :"إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله" (صحيح البخاري 5/67-68 ك المناقب باب فضل أبي بكر)
أسلم على يديه صفوة الأصحاب وأعتق بماله الكثير من الرقاب وسماه رسول الله صل الله عليه وسلم صديقا واتخذه أخا في الله صديقا وانتقل إلى جوار ربه وهو عنه راض فرضي الله تعالى عن أبي بكر وأرضاه
ولكن الشيعة الإثني عشرية لم يرقبوا في أبي بكر صدق صحيته وفضله وقربه من رسول الله صل الله عليه وسلم فرموه بكل شين ونقيصة واتهموه في إسلامه وأخلاقه وعرضه وأمانته وسلقوه بألسنة حداد أشحة على الخير
وليس هذا القول افتراء على الشيعة فكتبهم هي الشاهد على صدق هذه الدعوى وعدم كذبها
وسأقتصر على ذكر بعض هذه المطاعن ليكون المسلم على بينة من أمر هذه الطائفة التي لم يسلم منها خيار عباد الله تعالى

(المطاعن التي وجهها الشيعة إلى الصديق رضي الله تعالى عنه كثيرة جدا وهذا الذي ذكرته غيض من فيض مما في كتبهم)
فمنها :
أولا : طعن الشيعة في صدق إيمان أبي بكر رضي الله عنه
يطعن الشيعة في صدق إيمان أبي بكر رضي الله عنه ويصفونه بأنه رجل سوء (كما ذكر ذلك الجزائري الشيعي في الأنوار النعمانية 4/60) أمضى أكثر عمره مقيما على الكفر خادما للأوثان (ذكر ذلك البياضي الشيعي في الصراط المستقيم 3/155 والكاشاني الشيعي في علم اليقين 2/707) عابدا للأصنام (ذكر ذلك الكركي الشيعي في"نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت" ق 3أ) حتى شاب قرنه وابيض فؤاده (ذكر ذلك الكاشاني الشيعي في علم اليقين 2/707-708 والفود : معظم شعر الرأس فيما يلي الأذن وفود الرأس : حانباه (انظر لسان العرب لابن منظور 3/340))
ولم يكتفوا بهذا بل زعموا أن إيمانه كان كإيمان اليهود والنصارى لأنه لم يتابع محمدا صل الله عليه وسلم لاعتقاده انه نبي بل لاعتقاده أنه ملك (كما ذكر ذلك حيدر الآملي -الشيعي- في كتابه الكشكول ص 104) لهذا لم يكن إسلامه صادقا فقد استمر على عبادة الأصنام حتى إنه -على حد قولهم- "كان يصلي خلف رسول الله صل الله عليه وآله والصنم معلق في عنقه يسجد له"(نفحات اللاهوت للكركي ق 3أ والأنوار النعمانية للجزائري 1/53) وكان يفطر متعمدا في نهار رمضان ويشرب الخمر ويهجو رسول الله صل الله عليه وسلم (البرهان للبحراني 1/500)
قال الطوسي الشيعي : "إن من الناس من شك في إيمانه لأن في الأمة من قال : إنه لم يكن عارفا بالله تعالى قط" (تلخيص الشافي للطوسي ص 407)
وأما ابن طاوس الشيعي فقد جزم بأن أبابكر مشكوك في هدايته (الطرائف لابن طاوس ص 32)
وجزم المجلسي بعدم إيمانه (مرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي 3/429-430)
أما باطنه رضي الله عنه فقد زعموا أنهم اطلعوا عليه وتبين لهم من خلال هذا الاطلاع أنه كافر (ذكر ذلك الكوفي الشيعي في كتابه الاستغاثة في بدع الثلاثة ص 20) حتى إنهم حرفوا قول رسول الله صل الله عليه وسلم : "إن أبا بكر لم يسؤني قط" بما يوافق مزاعمهم الباطلة فقالوا : "هذه صيغة  ماض وهي تستلزم أن كفر أبي بكر لم يسؤه عليه السلام" (ذكر ذلك البياضي الشيعي في الصراط المستقيم 3/149)
وهذه المزاعم التي قالها الشيعة كلها كاذبة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة وليس لهم دليل عليها إلا ما يعتمل في صدورهم من حقد على الصديق رضي الله عنه وإخوانه الصحابة فالصديق رضي الله عنه صحب رسول الله صل الله عليه وسلم مؤمنا به من مبعثه إلى أن مات
وقد أجمع المسلمون على أن الصديق رضي الله عنه أول من صدق رسول الله صل الله عليه وسلم وآمن به من الرجال (فضائل الصحابة للإمام أحمد 1/223-227 وتاريخ دمشق لابن عساكر 9/529 و 538-543 والروض الأنيق لابن زنجويه ق 3/ب – 8/ب 86/ب والسيرة النبوية لابن كثير 1/435) وعليا أول من آمن من الصبيان وخديجة أول من آمنت من النساء وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي (السيرة النبوية لابن هشام 1/240-250 والسيرة النبوية لاين كثير 1/428-427)
وقد سئل الحبر ابن عباس رضي الله عنهما : "من أول من آمن؟ فقال : أبو بكر الصديق أما سمعت قول حسان :

إذا تذكرت شجوا من اخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أوفاها وأعدلها بعد النبي وأولاها بما حملا
والتالي الثاني المحمود مشهده وأول الناس منهم صدق الرسلا
فضائل الصحابة للإمام احمد 1/ 142 وتاريخ دمشق لابن عساكر 9/540 والسيرة النبوية لابن كثير 1/435 وانظر أيضا المستدرك للحاكم 3/64 ودر السحابة للشوكاني ص 151 فهو مروي عن الإمام الشعبي أيضا
وحين عرض رسول الله صل الله عليه وسلم الإسلام عليه لم يتردد في قبوله ولم يتلعثم بل أقبل عليه بكل جوارحه وقد أخبر عن ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله :"وما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم"(مسند أحمد 2/253-366 وسنن ابن ماجة 1/49 وسيرة ابن هشام 1/252 وتاريخ دمشق لابن عساكر 9/ 543 وانظر السيرة النبوية لابن كثير 1/433 ودر السحابة للشوكاني ص 142)
بينما يروي الشيعة في قصة إسلام علي رضي الله عنه أنه تلعثم وتردد وطلب من رسول الله صل الله عليه وسلم أن يمهله وقال له :"إن هذا الدين مخالف دين أبي وأنا أنظر فيه" (سعد السعود لابن طاووس ص 216) -على حد زعم الشيعة أنفسهم-
أما ادعاء الشيعة أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن مؤمنا حقيقة وأنه عاش مشكوكا في هدايته فكذب بإجماع المسلمين ولا يوجد  دليل واحد في أي كتاب من كتبهم يؤيد هذه المزاعم الباطلة ولو كانت التهم تلقى جزافا لأمكن لمبغضي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يدعو فيه ما ادعى الشيعة في الصديق رضي الله عنه ولكن حاشاه وحاشا الصديق من أن ينسب إليهم ذلك بل هما والصحابة الكرام من سادات أولياء الله وأفضل الناس بعد أنبياء الله ورسله
ومما يشهد لكذب دعوى الشيعة عدم صدق إيمان الصديق رضي الله عنه ما تواتر عن اختصاص النبي صل الله عليه وسلم وشدة لصوقه به وما روي في شدة حب رسول الله صل الله عليه وسلم له ولم يكن عليه الصلاة والسلام يحب إلا طيبا
فقد أخرج البخاري وغيره من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صل الله عليه وسلم : "أي الناس أحب إليك؟ قال : عائشة فقال من الرجال ؟ قال : أبوها" (صحيح البخاري 5/68 ك المناقب باب "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا")
أما قبل الهجرة وقبل أن يتزوج رسول الله صل الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه أحب خلق الله إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فإنه "لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم بن أمية الأوقص امرأة عثمان ابن مظعون رضي الله عنه -وذلك بمكة- : أي رسول الله ألا تتزوج ؟ فقال : ومن ؟ قالت : إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا فقال صل الله عليه وسلم : ومن البكر ومن الثيب؟ قالت : أما البكر فابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر الصديق ..." (أخرجه أحمد والحاكم وقال هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (مسند أحمد 6/210 والمستدرك للحاكم 2/167))
وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " كان أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صل الله عليه وسلم "(أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرطهما ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (المستدرك للحاكم 3/66))
فإذا كان الشيعة لا يتورعون عن توجيه أمثال هذه التهم إلى سيد الصحابة وأفضلهم وأقدمهم إسلاما وأحبهم إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فمن باب اولى أن لا يتورعون عن اتهام من دونه من فضلاء الصحابة بشتى انواع التهم
فاحذر يا عبدالله أن تغتر بأقوالهم أو يقع في قلبك شيء من بهتانهم فإنها والله كذب كلها ليس من دليل عليها أملتها عليهم عقيدتهم في الصديق رضي الله عنه وما يعتمل في قلوبهم من حقد عليه وعلى إخوانه أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم الذين اصطفاهم الله واختصهم من بين الناس كلهم لصحبة أفضل رسله وخير أنبيائه فإن أبغضت أبا بكر لقد أبغضت أحب الناس إلى قلب نبيك ورسولك صل الله عليه وسلم ولو كنت تحب نبيك صل الله عليه وسلم لأحببت من يحبه إذ علامة المحبة أن تحب ما أحب حبيبك صل الله عليه وسلم

ثانيا : زعم الشيعة أن أبا بكر يعتقد أن رسول الله ساحرا وليس رسولا
يزعم الشيعة أنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يعتقد أن رسول الله محمدا صل الله عليه وسلم ساحر وليس رسولا نبيا فقد روى الصفار والقمي والمفيد -من الشيعة- بأسانيدهم الشيعية عن خالد بن نجيح ( شيعي حسن المامقاني -من علماء الشيعة- حديثه (تنقيح المقال للمامقاني 1/393)) قال : قلت لأبي عبدالله جعفر الصادق : جعلت فداك ! سمى رسول الله صل الله عليه وآله أبا بكر : الصديق ؟ قال : نعم قال : فكيف ؟ قال حين كان معه في الغار قال رسول الله صل الله عليه وآله إني لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالة قال : يا رسول الله صل الله عليه وآله وسلم! وإنك لتراها ؟ قال : نعم قال : فتقدر أن ترينيها ؟ قال : أدنو مني قال : فدنى منه فمسح على عينيه ثم قال انظر فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضظرب في البحر ثم نظر إلى قصور المدينة فقال في نفسه الآن صدقت أنك ساحر فقال : رسول الله صل الله عليه وآله : الصديق أنت (بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 444 وتفسير القمي ط حجرية ص 157 ط حديثة 1/290 والاختصاص للمفيد ص 19 وانظر مختصر بصائر الدرجات للحلي ص 29)
ونسب الشيعة إلى أبي جعفر الباقر زورا وبهتانا أيضا نحوا من هذه الحكاية (بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 444 وروضة الكافي للكليني ط حجرية ص 338 ط حديثة 218 وانظر تفسير الصافي للكاشاني 1/702 والبرهان للحراني 2 /125 – 126 ومرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي 4 /338)
وزعم سليم بن قيس من الشيعة في كتابه السقيفة أنه سمع نحوا من هذه القصة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه (السقيفة لسليم بن قيس ص 224 - 225)
فهذا هو إذن السبب الذي لأجله لقب النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق كما يزعم الشيعة
 والحق أن المرء ليعجب من سخافة عقول هؤلاء وسوء فهمهم وسهولة اختراعهم للقصص الباطلة دعما لمعتقدهم على الرغم مما فيها من تناقضات مكانية وزمانية يلحظها من أول وهلة من له أدنى إلمام بسيرة رسول الله صل الله عليه وسلم وحياة أصحابه رضوان الله عليهم أضف إلى ذلك تفاهة هذه القصص وتهافتها مع ما فيها من عجمة تدل على أصل واضعها والكلام مع الشيعة في هذا الإفك الذي نسبوه إلى أئمة أطهار بريئين منه ومنهم ذو وجهين :

أحدهما : يبين جهل الشيعة وتجاهلهم للسبب الحقيقي الذي لأجله لقب أبو بكر رضي الله عنه بالصديق والآخر يبين تفاهة ما استدلوا به وتهافته وتناقضه
فلا تسلم للشيعة دعواهم أن سبب تلقيب أبا بكر بالصديق هو هذا الذي زعموه فالصديق إنما سمي بذلك لكونه سارع إلى تصديق النبي صل الله عليه وسلم وسبق غيره في ذلك
قال الحافظ ابن حجر : لقب بالصديق لسبقه إلى تصديق النبي صل الله عليه وسلم وقيل : كان ابتداء تسميته بذلك صبيحة الإسراء (فتح الباري 7/9 وقد قال ابن الأثير وابن زنجويه نحوا من قوله (مال الطالب لابن الأثير ص 274 والروض الأنيق لابن زنجويه ق 29أ))
ويشمل بقول  الحافظ ابن حجر ما رواه الإمام البخاري بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه وفيه يخبر عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال : إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق ففي هذا الحديث الشريف إشارة إلى أن الصديق رضي الله عنه سبق الصحابة جميعا إلى تصديق النبي صل الله عليه وسلم
وكذلك ما أخرج الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : لما أسري بالنبي صل الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا في ذلك إلى أبي بكر فقالوا هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم قال : لإن كان قال ذلك لقد صدق قال أتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبو بكر بالصديق (المستدرك للحاكم 3/ 62 -وصححه- وانظر در السحابة للشوكاني ص 150)
والرسول صل الله عليه وسلم قد لقب أبا بكر بالصديق في مواضع كثيرة وذكر أن معنى الصديق الذي يصدق ويصدق ولا يزال يصدق ويتحرى الصدق فقد أخرج الشيخان واللفظ لمسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صل الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرا الصدق حتى يكتب عند الله صديقا (صحيح البخاري 8/46 ك الأدب باب قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وصحيح مسلم 4/2013 ك البر باب قبح الكذب وحسن الصدق)
وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ليست فضيلته في مجرد تحري الصدق بل لأنه علم ما أخبر به النبي صل الله عليه وسلم جملة وتفصيلا وصدق ذلك تصديقا كاملا وما زعمه الشيعة من أن الصديق رضي الله عنه إنما لقب بذلك لأنه أضمر -وهو في الغار- أن رسول الله صل الله عليه وسلم ساحر باطل لأدلة كثيرة منها :
1-  إن تعريف الصديق لغة : الدائم التصديق الذي يصدق قوله بالعمل ويوافق باطنه ظاهره والذي يكثر صدقه ويغلب عليه فهو للمبالغة في الصدق (راجع الصحاح للجوهري 4/1506 والمحكم المحيط الأعظم لابن سيده 6/118 ومنال الطالب لابن الأثير ص 274) وقد تقدم تعريفه الشرعي في حديث ابن مسعود المرفوع وهو الذي بصدق ويصدق ويتحرى الصدق والشيعة قد زعموا أن أبا بكر أضمر في نفسه أن رسول الله صل الله عليه وسلم ساحر واستدلوا بما زعموه على عدم صدق إيمانه وعلى مخالفة باطنه لظاهره والرسول صل الله عليه وسلم قد اطلع على خبايا نفسه -بزعمهم- فكافأه على ذلك بمنحه هذا اللقب العظيم الذي لا يمنح إلا لمن أكثر من الصدق وعرف به
فكيف جرى هذا والكاذب لا يكون صديقا كما رووا في كتبهم فقد روى صاحب كتاب "الأشعثيات" بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرفعه : "الكذاب لا يكون صديقا ولا شهيدا" (الأشعثيات للأشعث الكوفي ص 80)
2- إن الهجرة إلى الحبشة كانت قبل هجرة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة ببضع سنين كما ذكر ذلك المؤرخون (السيرة النبوية لابن هشام 1/321 والسيرة النبوية لابن كثير 2/3-9) فكيف رأى رسول الله صل الله عليه وسلم سفينة جعفر بن أبي طالب تعوم في البحر وأراها أبا بكر بالرغم من الفاصل الزمني الكبير بين الواقعتين إذ الهجرة إلى الحبشة حدثت قبل هجرة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة بعدة سنوات -كما أسلفنا-
3- إن في سبب تلقيب أبي بكر في الصديق في الروايات الصحيحة المستفيضة عند أهل السنة ما يدمغ هذا الاحتجاج الكاذب ويبطله وقد تقدم بعض هذه الروايات الصحيحة وبهذا الرد الموجز يتبين أن الصديق رضي الله عنه إنما حاز هذا اللقب الشريف لأنه صدق رسول الله صل الله عليه وسلم في كل ما أخبر تصديقا كاملا في العلم والقصد والقول والعمل وهذان المطعنان اللذان ذكرتهما قليل من كثير من المطاعن التي وجهها الشيعة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهما غيض من فيض مما في كتبهم من المفتريات الموجهة إلى خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين

المجلس الخامس
موقف الشيعة الإثني عشرية من الفاروق أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
في الجاهلية والإســلام هيبتـه تثني الخطوب فلا تعلـو عواديها
في طي شدته أســرار رحمتـه للعالمـين ولكـن ليـس يعشيها
وبين جنبيه في أوفـى صرامتـه فــؤاد والـدة ترعـى ذراريها
إن الذي برأ الفـاروق نـزهـه عـن النقائص والأغراض تنزيها
فـذاك خلـق من الفردوس طينته الله أودع فيهـا مــا ينقيهــا
لا الكبر يسكنها لا الظلـم يصحبها لا الحقد يعرفها لا الحرص يغويها
من قصيدة طويلة للشاعر حافظ إبراهيم في الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه

ذاكم هو الفاروق عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي أفضل صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم بعد الصديق أبي بكر رضي الله عنه
أسلم فكان إسلامه عزا للمسلمين وفتحا مبينا لهم فأعلنوا شعائر دينهم بعدما كانوا يخفونها وفرق الله بإسلامه بين الحق والباطل ولقبه الرسول صل الله عليه وسلم يوم إذن بـ(الفاروق) (طبقات ابن سعد 3/270)
كان قويا في دينه شديدا في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم ثاقب الرأي حاد الذكاء نير البصيرة جعل الله الحق على لسانه وقلبه
تولى الخلافة بعد الصديق رضي الله عنه فكانت ولايته فتحا للإسلام ونصرا مؤزرا إذ تهاوت في أيامه عروش كسرى وقيصر وقضى على أعظم دولتين في ذلك الزمان
وقد بلغ عدل عمر رضي الله عنه الآفاق وأصبح مضرب المثل فأحبه القاصي والداني وودوا لو مد الله في عمره من أعمارهم حتى تدوم ولايته ويدوم ما يتفيؤونه في ضلالها من الأمن والعدل وعز الإسلام ونصر المسلمين إلا أن يد الغدر والحقد امتدت إليه لتضع حدا لحياة هذا العملاق العظيم فقد قام المجوسي الخبيث أبو لؤلؤة بطعنه بخنجر له رأسان نصابه في وسطه كان قد شحذه وأشبعه بالسم ثم غدر بعمر رضي الله عنه وهو يصلي صلاة الفجر فطعنه في كتفه وخاصرته لينتقم لدولة المجوس التي أزالها ولنارهم التي أطفأها كان أمر الله قدرا مقدورا
فرضي الله عن عمر لقد كان إسلامه عزا وخلافته فتحا ووفاته فجيعة لأمة محمد صل الله عليه وسلم
ولا يزال المسلمون يذكرونه على مر العصور وتتابع الأزمان ويتحدثون عن فضائله ومناقبه ويشيدون بعدله الذي صار مضرب المثل إلا الشيعة الإثني عشرية فإنهم رغم فضل عمر رضي الله عنه وسابقته وقربه من رسول الله صل الله عليه وسلم وقد سلقوه بألسنة حداد ورموه بكل شين ونقيصة ووجهوا إليه شتى المطاعن وسأقتصر على بيان بعضها فمنها :

أولا : زعم الشيعة أن عمر رضي الله عنه مصاب بداء دواؤه ماء الرجال
يزعم الشيعة أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان مصابا بداء في دبره لا يهدأ إلا بماء الرجال (أنظر الأنوار النعمانية للجزائري 1/63 ومثل هذا الكلام مذكور في كتاب آخر من كتب الشيعة المعاصرين يعرف بكتاب "الزهراء في السنة والتاريخ والأدب" لمحمد كاظم الكفائي طبع الجزء الأول منه عام 1369هـ وأراد المؤلف إلحاقه بأحد عشر جزءا فخرج الجزء الثاني من الطبع عام 1371هـ في 408 صفحات ولم يتمكن المؤلف من إخراج الأجزاء الباقية وقد عد آغا بزرك الطهراني الشيعي المعاصر هذا الكتاب من كتب الشيعة وذكره ضمن مصنفه : الذريعة إلى تصانيف الشيعة 12/67 وقد رأى هذا الكلام الخبيث في هذا الكتاب الأستاذ البشير الإبراهيمي شيخ علماء الجزائر، عند زيارته الأولى للعراق (أنظر الخطوط العريضة لمحب الدبن الخطيب ص 7 وسراب في إيران لأحمد الأفغاني ص 25))
ولم يكتف الشيعة بهذا التلميح بل تعدوه إلى تصريح إذ صرحت بعض رواياتهم أن عمر رضي الله عنه كان ممن ينكح في دبره :
فقد روى العياشي -الشيعي- أن من تسمى بـ(أمير المؤمنين) فهو ممن يؤتى في دبره (نقله عنه الجزائري في الأنوار النعمانية 1/63) ومعلوم أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من تسمى بـ(أمير المؤمنين) (الاستيعاب لابن عبدالبر 2/466 - 467) وهذا الإفك وجهه الشيعة إلى من أحب الإمام الأول -المعصوم عندهم- علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يلقى الله بمثل عمله (صحيح البخاري 5/77 ك المناقب باب مناقب عمر) وزوجه ابنته أم كلثوم(هذا الزواج ذكره الشيعة أنفسهم في مصنفاتهم (أنظر على سبيل المثال : الفروع من الكافي للكليني 6/115 والأشعثيات للأشعث الكوفي ص 109 والشافي للمرتضى ص 216 وأوائل المقالات للمفيد ص 200 – 202 وبحار الأنوار للمجلسي 9/621- 625 ومصائب النواصب للتستري ص 169 ) فهل يحب الإمام المعصوم عندهم أن يلقى الله بمثل عمل من يؤتى في دبره؟ وكيف زوج الإمام المعصوم عندهم ابنته لمن يؤتى في دبره -على حد زعمهم- ؟سؤال أترك الإجابة عليه أنفسهم

ثانيا : زعم الشيعة نفاق وكفر عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يزعم الشيعة أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان كافرا يبطن الكفر ويظهر الإسلام (أنظر الصراط المستقيم للبياضي ض 3/129 ونفحات اللاهوت للكركي ق 49/ب – 52/أ وإحقاق الحق للتستري ص 284 وعقائد الإمامية للزنجاني 3/27) ويزعمون أن كفره مساويا لكفر إبليس إن لم يكن أشد منه (أنظر : تفسير العياشي 2/ 223-224 والبرهان للبحراني 2/310 وبحار الأنوار للمجلسي 8/220) ولا يكتفي الشيعة بمجرد القول بكفر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بل يلعنون كل من يشك في كفره ويزعمون أنه لا يشك في كفره عاقل :
قال المجلسي -شيخ الدولة الصفوية ومرجع الشيعة المعاصرين- :"لا مجال لعاقل أن يشك في كفر عمر فلعنة الله و رسوله عليه وعلى كل من اعتبره مسلما وعلى كل من يكف عن لعنه " (جلاء العيون للمجلسي ص 45)
ومن العجب أن هذه التهم يوجهها الشيعة جزافا إلى من شهد له رسول الله صل الله عليه وسلم بالإيمان بله الإيمان بالغيب في قوله لأصحابه وليس عمر بينهم : "بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاه فطلبه الراعي فألتفت إليه الذئب فقال : من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري؟ وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت : إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث" فلما سمع الصحابه منه ذلك قالوا : سبحان الله فقال النبي صل الله عليه وسلم :"فإني أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما" (رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 5/78 ك فضائل الصحابة باب مناقب عمر ومسلم في صحيحه 4/1857 – 1858 ك فضائل الصحابة باب : من فضائل أبي بكر  الصديق)
قد أثنى عليه رسول الله صل الله عليه وسلم وذكر صلابة دينه في قوله :"بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك ومر علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره"
فقال له الصحابة رضي الله عنهم : ما أولت يا رسول الله ؟ قال صل الله عليه وسلم : "الدين" (صحيح اليخاري 5/79 ك فضائل الصحابة باب مناقب عمر)
وذكر عليه الصلاة والسلام أن الشيطان يهرب من عمر رضي الله عنه إذا رآه في طريق (صحيح البخاري 4/256 ك بدىء الخلق باب صفة إبليس) وما ذاك إلا بسبب قوة دينه وشدة يقينه رضي الله عنه
فإذا كان أفضل الصحابة بعد أبي بكر ومن وصفه رسول الله صل الله عليه وسلم بالقوة في الدين كافرا عند الشيعة فماذا يقولون فيمن هو دونه في الفضل والدين وقوة الإيمان واليقين؟

ثالثا : فرح الشيعة وابتهاجهم باستشهاد عمر رضي الله عنه واعتبارهم يوم مقتله يوم عيد لهم
الشيعة الإثنا عشرية يفرحون ويبتهجون بمقتل عمر رضي الله عنه ويعتبرون يوم مقتله عيدا من أكبر الأعياد ويعتبرون قاتله أبو لؤلؤة المحوسي الخبيث مسلما من أفضل المسلمين :
فقد روى محمد بن رستم الطبري -الشيعي- بسنده إلى الحسن بن الحسن السامري أنه قال : "كنت أنا ويحيى بن أحمد بن جريج البغدادي فقصدنا أحمد بن إسحاق البغدادي (عده الكشي الشيعي من ثقات أصحاب الحسن العسكري -الإمام الحادي عشر عند الشيعة- أنظر اختيار معرفة الرجال للطوسي ص 557-558) -وهو صاحب الإمام العسكري عليه السلام- بمدينة قم فقرعنا عليه الباب وخرجت إلينا من داره صبية عراقية فسألناها عنه فقالت : هو مشغول وعياله فإنه يوم عيد فقلنا : سبحان الله! الأعياد عندنا أربعة : عيد الفطر وعيد النحر والغدير والجمعة ؟ قالت : روى سيدي أحمد بن إسحاق عن سيده العسكري عن أبيه علي بن محمد عليهما السلام أن هذا يوم عيد وهو خيار الأعياد عند أهل البيت وعند مواليهم -إلى أن ذكر خروج أحمد بن إسحاق إليهم، وروايته عن العسكري عن أبيه أن حذيفة بن اليمان دخل في يوم التاسع من ربيع الأول على رسول الله صل الله عليه وآله فذكر له عليه السلام بعض فضائل هذا اليوم ومثالب من يقتل فيه- قال حذيفة : قلت يا رسول الله! في أمتك وأصحابك من يهتك هذا الحرم ؟ قال صل الله عليه وآله : جبت من المنافقين يظلم أهل بيتي ويستعمل في أمتي الربا ويدعوهم إلى نفسه ويتطاول على الأمة من بعدي فيستجلب أموال الله من غير حله وينفقها في غير طاعة ويحمل على كتفه درة الخزي ويضل الناس على سبيل الله ويحرف كتابهم ويغير سنتي -إلى أن قال :- ثم قال رسول الله صل الله عليه وآله فدهل بيت أم سلمة فرجعت عنه أنا غير شاك في أمر الشيخ الثاني -يقصد عمر (وكنوا عنه بالثاني : لأ،ه ثاني الغاصبين للخلافة من علي –على حد زعمهم- راجع المصادر الشيعية التالية : دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص 257-258 والصراط المستقيم للبياضي 2/26 وتفسير الصافي للكاشاني 2/570 والبرهان للبحراني 4/187 ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص 171-249-260-270-341)- حتى رأيته بعد رسول الله قد فتح الشر وأعاد الكفر والارتداد عن الدين وحرف القرآن واستجاب الله دعاء مولاتي -فاطمة- على ذلك المنافق وأجر قتله على يد قاتله -إلى أن ذكر دخوله على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يهنئه بمقتل عمر رضي الله عنه وإخبار علي له عن هذا العيد أن له أثنين وسبعين اسما منها يوم تنفيس الكربة ويوم الثارات ويوم ندمة الظالم ويوم فرح الشيعة إلخ- " (نقله عن ابن رستم كل من : البياضي في الصراط المستقيم 3/29 -مختصرا- والمجلسي في بحار الأنوار 20/330 ونعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية 1/108-111 وصاحب كتاب "عقد الدرر في بقر بطن عمر" ق 1-3 والنوري الطبرسي في فصل الخطاب ص 219 ومحمد صادق الطبطبائي في مجالس الموحدين ص 691 ومحمد رضا الحكيمي في شرح الخطبة الشقشقية ص 220 – 222 وكل هؤلاء الشيعة أوردوا القصة مطولة)
ويترحم الشيعة الإثنا عشرية على أبي لؤلؤة المجوسي الخبيث ويعدونه رجلا مسلما من أفاضل المسلمين ويذكرون أنه إنما قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه انتقاما لظلم أصابه منه وإهانة ألحقها به (عقد الدرر في بقر بطن عمر ق 2-3-4) ويصف الشيعة قاتل عمر بالشجاعة ويلقبونه بـ(بابا شجاع الدين) (الكنى والألقاب لعباس القمي 1/147)
ويظهر الشيعة الإثنا عشرية فرحتهم وابتهاجهم باستشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فإضافة لاعتبارهم يوم مقتله من أكبر الأعياد نجدهم ينشدون الأناشيد فرحا وابتهاجا بما جرى له على يد قاتله المجوسي : فقد عقد صاحب كتاب "عقد الدرر في بقر بطن عمر"فصلا وضع له ألوانا قال فيه : "الفصل الرابع في وصف حال سرور هذا اليوم على التعيين وهو من تمام فرح الشيعة المخلصين -ثم ذكر الأناشيد التي تقال في هذا اليوم ووصفها بقوله : - وهي كليمات رآقة ولفيظات شائقة هو أنه لما طلع الإقبال من مطالع الآمال وهب نسيم الوصال بالاتصال بالغدو والآصال بمقتل من لا يؤمن بالله واليوم الاخر : عمر بن الخطاب الفاجر الذي فتن العباد، ونتج في الأرض الفساد إلى يوم الحشر والتناد، ملأت اقداح الأفراح بالرحيق راح الأرواح ممزوجة بسحيق تحقيق السرور وبماء رفيق توفيق الحبور" (عقد الدرر في بقر بطن عمر ق 6) ثم عقب على هذه الكلمات بذكر الأشعار الطوال التي قيلت ابتهاجا بمقتل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه (عقد الدرر في بقر بطن عمر ق 6-11) وهذا المعتقد الشيعي في عمر رضي الله عنه يشم منه رائحة الشعوبية الحاقدة والانتصار للمجوسية أعداء الإسلام : فمن ما لا شك فيه أن أبا لؤلؤة المجوسي كان كافرا وأن قتله لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إنما كان ثأرا لدينه ووطنه فعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان سببا في إطفاء نار المجوس وإزالة ملكهم
فاندفع أبو لؤلؤة المجوسي بحقده الشخصي -إن قلنا إنه لم يكن مدفوعا من أحد- فقتل عمر وقتل معه بضعة عشر صحابيا وعلى هذا فانتصار الشيعة له إنما يعد انتصارا للكفار :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حاكيا عن الشيعة :" ولهذا تجد الشيعة ينتصرون لأبي لؤلؤة الكافر المجوسي ومنهم من يقول : اللهم ارض عن أبي لؤلؤة واحشرني معه ومنهم من يقول في بعض ما يفعله من محاربتهم : واثارات أبي لؤلؤة كما يفعلون في الصورة التي يقدرون فيها صورة عمر من الجبس وغيره وأبو لؤلؤة كافر باتفاق أهل الإسلام كان مجوسيا من عباد النيران فقتل عمر بغضا في الإسلام وأهله وحيا للمجوس وانتقاما للكفار لما فعل بهم عمر حين فتح بلادهم ، وقتل رؤساءهم وقسم أموالهم "(منهاج السنة النبوية لابن تيمية 6/370-371)
وليست تقتصر مطاعن الشيعة على ما ذكر بل ما ذكرته يعد غيضا من فيض مما في كتب الشيعة من المطاعن المفتراة المواجهة إلى أحب الناس إلى رسول الله صل الله عليه وسلم  بعد أبي بكر وابنته (صحيح البخاري 5/329 ك المغازي باب غزوة ذات السلاسل)

المجلس السادس
موقف الشيعة الإثني عشرية من الشيخين معا أبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما :
ثـلاثـة بـرزوا بسبقهم نضرهــم ربهـم إذا نشـروا
عاشوا بـلا فرقة حياتهم
واجتمعوا فـي الممات إذا قبروا

فليس من مسلم له بصر ينكـر مـن فضلهـم إذا ذكروا
أتدرون من هؤلاء الثلاثة الذين عناهم حسان بن ثابت رضي الله عنه بقوله : " ثلاثة برزوا " ؟
إنهم رسول الله صل الله عليه وسلم وصاحباه وصفياه وخليلاه ووزيراه من أهل الدنيا أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما
وقد تقدمت نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة إلى هذين الصاحبين الجليلين كل منها على حده وللشيعة مطاعن أخرى مشتركة وجهوها إلى الشيخين معا وسأقتصر على بعض منهما :

أولا : زعم الشيعة الإثني عشرية وجوب لعن الشيخين رضي الله عنهما والبراءة منهما
يوجب الشيعة الإثنا عشرية لعن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ويزعمون أن بعض أئمتهم قد لعنهما :
فقد نسبوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه -زورا وبهتانا- أنه لما قام إليه أحد الناس وطلب منه أن يبايعه على ما عمل أبو بكر وعمر قال  :"فمد يده ، وقال له : اصفق لعن الله الإثنين" (رواه الصفار في بصائر الدرجات الكبرى ص 412 والمفيد في الاختصاص ص ص312)
وزعم سليم بن قيس -من الشيعة- أن عليا كان يلعن الشيخين دائما (السقيفة لسليم بن قيس)
وذكر بعض الشيعة أن الإمام جعفر الصادق رحمه الله كان يلعنهما رضي الله تعالى عنهما في دبر كل مكتوبة (نفحات اللاهوت للكركي ق 6/أ 74/ب)
وقد أنشأ الشيعة أدعية عديدة في لعن الشيخين رضي الله تعالى عنهما ذكروها في كتبهم ووضعوا في فضلها أحاديث كثيرة ترغيبا لشيعتهم في قراءتها والإكثار من ترديدها والدعاء بها
وسأذكر منها :
الدعاء المسمى بـ"دعاء صنمي قريش" :
هذا الدعاء اعتبره الشيعة من الأدعية الخاصة في لعن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما و ابنتيهما عائشة و حفصة زوجتي رسول الله صل الله عليه وسلم
والشيعة قد زعموا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -وحاشاه مما نسبه إليه الشبعة- كان يقنت في صلاة الوتر بهذا الدعاء (البلد الأمين للكفعمي ص511 والمصباح له ص511 ونفحات اللاهوت للكركي ق74/ب وعلم اليقين للكاشاني 2/701 وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص 221 - 222) ونسبوا إليه -زورا وبهتانا- أنه قال عنه : "إن الداعي به كالرامي مع النبي صل الله عليه وآله في بدر وحنين بألف ألف سهم" ونسبوا إليه كذلك قوله عنه : "إنه من غوامض الأسرار و كرائم الأذكار"(البلد الأمين للكفعمي ص511 والمصباح له ص511 ونفحات اللاهوت للكركي ق74/ب وعلم اليقين للكاشاني 2/701 وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص 221 - 222)
وقد زعم الشيعة أنه -حاشاه عما نسبوا إليه- كان يواضب عليه في ليله ونهاره وأوقات أسحاره (البلد الأمين للكفعمي ص511 والمصباح له ص511 ونفحات اللاهوت للكركي ق74/ب وعلم اليقين للكاشاني 2/701 وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص 221 - 222)
ونسبوا إلى بعض أئمتهم -زورا وبهتانا أيضا- في فضل هذا الدعاء :
أن من قرأه مرة واحدة "كتب الله له سبعين ألف حسنة ومحى عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة ويقضى له سبعون ألف ألف حاجة" (ضياء الصالحين ص 513) وأن من يلعن أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في الصباح لم يكتب عليه ذنب حتى يمسي ومن لعنهما في المساء لم يكتب عليه ذنب حتى يصبح (ضياء الصالحين ص 513)
واهتم الشيعة بهذا الدعاء اهتماما كبيرا واعتبروه من الأدعية المشروعة (الذريعة لآغا بزرك الطهراني 8/192) وعمدوا إلى شرحه فبلغت شروحه أكثر من عشر شروح (راجع المصادر الشيعية التالية : البلد الأمين للكفعمي ص 511 والمصباح له ص 551 ونفحات اللاهوت للكركي ق 74/ب وعلم اليقين للكاشاني 2/701 وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص 221-222 والذريعة إلى تصانيف الشيعة لآغا بزرك الطهراني 8/192 وأمل الآمال للحر العاملي 2/32)
قد ذكر مصنفوا الشيعة هذا الدعاء  -بعضه أو كله- في مصنفاتهم فممن ذكره كله : الكفعمي (في البلد الأمين ص 511-514 وفي المصباح الجنة الواقية ص 548- 557) و الكاشاني (في علم اليقين 2/701-703) و النوري الطبرسي (في فصل الخطاب ص 9-10) و أسد الله الطهراني الحائري (في مفتاح الجنان ص 113-114) و سيد مرتضى حسين (في صحيفة علوية ص 200-202) و منظور بن حسين و غيرهم (في تحفة العوام مقبول ص 213-214)
وممن ذكر مقتطفات من هذا الدعاء أو أشار إليه من مصنفي الشيعة :
الكركي في "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت" (ق 6/أ 74/ب) و الكاشاني في "قرة العيون" (ص426) و الداماد الحسيني في "شرعة التسمية في زمن الغيبة" (ق 26/أ) و المجلسي في "مرآة العقول" (4/356) و التستري في "إحقاق الحق" (ص 58 و 133-134) و أبو الحسن العاملي في مقدمته على تفسير البرهان (ص 113-174 – 226-250-290-294-313-339) و الحائري في "إلزام الناصب" (2/95) و النوري الطبرسي في "فصل الخطاب"(221-222) و عبدالله شبر في "حق اليقين" (1/219) و غيرهم
وقد سمى الشيعة هذا الدعاء بـ"دعاء صنمي قريش" كما تقدم لأن أوله : "اللهم صل على محمد وعلى آله محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وإفكيهما وابنتيهما ... إلخ"
ومرادهم -بصنمي قريش- : أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وعامل بعدله من يبغضهما كما صرح الشيعة بذلك في العديد من مصنفاتهم منهم : الكفعمي في شرحه لهذا الدعاء (المصباح للكفعمي ح ص 552-554) والكركي في نفحات اللاهوت (وكتابه نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت صنفه خصيصا في لعن الشيخين الجليلين صاحبي رسول الله صل الله عليه وسلم وهما اللذان عناهما بقوله : الجبت والطاغوت وقد ذكر في هذا الكتاب أن عليا رضي الله عنه وحاشاه مما ينسبه إليه الشيعة –كان يقنت في الوتر يلعن صنمي قريش ثم قال : يريد بهما أبا بكر وعمر وقد ورد استحباب الدعاء على أعداء الله في الوتر نفحات اللاهوت للكركي ق 74/ب ) و المجلسي ( في مرآة العقول 4/356 ) و الداماد الحسيني ( الذي أشار إلى دعاء صنمي قريش ، وقال : إن المراد بـ(صنمي قريش) الرجلان المدفونان مع رسول الله –شرعة التسمية في زمن الغيبة ق 26/أ-) و التستري في إحقاق الحق (ص 133-134) و الحائري في إلزام الناصب (2/95 ومما قاله :"صنما قريش هما : أبو بكر وعمر.... غصبا الخلافة بعد رسول الله ....") و النوري الطبرسي في فصل الخطاب (ص 9-10 وقال نحوا من قول الحائري)
وبعض الشيعة لم يصرحوا بأن المراد بهما أبو بكر وعمر -وهذا من باب التقية التي يتعاملون بها مع أهل السنة- واكتفوا بالإشارة إلى ألقابهما بحيث يدرك الشيعي الذي يعرف ألقابها أنهما المرادان بهذا الدعاء فالكاشاني : ذكر أن المراد بهما : فرعون وهامان فقال : "أرذل المخلوقات صنما قريش عليهما لعائن الله وهما فرعون وهامان" (قرة العيون للكاشاني ص 432-433) وفرعون وهامان من الألقاب التي يطلقها الشيعة على الشيخين رضي الله تعالى عنهما كما سيأتي
وأشار أبو الحسن العاملي إلى أن المراد بهما : فلان وفلان أو الجبت والطاغوت (مقدمة البرهان للعاملي ص 133) وكلهما من الألقاب التي يطلقها الشيعة على الشيخين
والدعاء الذي وسمه الشيعة بـ"دعاء صنمي قريش" مليئ باللعن والسب والشتم والدعاء بالويل والنار على الشيخين رضي الله عنهما (وقد ختموا هذا الدعاء بقولهم : "ثم قل أربع مرات : اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار") وهو مليء أيضا بالافتراءات المكذوبة والإفك الواضح والبهتان المبين والإتهامات الباطلة الموجهه لأفضل الناس بعد النبيين الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر مثل : دعواهم أنهما أنكرا الوحي وحرفا القرآن وخالفا الشرع وعطلا الأحكام وخربا البلاد وأفسدا العباد وأخرب بيت النبوة و.. و.. إلى آخر هذا الهذيان الكاذب والإفك المفترى الذي لا يسعفه برهان ولا تؤيده حجة ولا دليل وهو يكشف بوضوح عما بعتمل في صدور الشيعة من حقد دفين وبغض شديد وكراهية شنيعة لصحابة رسول الله صل الله عليه وسلم بل ولأفضلهم على الإطلاق : الذين أمرنا رسولنا صل الله عليه وسلم أن نقتدي بهما بعد موته

أما عن عقيدة الشيعة في البراءة من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
فإن البراءة منهما ومن عثمان ومعاوية رضي الله عنهم تعد من ضروريات مذهبهم فمن لم يتبرأ منهم فليس من مذهب الشيعة في شيء
قال المجلسي -مرجع الشيعة المعاصرين- : "ومن ضروريات دين الإمامية البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية (الاعتقادات للمجلسي ق 17)
بل والبراءة منهم تعتبر عند الشيعة من أسباب ذهاب الأسقام وشفاء الأبدان (إلزام الناصب للحائري 2/9) ومن تبرأ منهم ومات في ليلته دخل الجنة روى الكليني في كتابه الكافي -الذي يعد أحد الأصول الأربعة المعتبرة عند الشيعة- بسنده عن أحدهما (مصطلح يستعمله الشيعة ويريدون به أحد الإمامين جعفر الصادق أو أباه الباقر) قال : من قال : اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقربين وحملة عرشك المصطفين أنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم وأن محمدا عبدك ورسولك وأن فلان إمامي ووليي (ويسمى إمام زمانه) وأنا أباه رسول الله صل الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين وفلانا وفلانا -حتى ينتهي إليه (أي : إلى إمام زمانه)- أوليائي على ذلك أحيا عليه وأموت وعليه أبعث يوم القيامة وأبرأ من فلان وفلان وفلان فإن مات من ليلته دخل الجنة"(الأصول من الكافي للكليني 2/389) وفلان وفلان وفلان هم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
وليس الشيعة وحدهم الذين يلعنون الشيخين الجليلين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ويتبرأون منهما بل هناك خلق آخر -على حد زعم الشيعة- خلقهم الله للعن الشيخين والتبرئ منهما فقط .
فقد نسب الشيعة زورا وبهتانا إلى جعفر الصادق رحمه الله أنه قال : "إن من وراء عين شمسكم هذه أربعين عين شمس فيها خلق كثير وإن من وراء قمركم أربعين قمرا فيها خلق كثير لا يدرون أن الله خلق آدم أم لم يخلقه ألهموا إلهاما لعنة فلان وفلان
وفي رواية الكليني صاحب الكافي : لم يعصوا الله طرفة عين يبرأون من فلان وفلان (رواه الصفار والكليني بسنديهما بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص510-513 والروضة من الكافي للكليني ص 347 وانظر الخرايج والجرايح للراوندي ص 127 ومختصر بصائر الدرجات لحسن الحلي ص 12 وقرة العيون للكاشاني ص 433 والبرهان للبحراني 1/48 و 4/216 ومرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي 4/347 وقد أورد رجب البرسي هذه الرواية وزاد على الشيخين عثمان بن عفان.أنظر : مشارق الأنوار لرجب البرسي ص 42)
وقد علق المجلسي على هذه الرواية بقوله من فلان وفلان أي من أبي بكر وعمر (مرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي 4 /347)
وخلاصة القول : أن الشيعة الإثني عشرية مجمعون على لعن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما والتبرئ منهما بل ويوجبون ذلك كما تقدم آنفا
ولا ريب في مخالفة هذه الأقوال لما يعتقده أئمتهم في الشيخين رضي الله عنهما خصوصا وفي الصحابة عموما وستأتي بعض أقوالهم في ذلك ولا شك أن ما نسبوه إلى بعض أئمتهم من لعن الشيخين رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة والتبرئ منهم مكذوب على أولئك الأئمة وقد ورد عنهم ما يخالف ذلك :
فهذا أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه ينهى بعض من كان في جيشه عن سب معاوية رضي الله عنه -مع كونه دون الشيخين في الفضل باعتراف الشيعة أنفسهم- ويقول لهم : ما نسبه إليه الشيعة في كتبهم كرهت لكم أن تكونوا شتامين لعانين (أنظر المصادر الشيعية التالية : وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 102 والأخبار الطوال للدينوري ص 1965 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11/92 والدرجات الرفيعة للشيرازي ص 424) فما كرهه لهم يكرهه لنفسه وهو الذي يعمل بما يقول وهو المعصوم -في نظرهم- وليس الأمر قاصرا على مجرد الكراهة بل إن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه أمر بقتل من يلعن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
فقد روى أحمد و الطبراني ( قال الهيثمي : رواه الطبراني وإسناده حسن . مجمع الزوائد للهيثمي 11/22) بسند حسن عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : "يأتي قوم بعدنا ينتحلون شيعتنا وليسوا بشيعتنا لهم نبز (النبز بالتحريك : اللقب الصحاح للجوهري ويريد بذلك تلقيبهم بـ(الرافضة)) وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون" (فضائل الصحابة لأحمد 1/441)
ولما بلغه رضي الله عنه أن بعض الناس يتناولون الشيخين رضي الله تعالى عنهما بالسب توعد من تكلم فيهم بسوء بحد المفتري ثمانين جلدة فقد روى الشيخ محمد بن عبدالواخد المقدسي بسنده أن أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه بلغه أن نفرا من الناس يتناولون أبا بكر وعمر فقال : لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ثم صعد المنبر وخطب الناس خطبة بليغة جاء فيها : "ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين؟ أنا مما قالوا بريء وعلى ما قالوا معاقب ألا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي ولا يبغضهما إلا فاجر ردي"
ثم ذكر كلاما طويلا أخبر فيه عن فضلهما وعن وفاة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وهو راض عنهما وعن رضا الناس ببيعتهما وعن سيرتهما الحميدة في خلافتهما ثم ختم كلامه رضي الله تعالى عنه بقوله : "ألا فمن أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا بريء منه ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة ولكن لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم ألا فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري الا وخير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر وعمر ولو شئت لسميت الثالث وأستغفر الله لي ولكم" (كتاب النهي عن سب الأصحاب وما ورد فيه من الإثم والعقاب ق 4/ب-6/أ)
فما أحوج الشيعة إلى تأمل هذا الكلام العظيم من هذا الإمام الكريم إنه لم يكتف بالنهي عن سبهما وبغضهما بل جعل حبهما رضي الله تعالى عنهما من علامات حبه رضي الله تعالى عنه وجعل بغضهما من علامات بغضه بل وفضلهما على نفسه الكريمة ، بجعلهما خير الناس بعد رسول الله ومصطفاه صل الله عليه وسلم
وتفضيله لهما على نفسه رضي الله عنه بالتواتر مستفيض عنه من الوجوه الكثيرة أنه قال على منبر الكوفة واسمع من حضر : خير الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر (راجع منهاج السنة النبوية 1/11-12)
وروى الإمام البخاري في صحيحه عن محمد بن الحنفية -وهو ابن علي رضي الله عنه من زوجته الحنفية- قال : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر ، قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر (صحيح البخاري 5/7 ك فضائل أصحاب النبي صل الله عليه وسلم باب حدثنا الحميدي ومحمد بن عبدالله)
وعندما أظهر ابن سبأ الطعن في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما أمر علي بقتله ثم شفع فيه بعض الناس فعدل عن قتله ونفاه إلى المدائن -كما اعترف احد الشيعة بذلك- (فرق الشيعة للنوبختي ص 44)
فرضي الله عن أمير المؤمنين وجزاه ربه خيرا عن وضعه الحق في نصابه ومعرفته الفضل لأهله فإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل
وعلى معتقده في الشيخين كان معتقد شيعة الأوائل فإنهم لم ينازعوا في تفضيل أبي بكر وعمر عليه رضي الله عنهم أجمعين وهذا ما اعترف به علماء الشيعة الأكابر فقد ذكر أبو القاسم البلخي أن سائلا سأل شريك بن عبدالله بن أبي نمر -من كبار أصحاب علي رضي الله عنه- فقال له : أيهما أفضل : أبو بكر أو علي ؟ فقال له شريك : أبو بكر فقال السائل : أتقول هذا وأنت من الشيعة ؟ فقال : نعم إنما الشيعي من قال مثل هذا والله لقد رقى علي هذه الأعواد -يريد أعواد منبر مسجده في الكوفة- فقال : ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر أفكنا نرد قوله ؟ أكنا نكذبه؟ والله ما كان كذابا ( قال ابن تيمية في منهاج السنة 1/13-14 : ذكر هذا أبو القاسم البخلي في النقض على ابن الراوندي اعتراضه على الجاحظ، وقد نقله عته القاضي عبدالجبار الهمداني في كتابه "تثبيت دلائل النبوة 1/549")
أما الإمام علي بن محمد أبو جعفر الباقر : فقد نهى عن اللعن والسب مطلقا وأخبر الله تعالى يبغض ذلك فقال :"إن الله يبغض اللعان السباب الطعان الفحاش المتفحش" وهذا ما اعترف به أحد الشيعة (وهو اليعقوبي في تاريخه 2/321) فهل يفعل الإمام المعصوم -عندهم- ما يبغضه الله؟
وقد أخبر عن نفسه رحمه الله أنه يتولى الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأخبر أيضا أنه لم يكن أحد من أهل البيت يسبهما
فعندما سأله جابر الجعفي عن الشيخين رضي الله تعالى عنهما : "أكان منكم أهل البيت أحد يسب أبا بكر وعمر؟ قال : لا وأنا أحبهما وأتولاهما وأستغفر لهما" (طبقات ابن سعد 5/236)
أما الأمام جعفر الصادق رحمه الله -إمام القوم السادس- فلم يكن يتولاهما فحسب بل كان يأمر أتباعه بتوليتهما أيضا : فقد روى الكليتي -في كتاب الكافي الذي هو عند الشيعة بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة- بسنده عن الصادق أنه قال لامرأة من الشيعة سألته عن أبي بكر وعمر أتتولاهما وتحبهما؟ : "توليهما" قالت : فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما ؟ قال : نعم (الروضة من الكافي للكليني ص 101)
وأخبر زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أصحابه أنه لم يسمع أحدا من آبائه يتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما نقل ذلك عن الشيعة (الانتقاضات الشيعية لهاشم الحسيني ص 497)
وآباؤه رضوان الله عليهم الذين لم يسمع أحدا منهم يتبرأ من الشيخين هم : زين العابدين وعلى بن الحسين وأبوه الحسين بن علي وجده علي بن أبي طالب
أفلا يسع الشيعة ما وسع أئمتهم من تولي الشيخين والترضي عنهما وعدم التبرئ منهما ولعنهما؟!
ولم يكتف زيد بن علي رضي الله عنهما بقوله هذا بل وافقه بفعله وذلك حين جاءه قوم ممن ينتحلون التشيع ومودة آل البيت وطلبوه منه أن يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حتى يبايعوه -وذلك حينما خرج على الأمويين- فقال لهم كلمته الرائعة التي ألجمت أفواههم وبينت لهم معنى التشيع الحق : "أنا أتبرأ ممن يتبرأ منهما" (مرآة الجنان لليافعي ص 257) "والبراءة من أبي بكر وعمر براءة من علي" (الأنساب للبلاذري 3/241) فقالوا له : "إذن نرفضك" (مرآة الجنان لليافعي ص 257 وانظر المصادر الشيعية : مروج الذهب للمسعودي 3/220 وروضات الجنات للخوانساري 1/324)
فهذه أقوال من يزعم الشيعة أنهم أئمة لهم وهذه حالهم ويتولون أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بل وسائر الصحابة ويترحمون عليهم ولا يتبرؤون منهم بل ويأمرون الناس بتوليهم ومحبتهم ويحذرونهم من بغضهم وسبهم فكيف يدعي من يزعم الانتساب إليهم والبراءة من الشيخين والصحابة واجبة؟!

ثانيا : زعم الشيعة أن الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يرجعان إلى الدنيا قبل يوم القيامة للإقتصاص منهما وإنزال أشد العقوبة بهما
بعتقد الشيعة الإثنا عشرية أنا أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يرجعان إلى الدنيا قبل يوم القيامة للإقتصاص منهما على يد قائم أهل البيت -مهدي الشيعة المنتظر- ويزعمون أن القرآن الكريم دل على رجعتهما وأخبر عنهما أنهما يذوقان شتى ألوان العذاب في الرجعة فقد استدلوا بقوله تعالى حاكيا عن قوم موسى عليه السلام وما وقع عليهم من فرعون وجنوده (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)(سورة القصص الأيتان 5-6)
فزعموا أن المراد بـ (فرعون وهامان) في هذه الآية أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وحاشاهما مما بهتهما به الشيعة -يحيهم القائم قبل يوم القيامة ليشفي صدور شيعته منهما-
فقد أسند محمد بن الحسن الشيباني في كتابه كشف نهج الحق إلى محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق رحمها الله وحاشاهما مما نسبه إليهما الشيعة -قولهما في تفسير هذه الآية- (إن فرعون وهامان هاهنا شخصان من جبابرة قريش (وضع الجزائري والحائري وشبر -من الشيعة- : أبا بكر وعمر بدل :"شخصان من جبابرة قريش" وعزو هذا القول إلى الصادق فقط "الأنوار النعمانية للجزائري2/89" وإلزام الناصب للحائري 2/366-274 وحق اليقين لشبر 2/10 –25-28) يحيهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد عليه السلام في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا (نقله عنه البحراني في البرهان 3/220 وانظر الإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 256-342 والأنوار النعمانية للجزائري 2/89 وإلزام الناصب للحائري 1/81-82 2/266- 274-338 وحق اليقين لشبر 2/10 –25-28)
وقد صرح جمع من علماء الشيعة أن المراد بفرعون وهامان في هذه الآية : أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وزعموا أن قائمهم يحييهما ويصلبهما على جذع نخله ويقتلهما كل يوم ألف قتله جزاء بما قدما ظلم أهل البيت والاعتداء عليهم -على حد زعمهم-) وممن صرح أن المراد بفرعون وهامان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وعامل بعدله من يبغضهما البياضي (في الصراط المستقيم) وحسن بن سليمان الحلي (في مختصر بصائر الدرجات ص 191) والطبسي النجفي (في الشيعة والرجعة ص 139) والبحراني (في البرهان 3/220) والجزائري (في الأنوارالنعمانية 2/89) وأحمد الأحسائي (في الرجعة ص 191) وعلي الحائري (في إلزام الناصب 2/266-274-337-338) وعبدالله شبر (في حق اليقين 2/10 – 25-28) وغيرهم (ويلاحظ أن هؤلاء المذكورين كلهم من متأخري الشيعة ما بعد القرن التاسع الهجري إلى وقتنا الحاضر وقد نقل لاحقهم عن سابقهم وتواطؤوا فيما بينهم على ذلك ويجوز التواطؤ على الكذب -عقلا- إذا كان المتواطئون ينقلون ما يقوي مذهبهم وقد تبين لك أخي يا محب رسول الله صل الله عليه وسلم ومحب أصحابه أن بغض الصحابة وسبهم من قواعد الشيعة وعقائدهم الأساسية فلا تغتر بتواطؤهم على نقل هذه الرواية الخبيثة ونسبتها إلى أئمتهم الطاهرين المبرئين مما يزعمه الشيعة إذ الشيعة قوم بهت دينهم الكذب)
وعلق المجلسي على رواية الكليني المسنده إلى جعفر الصادق وفيها القول المنسوب كذبا إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه (وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وأمات هامان وأهلك فرعون (الروضة من الكافي للكليني ص 277) بقوله : وأمات هامان أي عمر وأهلك فرعون أي أبا بكر ويحتمل العكس ويدل على أن المراد هذان الأشقيان) (مرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي 4/277)
وبنحو قوله قال أبو الحسن العاملي (مقدمة البرهان للعاملي ص 263-341) وكنى الكاشاني عنهما بـ صنمي قريش (قرة العيون للكاشاني ص 432-433)
أما دعوى الشيعة إحياء قائمهم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وصلبهما فالمزاعم المفتراه والأكاذيب الملفقة عليها كثيرة في كتبهم وهم لا يتورعون عن الكذب على الله عز وجل الذي يقول سبحانه (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) (سورة الأنعام الآية 21-93 وسورة هود الآية 18 وسورة العنكبوت الآية 68) وعلى رسول الله صل الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الصحيح المتواتر : "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" (ذكر الزبيدي في "لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة" ص 261- 282 أن تسعة وتسعين صحابيا رووا هذا الحديث منهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي ا لله عنه الذي أخرج له هذا الحديث البخاري ومسلم وغيرهما)
فتراهم يزعمون كذبا أن الله تعالى قد أخبر نبيه بذلك ليلة الإسراء :
فقد أسند الصدوق إلى جعفر الصادق -زورا وبهتانا- قصة الإسراء والمعراج وفيها زعموا رؤية النبي صل الله عليه وسلم لأنوار الأئمة الإثنا عشر وفي وسطهما محمد بن الحسن قائم الشيعة وسؤال ربه عنهم يا رب ومن هؤلاء؟ قال : الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي وبه انتقم من أعدائي وهو راحة لأوليائي؟ وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما ، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فنتة العجل والسامري" (إكمال الدين للصدوق ص 246 وانظر مقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص 249)
والمراد بـ(اللات والعزى) عند الشيعة : أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ويشهد لذلك تعليق أحد علماء الشيعة السيد الداماد الحسيني -الشيعي- على رواية إخراج القائم للات والعزى بقوله : "تنبيه : لا يخفين على بصيرتك أن اللات والعزى هما صنما قريش اللذان دعا عليهم أمير المؤمنين عليه السلام في دعائه المشهور ودفنا في بيت رسول الله وفي حريم قبره ودون إذن منه ولا أهل بيته المطهرين القائمين بأمره صل الله عليه وآله وسلم " (شرعة التسمية في زمن الغيبة للداماد الحسيني ق26/أ)
ويزعم الشيعة -كذبا- أن عليا رضي الله عنه سمع ذلك من رسول الله صل الله عليه وسلم فأخبر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فقد أسند ابن رستم الطبري إلى أبي الطفيل عامر بن واثلة (صحابي مات سنة نيف ومائة راجع الاستيعاب لابن عبدالبر 4/115-118 والإصابة لابن حجر 4/113) أنه قال -وحاشاه أن يكون قال هذا الكذب المبين- :"رأيت أمير المؤمنين وهو في بعض أزقة المدينة يمشي وحده فسلمت عليه واتبعته جتى انتهى إلى دار الثاني (عند الأحسائي "عمر" بدل -الثاني- الرجعة ص 130-133 ويقصدون بالثاني : أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأنه الثاني في الخلافة بعد الصديق رضي الله تعالى عنهما) فاستأذن فأذن له فدخل فدخلت معه فسلم على الثاني -عمر- وهو يومئذ خليفة فجلس فحين استقرت به الأرض قال له : من علمك الجهالة يا مغرور؟ أما والله لو ركبت القفر ولبست الشعر لكان خيرا لك من المجلس الذي جلسته- إلى أن قال : والله لكأني بك وبصاحبك -أبي بكر- قد أخرجتما طريين حتى تصلبا بالبيداء - إلى أن قال له عمر_ يا أبا الحسن إني لأعلم انك ما تقول إلا حقا فأسألك بالله أن رسول الله سماني وسمى صاحبي؟ فقال له : والله إن رسول الله سماك وسمى صاحبك إلخ "(دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص 257-258 وانظر حلية الأبرار لهاشم البحراني 5/598-606 والرجعة للأحسائي ص 130-133 وانظر من كتب النصيرية : الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخضيبي ص 162-164)
وكتب الشيعة مملؤة بأخبار نسبوها -زورا وبهتانا- إلى عدد من الأئمة تدل على أنهم -أعني الشيعة- بعتقدون أن الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يخرجان من قبريهما ويصلبان قبل يوم القيامة وبعذبان أشد العذاب فالروايات المنسوبة -كذبا- إلى أبي جعفر الباقر : زعموا أنها رواها عنه عدد من رواة الشيعة أمثال أبي بصير (سعد السعود لابن طاووس ص 116 وانظر من كتب النصيرية : اللفت الشريف-رواية المفضل بن عمر الجعفي ص 164) والمفضل بن عمر (انظر مختصر بصائر الدرجات للحلي ص 189 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 286-288 ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص 361 وإلزام الناصب للحائري 1/81-82) وسلام بن المستنير (إكمال الدين للصدوق ص 626) وعبد الأعلى الحلبي (تفسير العياشي 2/57-58 والبرهان للبحراني 2/81-83 وبحار الأنوار للمجلسي 13/188-189) وغيرهم وكل هذه الروايات المكذوبة المفتراه تدور حول معنى واحد هو إخراج الشيخين رضي الله نعالى عنهما من قبريهما غضيان طريين وصلبهما وافتتان الناس بهما
والرويات المنسوبة -زورا وبهتانا- إلى أبي عبدالله الصادق زعموا أنها رواها عنه عدد من رواة الشيعة أمثال ابي الجارود (أنظر دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص 242 والرجعة لأحمد الأحسائي ص 128-129)
والمفضل بن عمر (أنظر إكمال الدين للصدوق ص 392 وعيون أخبار الرضا له 1/58 وحلية الأبرار لهاشم البحراني 2/652-676 وبحار الأنوار للمجلسي 52/379 و53/1-38 وحق اليقين له -فارسي- ص 527 والأنوار التعمانية للجزائري 2/85 ومقدمة البرهان للعاملي ص 360-362 والرجعة للأحسائي ص 182-200 وحق اليقين لشبر 2/23 وإلزام الناصب للحائري 2/262-337 وبيان غيبة حضرة إمام موعود لمحمد كرئلائي ق48/ق55 والشيعة والرجعة للطبسي ص 139 ودوائر المعارف الشيعية لمحمد حسن الأعلمي 1/350-351) وبشير النبال (أسنده إليه المفضل بن شاذان في كتاب الرجعة كما ذكر ذلك المجلسي في بحار الأنوار 52/386) وإسحاق بن عمار وغيرهم
وكلها تدور حول نفس المعنى الذي دارت عليه الروايات السابقة
أما محمد بن علي الجواد المعروف بأبي جعفر الثاني : فقد روى عنه قصة صلب القائم للشيخين رضي الله عنهما -على حد زعم الشيعة- عبدالعظيم بن عبدالله الحسني (إكمال الدين للصدوق ص 361 وإعلام الورى للفضل الطبرسي ص 409 والاحتجاج لأحمد الطبرسي ص 446 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 269 والبرهان للبحراني 1/165 وبحار الأنوار للمجلسي 52/283 والرجعة للأحسائي ص 128-129)
وعن محمد بن الحسن العسكري -وهو قائم الشيعة الذي يصلب الشيخين كما يزعمون وهو لم يولد أصلا لعقم الحسن العسكري زعم الشيعة أنه رواها علي بن أبي إبراهيم بن مهزيار وهي قصة طويلة مفتراه ذكروا فيها قول محمد بن الحسن المهدي المزعوم- : "... وأجيء إلى يثرب فأهدم الحجر وأخرج من بها وهما طريان فآمر بهما تجاه البقيع وآمر بخشبتين فيصلبان عليهما فتورقان من تحتهما فيفتتن الناس بهما أشد من الفتنة الأولى ...إلخ" (مختصر بصائر الدرجات للحلي ص 176-177 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 286)
وهذا  المعتقد الخبيث المخالف لكتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم وإجماع المسلمين يعرف عن الشيعة بالرجعة ويزعمون أنها -أي الرجعة المزعومة- حشر للأبدان والأرواح تشبه حشر القيامة (حق اليقين لشبر 2/13)
والرجعة من عقائد الشيعة الأساسية وقد استدلوا عليها بنحو مائة آية من كتاب الله أولوها بما لا يسعفه برهان ولا تقويه حجة
ولا إمام عند الشيعة لمن لم يعتقد بالرجعة وليس من الشيعة في شيء من ينكرها -كما نسبوا ذلك إلى أئمتهم- ( راجع الاعتقادات للمجلسي ق 23-ب)
وهي خاصة بمن كان مؤمنا خالصا أو منافقا خالصا فلا يرجع إلى من علت درجته في الإيمان أو بلغ الغاية في الكفر والنفاق
ومعلوم أن الشيخين الجليلين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ليس ممن محضن الإيمان -عند الشيعة- فهما إذا من الفريق الآخر بدليل :
إجماع الشيعة على أنهما يرجعان ويذوقون شتى أنواع العذاب على يد القائم الذي بعث نقمه (أسنده الكليني إلى الصادق : الروضة من الكافي ص 347) من صلبها (البرهان للبحراني 2/407 ومقدمة البرهان للعاملي ص 361 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 269 وإلزام الناصب للحائري 2/167) وضربهما بسياط من نار (الرجعة للأحسائي ص214) وقتلهما في كل يوم ألف قتلة (الإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 287) وحرقهما (الإيقاظ للحر العاملي ص 269 والرجعة للأحسائي ص 129) ونسفهما في اليم نسفا كما فعل موسى عليه السلام بالعجل (مقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص 239) بل وقتل كل من أحبهما (إلزام الناصب للحائري 1/146 والرجعة للأحسائي ص187) على حد زعم الشيعة الذين أوردوا كل هذه المفتريات في كتبهم
والمتصفح لكتاب الأدعية عند الشيعة يجدها مليئة بدعاء القائم كي يخرج وينتقم من أعداء آل البيت وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وحاشا أبا بكر وعمر(راجع المصباح للكفعمي ص 34-305-495 ومفتاح الجنان لعباس القمي ص 589) أن يكون في قلبيهما بغض لآل بيت رسولهم صل الله عليه وسلم وكثيرا ما يكون دعاءه شعرا ولك كقول قائلهم (وهو صاحب عقد الدرر في شرح بقر بطن عمر ق11) :

يا حجة الله يا خير الأنام ويا نور الظلام ويا ابن الأنجم الزهر
أرجو من الله ربي أن يبلغني أرى اللعينين رؤيا العين بالنظر
ينبشان كما قال النبي لنا من بعد دفنها في سائر الحفر
ويشهران بلا ريب ولا شبه على رؤوس الملا من سائر البشر
ويصلبان على جذعين من خشب
ويحرقان بلا شك ولا نكر

هناك تشفى قلوب طال ما ملئت هما وتصبح بعد الهم بالبشر
ولا يقتصر زمن صلب الشيخين رضي الله تعالى عنهما على وقت الرجعة عند الشيعة بل تراهم يزعمون أن أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يصلبان في كل عام أيضا فقد روى الصفار والمفيد بسنديهما المسلسلين بالكذابين عن عيسى بن عبدالله بن أبي طاهر العلوي (وهو شيعي يبغض والشيخين والصحابة قال عنه المامقاني -من علماء الشيعة- :حسن تنقيح المقال) يروي عن أبيه عن جده "أنه كان مع أبي جعفر محمد بن علي الباقر (رحمه الله وحاشاه أن يكون قال شيئا من هذا الإفك) بمنى وهو يرمي الجمرات وأن أبا جعفر عليه السلام رمى الجمرات قال : فاستتمها ثم بقي في يده بعد خمس حصيات فرمى اثنتين وثلاثة في ناحية فقال له جدي : جعلت فداك لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعه أحد قط رأيتك رميت الجمرات ثم رميت بخمسة بعد ذلك ثلاثة في ناحية و اثنتين في ناحية ؟ قال : نعم إنه إذا كان كل موسم أخرج الفاسقين الغاصبين ثم يفرق بينهما هاهنا لا يراهما إلا إمام عادل فرميت الأول -أبا بكر- اثنتين والآخر -عمر- ثلاثة لأن الآخر أخبث من الأول" (بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 306-307 والاختصاص للمفيد ص 277 وانظر : مختصر بصائر الدرجات للحلي ص 111 وبحار الأنوار للمجلسي 8/214) وهكذا لا يتورع الشيعة عن توجيه مثل هذا الاتهامات إلا اللذين هما أفضل الناس بعد الأنبياء والمرسلين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وزيري رسول الله صل الله عليه وسلم وعرف مكانتهما ومنزلتهما عنده وقد شهد لهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك :
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : "وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي بن أبي طالب فترحم على عمر وقال ما خلفت أحد أحب إلي أن ألقى الله بمصل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيرا أسمع النبي صل الله عليه وسلم يقول : ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر وإني كنت أظن أن يجعلك الله معهما" (صحيح البخاري 5/77 وصحيح مسلم 4/1859 وكلاهما في ك فضائل الصحابة باب فضل عمر)
ولا ريب أن عقيدة الرجعة التي يعتقدها الشيعة مخالفة لنصوص الكتاب والسنة تمام المخالفة :
فهناك آيات كثيرة تبطل هذه العقيدة تماما منها قوله تعالى : "حتى جاء أحدهم الموت قال ربي ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن وارائهم برزخ إلى يوم يبعثون" (سورة المؤمنون 99-100) فالبقاء في البرزخ إلى يوم البعث الذي هو يوم القيامة بالاتفاق وهذه الاية قطعت كل أمل في الرجعة إلى الدنيا سواء أكانت للعمل الصالح أم لغيره
وقد بين الرب تبارك وتعالى فيها استحالة الرجوع إلى الدنيا وعلل هذه الاستحالة بوجود برزخ لا يمكن لأخد أن يتجاوزه حجز بين الموت والبعث وبين الدنيا والآخرة (تفسير ابن كثير 3/256 وفتح القدير للشوكاني 3/499)
أضف إلى ذلك وجود الأحاديث النبوية الكثيرة المصرحة بعدم الرجعة إلى الدنيا قبل يوم البعث ولا يتسع المقام لإيرادها
ولكن لما كانت النصوص القرآنية والنبوية غير ذات أثر أو اعتبار عند الشيعة ناسب أن أسوق لهما بعض أقوال من يعتقدون إمامته في إبطال عقيدة الرجعة ليتبن بذلك كذب ما نسبوه إلى هؤلاء الأئمة الأبرار من أباطيل وترهات :
1- فمنهم : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي أخبر في عدة مواطن باستحالة رجوع من مات إلى الدنيا من ذلك القول الذي نسبه إليه الشيعة في كتاب تهج البلاغة : "فبادروا العمل وخافوا بغتة الأجل فإنه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق" (نهج البلاغة 1/226)
وكذا القول الذي نسبوه إليه أيضا : "ما بينكم وبين الجنة إلا الموت أن ينزل بكم" (نهج البلاغة 1/110)
2- ومنهم : الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما الذي رد على من نقل إليه مزاعم القائلين بالرجعة علي رضي الله عنه إلى الدنيا فقال : "كذب أولئك الكاذبون لو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه ولا قسمن ميراثه" (مسند الإمام أحمد 1/148 وصحح إسناده أحمد شاكر في طبعة أخرى بتعليقه 1/312 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/22 رواه عبدالله وإسناده جيد)
3- ومنهم : زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب إمام الشيعة الرابع الذي قال : "جاءني رجل من أهل البصرة فقال : ما جئت حاجا ولا معتمرا قال : قلت : ما جاء بك ؟ قال : أسألك متى يبعث علي ؟ قال : يبعث يوم القيامة وهمة نفسه" (السنة لابن أبي عاصم 2/482 وصحح الألباني إسناده)
4-  ومنهم : محمد بن علي بن الحسين إمام الشيعة الخامس الذي نص صراحة على أن أهل البيت عليه السلام مبرؤون من اعتقاد الرجعة لم يقل أحد منهم بها فقد أخرج ابن سعد بسنده عن زهير بن جابر قال : "قلت لمحمد بن علي : أكان منكم أهل البيت أحد يقر بالرجعة؟ قال : لا قلت : أكان منكم أهل البيت أحد يسب أبا بكر وعمر؟ قال : لا فأحبهما وتولاهما و استغفر لهما" (طبقات ابن سعد 5/321)
5- ومنهم : أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق إمام القوم السادس الذي رد على من يزعم رجعة محمد بن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب من زوجته الحنفية فقال : "حدثني أبي أنه كان فيمن عاده في مرضه وفيمن أغمضه وفيمن أدخله في حفرته وتزوج نساؤه وقسم ميراثه" (إكمال الدين للصدوق -الشيعي- ص 34-35)
وهذا القول شيب بقول الحسن بن علي رضي الله عنهما عن أبيه مكذبا من زعم رجعته : "لو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه" (تقدم)
6- ومنهم : علي بن موسى بن جعفر الملقب بـ(الرضا) إمام الشيعة الثامن الذي رد على من قال  بغيبة أبيه -موسى الكاظم- ورجعته
بقوله الذي نسبه الشيعة إليه : "بلى والله لقد مات وقسمت أمواله ونكحت جواريه" (إكمال الدين للصدوق ص 36-37 وعيون أخبار الرضا له أيضا 1/106)
وغير هذه من الأقوال الكثير التي صدرت عن أولئك الأئمة الذين كذب عليهم الشيعة وهم عن كذبهم غافلون
وبعد : فهذه أقوال من يزعم من الشيعة أنهم أئمة لهم وقد نسب أكثرها إلى هؤلاء الأئمة : الشيعة أنفسهم فكيف ينسبون إليهم ما يؤكد عقيدة الرجعة تارة ثم ينسبون إليهم ما يبطلها أخرى ؟! سؤال أترك الإجابة عليه للشيعة أنفسهم إن كان عندهم على هذا التناقض البين جواب
ثالثا : زعم الشيعة الإثني عشرية أن الشيخين الجليلين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يخلدان في النار يوم القيامة ويعذبان فيها أشد العذاب
لا تقتصر مزاعم الشيعة الإثني عشرية على التصريح بكفر الشيخين رضي الله تعالى عنهما وتعذيب قائم الشيعة لهما في الدنيا قبل يوم القيامة بل يزعمون كذلك أن الشيخين رضي الله تعالى عنهما مخلدان في جهنم يوم القيامة يعذبان فيها عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين حتى ولا إبليس اللعين
فقد نسبوا في كتبهم -زورا وكذبا- إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن إبليس اللعين أخيره أنه لما أهبط بخطيئته إلى السماء الرابعة نادى : (إلهي وسيدي ما أحسبك خلقت خلقا هو أشقى مني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى : بلى قد خلقت من هو أشقى منك فانطلق إلى (مالك) يريكه فانطلقت إلى مالك فقلت : السلام يقرأ عليك السلام ويقول : أرني من هو أشقى مني فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الأعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنها أكلتني وأكلت مالكا فقال لها : اهدئي فهدأت ثم انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار سوداء هي أشد من تلك سوادا وأشد حمى فقال لها : اخمدي فخمدت إلى أن انطلق بي إلى الطبق السابع وكل نار تخرج من طبق هي أشد من الأولى فخرجت نار ظننت أنها أكلتني وأكلت مالكا وجميع ما خلقه الله عز وجل فوضعت يدي على عيني وقلت : مرها يا مالك أن تخمد وإلا خمدت فقال : إنك لن تخمد إلى الوقت المعلوم فأمرها فخمدت فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلقين بها إلى فوق وعلى رؤوسهم قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها فقلت : يا مالك من هذان؟ فقال : أو ما قرأت على ساق العرش ؟ -وكنت قبل قد قرأته قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام- لا إله إلا الله محمد رسول الله وأيدته ونصرته بعلي فقال : هذان من أعداء أولئك وظالميهم) ( نسبه المفيد إلى جعفر الصادق يرويه عن أبيه عن علي وفيه انقطاع كبير بين محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعلي بن أبي طالب أضف إلى ذلك ما تسلسل به الرواة الكذابين "الاختصاص للمفيد ص 108-109 وانظر حق اليقين للمجلسي ص 509-510")
وعلق المجلسي -شيخ الدولة الصفوية ومرجع الشيعة المعاصرين- على هذه الرواية بقوله : (إنهما اللذان ظلماه أي أبي بكر وعمر) (حق اليقين للمجلسي ص 510)
وهذه الرواية فيها -مع اتثطاعها وضعف رواتها- إزراء وانتقاص لإمامهم المعصوم حيث جعلوا شيخه ابليس اللعين
وأسند أيضا الصفار الشيعي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه -زورا وبهتانا- أنه سأل من حضر مجلسه : إن كانوا رأوا ما يرى ؟ ثم أخبرهم أنه رأى أبا بكر وعمر كل واحد على ترعة من ترع النار يقولان له : يا أبا الحسن استغفر لنا فلا يكلمهما وإنما يقول : لا غفر الله لهما (بصائر الدرجات الكبرى ص 441)
ونسب الشيعة أيضا -كذبا- إلى بعض أئمتهم أنهم أخبروا عن الشيخين رضي الله تعالى عنهما أنهما يوضعان يوم القيامة  في تابوتين من نار قد أحكم الرتاج عليهما في أحد أودية جهنم :
- فقد أسند الصدوق والشعيري إلى اسحاق بن عمار الصيرفي -أحد رواة الشيعة- يروي عن موسى بن جعفر الكاظم خبرا طويلا ملخصه : (أن موسى الكاظم أخبره أن في النار واديا يقال له : سقر لو تنفس لأحرق ما على وجه الأرض وفي ذلك الوادي جبل وفي الجبل شعب وفي الشعب قليب وفي القليب حية (يتعوذ جميع أهل  ذلك القليب من خبث هذه الحية ونتنها وقذرها وما أعد الله في أنيابها من السم لأهلها وإن في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الأمم السالفة واثنان من هذه الأمة قال : قلت : جعلت فداك ومن الخمسة؟ ومن الإثنان؟ قال : وأما الخمسة : فقابيل الذي قتل هابيل ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه فقال أنا أحيي وأميت وفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى ويهوذا الذي هود اليهود وبولس الذي نصر النصارى ومن هذه الأمة أعرابيان) (الخصال للصدوق 2/398-399 وعقاب الأعمال له ص 483-487-488 وجامع الأخبار للشعيري ص 143-144 وانظر البرهان للبحراني 4/527-528 وحق اليقين للمجلسي ص 502 وحق اليقين لعبدالله شبر 2/171-172)
وقد ذكر المجلسي أن المراد بالأعرابيين : أبو بكر وعمر (حق اليقين للمجلسي ص 502 وجلاء العيون له ص 160)
وهذه الأقوال المكذوبة التي نسبها الشيعة -زورا وبهتانا- إلى بعض الأئمة تخالف السنة الصحيحة التي أفادت أن الشيخين رضي الله عنهما لا يدخلان النار وأنهما من أهل الجنة بله الدرجات العالية الرفيعة فيها فلقد أخبر عليه الصلاة والسلام (لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة) (رواه مسلم في صحيحه 4/1942، ك فضائل الصحابة)
ومعلوم أن الشيخين رضي الله تعالى عنهما ممن بايع تحتها وبشر عليه السلام الشيخين رضي الله عنهما بالجنة بشارة عامة شاركهم فيها عدد من الصحابة : مثل حديث الحائط (صحيح البخاري 5/72-74 ك فضائل الصحابة) وغيره من الأحاديث الكثيرة الصحيحة وبشرهما بشارة خاصة بهما مثل قوله عنهما : "إن هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا التبيين والمرسلين" (صحيح الجامع الصغير 2/75 والسلسة الصحيحة للألباني 2/492) ومثل قوله : "إن أهل الدرجات العلا يراهم من هو أسفل منهم كما ترى الكواكب في أفق السماء وأبو بكر وعمر فيهما وأنعما" (قال الهيثمي "أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة ورجاله رجال الصحيح إلا سلمة بن قتيبة وهو ثقة مجمع الزوائد للهيثمي 9/54")
والأحاديث في ذلك كثيرة جدا ولا يتسع المقام لذكرها وكلها تدل دلالة قطعية على أن الشيخين رضي الله تعالى عنهما من أهل الجنة بل ومن أهل الدرجات العلا فيها وهي بمجموعها تبلغ حد التواتر المعنوي وهي من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة
وفي هذه الأحاديث الكثيرة الدالة على فضل الشيخين رضي الله عنهما وما تقدم من أقوال أئمة أهل البيت في حبهما رضي الله عنهما وتوليهما والترضي عنهما إقامة للحجة على هؤلاء المبغضين لهما وبيان لمحبي رسول الله صل الله عليه وسلم ومحبي صحابته ومحبي أهل بيته أن لا يغتروا بقول الشيعة في الشيخين الجليلين رضي الله تعالى عنهما لئلا يقعوا في بغض رسول الله صل الله عليه وسلم دون شعور منهم إذ من المعلوم أن مبغض أبي بكر وعمر مبغض لرسول الله صل الله عليه وسلم شاء أو أبى إذ هما حبيباه وصفياه من أهل الدنيا ووزيراه وضجيعاه وقد تقدم قوله -بأبي هو وأمي- فيهما بقية أصحابه رضوان الله تعالى عنهم أجمعين : "فمن أحبهم فبحبي أحبيهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم"
فإياك إياك يا محب رسول الله صل الله عليه وسلم أن يقع في قلبك بغض لواحد منهم سيما سيدا المسلمين وحبيبا رسول رب العالمين
اللهم يا إله الأولين والاخرين ويا رب كل شيء ومليكه احفظ علينا حبنا لرسولك وحبيبك محمد صل الله عليه وسلم ولأصحابه الأخيار البررة الأطهار كما ترضى يارب العالمين آمين آمين آمين
المجلس السابع
موقف الشيعة الإثني عشرية من الخليفة الشهيد ذي النورين : عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه
عثمان بن عفان من الرعيل الأول من الصحابة ومن أفضلهم بعد الصديق والفاروق
زوجه رسول الله صل الله عليه وسلم ابنتيه الواحدة تلو الأخرى فنال بذلك شرف مصاهرة رسول الله صل الله عليه وسلم وعرف بـ"ذي النورين" بسبب ذلك
كان حييا شديد الحياء رفيع التهذيب عالي التربية لين العريكة سمح النفس دمث العشرة لطيف الطبع كثير الإحسان والحلم من أحكم قريش عقلا وأفضلهم رأيا ولقد أحبه قومه بسبب أخلاقه الفاضلة وسيرته الحميدة وسلوكه المثلى حتى صار حبهم له مضرب المثل فقد كانت المرأة منهم ترقص ولدها قائلة له :
أحبك والرحمن  حب قريش لعثمان
أسلم فكان من أتقى الناس وأورع الناس وأجود الناس وأسخى الناي وشهد مع رسول الله صل الله عليه وسلم المشاهد وأبلى البلاء الحسن
تولى الخلافة بعد أبي بكر وعمر فسار بالناس بسيرة رسول الله صل الله عليه وسلم وصاحبيه وتأسى بهم فأجمعت الأمة عليه
ونتيجة اتساع رقعة الفتوحات في عهده ودخول طوائف شتى وأجناس مختلفة في حظيرة الدولة الإسلامية جمعت بين صفوفها حثالة من الحاقدين على الأمة بدأ أعداء الإسلام الداخليون يحيكون المؤامرات ضد المسلمين وقد تولى كير هذه المؤامرات اليهودي عبدالله بن سبأ الذي أخذ يؤلب الناس على عثمان بن عفان زاعما أنه غير سنة رسول الله صل الله عليه وسلم وصاحبيه فجمع حوله ثلة من الغوغاء من مطايا الشياطين فوافوا المدينة النبوية وقتلوا الخليفة الراشد والصحابة ينظرون ولكن لا يستطيعون له شيئا بسبب قسمه عليهم أن يكفوا أيديهم وأن لا يريقوا في سبيله قطرة دم فبكت قلوبهم قبل عيونهم وحزنوا عليه حزن من قتل وحيدها بين يديها وهي تنظر إليه ولا يزال المسلمون كلهم منذ ذلك الحين يبكون على تتابع الأسام وتوالي الشهور ذلك الخليفة المظلوم الصابر الذي آثر أن يفدي المسلمين بنفسه ويعصم دماءهم بدمه ويترضون عنه ويترحمون عليه ويشهدون بمآثره وفضائله ومناقبه فرضي الله عن عثمان وأرضاه
إلا الشيعة فإنهم رغم ذلك كله تراهم يسلقومه بألسنة حداد ويوجهون إليه العديد من المطاعن دون أن يرقبوا قربه من رسول الله صل الله عليه وسلم وشدة اختصاصه به ومن المطاعن التس وجهوها إليه :

أولا : طعنهم في أخلاقه رضي الله عنه
حسن خلق عثمان رضي الله عنه من الأمور التي تضافرت الأدلة على إثباته فبلغت بمجموعها حد التواتر المعنوي حتى أنه لو أنكر إنسان حسن خلقه وسيرته الحميدة ومآثره النبيلة لقام الناس كلهم عليه وأشاروا بسباباتهم إليه : إن هذا القائل من الكاذبين
ولست أدري كيف يستحل الشيعة الكذب ويأتون بما يناقض ما تواتر لفظا أو معنى مما يجعل من يقرأ ما كتبوه يصمهم بالكذب إلا أن يقولوا أن ذلك من التقية فلا أظن أن التقية تسوغ لهم معارضة الأمور المتواترة
لذلك نجدهم قد وجهوا العديد من المطاعن إلى أخلاق الحيي الكريم عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ووصفوه بأنه زان مخنق يلعب به همه بطنه وفرجه ... إلخ
فقد أطلقوا عليه اسم (نعثل) وذكروا أنه من أسماء ذكور الضباع وزعموا أن أنهم إنما أطلقوا عليه هذا الاسم لأوجه الشبه بينه وبين ذكر الضباع فذكر الضباع -كما زعموا- "إذا صاد صيدا قاربه -جامعه- ثم أكله" وعثمان رضي  الله عنه -وحاشاه أن يوصف بما رماه به الشيعة من الإفك- "أتى بامرأة لتحد فقاربها -جامعها- ثم أمر برجمها" -على حد زعم الشيعة- (الصراط المستقيم للبياضي 3/30 وانظر إحقاق الحق للتستري ص 306) وليس الأمر قاصرا عند الشيعة على اتهام عثمان رضي الله عنه بالزنا بل تعدوه إلى زعمهم أنه كان ممن يلعب به وأنه كان مخنثا ..." (الصراط المستقيم للبياضي 3/30 وانظر إحقاق الحق للتستري ص 306) وقد نسبوا إلى علي رضي الله عنه -زورا وبهتانا- أنه قال عن عثمان : همه بطنه وفرجه :
فقد روى الكليني بسنده -في كتاب الكافي أحد أصولهم المعتبرة- عن علي بن أبي طالب أنه قال في إحدى خطبه : "سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه وفرجه ويا ويحه لو قص جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا له" (الروضة من الكافي للكليني ص 277-279 وانظر الجمل للمفيد ص 62 والطرائف لابن طاووس ص 417)
وذكر المجلسي في شرحها أن المراد بالثالث : عثمان بن عفان وأن اللذين سبقاها هما أبو بكر وعمر (مرآة العقول شرح الروضة للمجلسي 4/278-279)
وزعم الشيعة أيضا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن يبالي أحلالا أكل أم حراما
فقد أسند الكليني أيضا -كذبا- إلى جعفر الصادق أنه قال : "إن ولي عثمان لا يبالي أحلالا أكل أو حراما لأن صاحبه كان كذلك" (الروضة من الكافي للكليني ص 333) ومرادهم بصاحبه : عثمان بن عفان رضي الله عنه
وهذه المطاعن التي وجهها الشيعة إلى أخلاق عثمان رضي الله عنه إنما وجههوها إلى من أخبر رسول الله صل الله عليه وسلم عنه أن الملائكة تستحي منه (صحيح مسلم 4/1866-1867 ك فضائل الصحابة باب من فضائل عثمان رضي الله عنه)
وإلى من أخبر عن نفسه أمام جمع كبير من الناس -كان يمكنهم أن يردوا عليه لو كان كاذبا- بأنه ما زنى قط في جاهلية ولا إسلام (مسند أحمد 1/61-62-65 فضائل الصحابة له 1/464-465-466-495-496-508 وطبقات ابن سعد 3/67 وتاريخ المدينة لابن شبه 2/358)
ثم الشيعة بعد هذا يزعمون أنه كان زانيا ومخنثا ويلعب به و .. و.. إلخ ما أوردوه من الأكاذيب
أما ما نسبوه إلى علي زاعمين أنه قال عن عثمان : "همته بطنه وفرجه" فكذب كله والثابت عنه رضي الله عنه مدح عثمان والثناء عليه فقد قال عنه مرة : "إنه كان خيرنا وأوصلنا" (فضائل الصحابة لأحمد 1/468) وقال عنه أخرى : "هو من الذين آمنوا ثم اتقوا ثم أمنوا ثم اتقوا " (فضائل الصحابة لأحمد 1/474 وقد صححه محقق الكتاب)
وأقواله في مدح عثمان والثناء عليه كثيرة جدا وكلها تفند ما نسبه الشيعة إليه من قوله عن عثمان : "همه بطنه وفرجه" وتشهد بكذب الشيعة وافتراءاتهم على من يزعمون أنه إمام لهم
ويرد ذلك ايضا ما ورد في سيرته رضي الله عنه في إمارته فقد ذكر عته أنه رضي الله تعالى عنه أنه كان يطعم الناس طعام الإمارة ويأكل هو الخل والزيت (ذكره المحب الطبري في الرياض النضرة وقال –خرجه صاحب الصفوة والملائي والفضائلي -الرياض النضره 2/44-)
فهل يكون متهما ببطنه من كان طعامه الخل والزيت؟

ثانيا : زعم الشيعة الإثني عشرية أن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه كان منافقا كافرا وقولهم بوجوب لعنه والبراءة منه
يزعم الشيعة أن عثمان رضي الله عنه كان منافقا يظهر الإسلام ويبطن النفاق
قال نعمة الله الجزائري -الشيعي- :"إن عثمان كان في زمن النبي صل الله عليه وآله ممن أظهر الإسلام وأبطن النفاق" (الأنوار النعمانية للجزائري 1/81)
وقال الكركي : "إن من لم يجد في قلبه عداوة لعثمان ولم يستحل عرضه ولم يعتقد كفره فهو عدو لله ورسوله كافر بما أنزل الله " (نفحات اللاهوت للكركي ق57/أ)
إذا : ليس الأمر قاصرا على تكفير عثمان رضي الله عنه بل تكفير كل من لم يبغضه ويكفره ويشتمه ويخوض في عرضه ويعنونكم أنتم أيها المسلمون
ولم يكتف الشيعة بالحكم على عثمان رضي الله عنه بالكفر بل أوجبوا لعنه والبراءة منه (المصباح للكفعمي ص37 وعلم اليقين للكاشاني 2/768 والفصول المهمة للحر العاملي ص 170 ومفاتيح الجنان لعباس القمي ص212) ومن يتصفح كتبهم يجد العجب العجاب ولا ريب أن هذا الصنيع يعد مخالفة صريحة لرسول الله صل الله عليه وسلم وقد توعد الله من يخالف أمره بالفتنة في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة قال تعالى : (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (سورة النور 63) فالرسول صل الله عليه وسلم بشر عثمان رضي الله تعالى عنه بالجنة (صحيح البخاري 4/64 ك الوصايا باب إذا وقف أرضا) وزوجه ابنته رقية (صحيح البخاري 5/83 ك فضائل الصحابة باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه) فلما توفيت زوجه ابنته الأخرى أم كلثوم (الذرية الطاهرة النبوية للجولابي ص59) فلما ماتت أم كلثوم وحزن عليها عثمان قال رسول الله صل الله عليه وسلم : "لو كانت عندي ثالثة زوجتها عثمان" (طبقات ابن سعد 3/56)
ومعلوم أن المنافق والكافر لا يدخل الجنة بل هي محرمة عليه فكيف يتفق حكم الشيعة على عثمان بالكفر والنفاق مع بشارة رسول الله صل الله عليه وسلم له بالجنة؟!
ثم كيف يزوج رسول الله صل الله عليه وسلم عثمان ابنتيه الواحدة تلو الأخرى وهو كافر منافق -كما زعم الشيعة-؟!
فدل هذا على أن دعوى الشيعة قد خالفوا رسول الله صل الله عليه وسلم الذي بشر عثمان بالجنة وزوجه ابنتيه الواحدة تلو الأخرى لما عرف عنه من دين وخلق وفضل ومات عليه السلام وهو عنه راض (صحيح البخاري 2/213 ك الجنائز باب ما جاء في قبر عمر رضي الله عنه)

ثالثا : زعم الشيعة الإثني عشرية أن عثمان رضي الله تعالى عنه قتل زوجته : ابنة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم
يزعم الشيعة الإثنا عشرية أن عثمان رضي الله تعالى عنه قتل رقية بنت رسول الله صل الله عليه وسلم ويستدلون على هذه الفرية بآيات زعموا كذبا أنها نزلت فيه والايات هي : قوله تعالى :"أيحسب أن لايقدر عليه أحد يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين"(سورة البلد 5-10)
فقد روى القمي بسنده عن أبي جعفر الباقر رحمه الله -حاشاه ان يكون صدر عنه شيء من هذا البهتان المبين- في تفسير هذه الآيات أنه قال :"قوله تعالى : "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال : يعني عثمان في قتله ابنة النبي صل الله عليه وآله "يقول أهلكت مالا لبدا" يعني الذي جهز به النبي من جيش العسرة "أيحسب أن لم يره أحد" قال : فساد كان في نفسه "ألم نجعل له عينين" يعني رسول الله : يعني رسول الله صل الله عليه وآله "ولسانا" يعني أمير المؤمنين (ع) "وشفتين" : يعني الحسن والحسين عليهما السلام "وهديناه النجدين" : إلى ولا يتهما..." (تفسير القمي 2/423 وانظر تفسير الصافي للكاشاني 2/819 والبرهان للبحراني 4/463 ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص74)
وأسند الكليني -في كتابه الكافي أحد المصادر الشيعية المعتبرة عند الشيعة- إلى أبي بصير قال :"قلت لأبي عبدالله (ع) : أيقلت من ضغطة القبر أحد؟ قال : نعوذ بالله منها وما أقل من يفلت من ضغطة القبر إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول الله صل الله عليه وآله على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال للناس : إني ذكرت هذه وما لقيت فرققت لها واستوهبتها من ضغطة القبر فوهبها لي" (الفروع من الكافي للكليني –ط حجرية- 2/222 وانظر : حق اليقين لعبدالله شبر 2/83)
أما كيف قتلها -على حد كذبهم وافترائهم- : فقد زعم البياضي الشيعي أنه ضربها حتى ماتت (الصراط المستقيم للبياضي 3/34) ويزعم الشيعة أن رقية كانت خائفة من عثمان وكانت تدعو الله أن ينجيها منه ومن عمله
فقد روى شرف الدين النجفي بسنده أن أبا عبدالله جعفر بن محمد بن علي الصادق قال في تفسير قوله تعالى : "وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" (سورة التحريم 11) أنه قال : "هذا مثل ضربه الله لرقية بنت رسول الله التي تزوجها عثمان بن عفان قال : "ونجني من فرعون وعمله" : يعني من الثالث عثمان" (نقله عنه البحراني في البرهان 4/358 وقد وردت روايات أخرى أيضا ذكرت صراحة أن المراد بالثالث عند الشيعة : عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وقد أطلقوا عليه هذا اللقب لأنه ثالث الغاصبين بزعمهم راجع تفسير القمي -ط حجرية- ص266 -ط حديثة- 2/107 وتفسير الصافي للكاشاني 2/173 820 والبرهان للبحراني 3/133 140-141 4/463-464)
وقال هاشم معروف الحسني -وهو من الشيعة المعاصرين- :"وتشير المرويات الكثيرة (يقصد المرويات الكثيرة المتضافرة على الكذب عند الشيعة) أن عثمان بن عفان لم يحسن صحبتها ولم يراع رسول الله فيها فتزوج عليها أكثر من امرأة وماتت على أثر ضربات قاسية منه أدت إلى كسر أضلاعها..." (سيرة الأئمة الإثني عشرية لهاشم الحسيني1/67) فالشيعة إذا سلفهم وخلفهم على أن عثمان رضي الله عنه قتل رقية
ولا ريب أن مزاعم الشيعة هذه مزاعم باطلة تردها الأدلة الكثيرة :
(1)- الدليل الأول : ما عرف عنه رضي الله عنه من شدة وصدق حيائه
قال رسول الله صل الله عليه وسلم :"أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر وأصدقها حياء عثمان.." (أخرجه أحمد –بسند صحيح- وابن ماجه وغيرهما "سنن ابن ماجة 1/55 المقدمة باب فضائل الصحابة ومسند أحمد 1/74 3/184-281 وفضائل الصحابة له 1/494")
وقد تقدم أن رسول الله صل الله عليه وسلم وصفه بالحياء وأخبر أن الملائكة تستحي منه (والحديث في صحيح مسلم 4/1866-1867 ك فضائل الصحابة باب من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه)
والحياء كله خير (صحيح مسلم 1/64 ك الإيمان باب بيان عدد من شعب الإيمان) كما قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام وهو لا يأتي إلى بخير (صحيح البخاري 8/53 ك الأدب باب الحياء) وهو من الإيمان (صحيح البخاري 8/53 ك الأدب باب الحياء) ما كان في شيء إلا زانه (جامع الترمذي -وحسنه- 4/346 ك البر) وهو -أي الحياء- خلق يبعث على ترك القبيح (فتح الباري لابن حجر 10/522) وقد أخبر صل الله عليه وسلم "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت" (صحيح البخاري 8/54 ك الأدب باب الحياء) فإذا فقد الإنسان الحياء فلا رادع يردعه عن عن فعل الفواحش وارتكاب المنهيات وإذا من الله عليه بالاتصاف بهذه الصفة الحميدة فقد أعطاه خيرا كثيرا
(2)- الدليل الثاني : هو ما أخرجه أحمد والحاكم والدولابي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رقية رضي الله عنها قالت :"خرج رسول الله صل الله عليه وسلم من عندي آنفا فرجلت رأسه فقال : كيف تجدين أبا عبدالله يعني عثمان؟ قالت : قلت : كخير الرجال قال : أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا" (وقد صحح محقق كتاب فضائل الصحابة إسناد الروايتين اللتين أوردهما الإمام أحمد"فضائل الصحابة لأحمد 1/510 514 والمستدرك للحاكم 4/48 والذرية الطاهرة النبوية للدولابي ص 55-56")
وورد في رواية أخرى أن أم كلثوم بنت رسول الله صل الله عليه وسلم هي التي قالت هذه المقالة (الذرية الطاهرة للدولابي ص51) فأين هذا من مزاعم الشيعة أن عثمان قتلها وأنها كانت تدعو ربها جل وعلا أن ينجيها منه وغير ذلك من الافتراءات الواضحات
فهذا الحديث ذكر فيه ثناء رقية رضي الله عنها على خلق عثمان وأنه عندها من خير الرجال وقد وافقها أبوها صل الله عليه وسلم وضم إلى المزية التي ذكرتها مزية أخرى هي تشابه أخلاق عثمان رضي الله عنه مع أخلاقه عليه الصلاة والسلام
فمن طعن في أخلاق عثمان رضي الله تعالى عنه فقد طعن بمن أشبهه عثمان في خلقه في المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى -فداه روحي ودمي- صل الله عليه وسلم
(3)- الدليل الثالث : هو تزويج رسول الله صل الله عليه وسلم عثمان بن عفان ابنته الأخرى أم كلثوم رضي الله عنها بعد موت أختها رقية رضي الله عنها وصلى على أبيها وآله وسلم
وبعض الشيعة يعترفون بهذا أمثال الفضل بن الحسن الطبرسي الذي قال :"عثمان تزوج أم كلثوم بعد موت زوجه رقية" (إعلام الورى للفضل بن الحين الطبرسي ص148) وأشار الكفعمي و عباس القمي إلى ذلك (المصباح للكفعمي 37 ومفتاح الجنان لعباس القمي 212)
فإذا كان قد قتل واحدة من بنات رسول الله صل الله عليه وسلم فكيف زوجه من الأخرى؟
بل كيف قال لما ماتت الثانية : "لو كن عشرا لزوجتهن عثمان وما زوجته إلا بوحي السماء"(قال الهيثمي : رواه الطبراني في حديث طويل وفيه عبدالرحمن بن أبي الزناد وهو لين وبقية رجاله ثقات وذكر الهيثمي حديثا آخر هو قوله صل الله عليه وسلم : "ما زوجت أم كلثوم من عثمان إلا بوحي من السماء" وقال -أي الهيثمي- : "و إسناده حسن لما تقدمه من الشواهد" مجمع الزوائد للهيثمي 9/83)
وأسوق إليك فيما يلي أخي القارئ هذه الواقعة التي ذكرها علماء الرجال عند أهل السنة في كتبهم والتي تدلك على ان هذه المزاعم التي اختلقها الشيعة في عثمان رضي الله عنه وحالها كحال بقية المطاعن التي ألصقوها بخيار عباد الله صحابة نبيك محمد عليه وعلى آله وأصحابه الصلاة والسلام إنما هي من بنات أفكارهم وما تمليه عليهم معتقداتهم التي جبلت في قلوبهم فأشربتها وأنتجت بغضا لأفضل جيل عرفته البشرية وحالها كحال بيت العنكبوت :
قال العقيلي و ابن عدي بسنديهما عن عباد بن عباد أن يونس بن خباب الأسيدي -وكان رافضيا- قال له : "إن عثمان قتل بنتي النبي صل الله عليه وسلم " فقال له عباد : "قتل واحدة فلم أنكحه الأخرى؟!" (الضعفاء للعقيلي 4/458 والكامل لابن عدي 7/2629 وانظر ميزان الاعتدال للذهبي 4/479)
فبهت الرافضي ولم يجد جوابا
وقد زعم بعض الشيعة أن التي قتلها عثمان كانت أم كلثوم فلم يزوجه رسول الله صل الله عليه وسلم بعدها قال نعمة الله الجزائري : "وأما أم كلثوم فتزوج عثمان بها أيضا بعد أختها رقية وتوفيت عنده وذلك أنه ضربها ضربا مبرحا فماتت منه "(الأنوار النعمانية للجزائري 1/367) ولكن هذا القول غير مسلم عند الشيعة أنفسهم لمعارضته ما روي عن أئمتهم من أن التي قتلها عثمان هي رقية وليست أم كلثوم
وقد تقدم ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال : "لو كن عشرا لزوجتهن عثمان" وهذا يبطل ما زعموه من أنه عليه السلام امتنع عن تزويجه بعد ما قتل ابنته
(4)- الدليل الرابع : فكون القصة لم ترد في أي كتاب من كتب أهل السنة ولم يذكرها إلا الشيعة .............. ولو كانت قد وقعت على حد زعم الشيعة لتناقلها رواة التاريخ والسير سيما وأنها قد وقعت في حياته صل الله عليه وسلم وأمام سمعه وبصره ثم هو بعد ذلك تغافل عنها -كما يفهم من إيراد الشيعة لها- ولم يقم حد القتل على القاتل وهو الذي لا يتوقف في إمضاء الحدود ولا يخاف في الله لومة لائم وهو القائل عليه الصلاة والسلام لما سرقت المخزومية وشفع فيها من شفع : "لو كانت فاطمة لقطعت يدها" (صحيح البخاري –ط سلفية- 3/28 ك فضائل الصحابة باب ذكر أسامة بن زيد)
(5)- الدليل الخامس : أما الايات التي استدل بها الشيعة على هذه المزاعم فقد نحوا في تفسيرها منحى التأويل الباطني الذي لا يعقله عندهم إلا الملك المقرب أو النبي المرسل أو العبد الذي امتحن الله قلبه للإيمان -كما هو مسطور في كتبهم (راجع كتبهم التالية : بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 41-42 ومعاني الأخبار للصدوق ص 188-189 والأمالي له ص 4 وتفسير فرات الكوفي ص 161-162) مع أن القرآن الكريم أنزل بلغة العرب وبها يفهم قال تعالى : "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" (سورة يوسف 2) ولكن تفسير الشيعة الباطني أبعد شيء عن عقول الرجال كما اعترفوا هم أنفسهم بذلك ونسبوه إلى أئمتهم (الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي 3/73) والمنحى الباطني الدي نحوه في تأويل هذه الآيات واضح لمن تأمله فقد قالوا في خبر الله تعالى عن جنس الإنسان : "ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين" : إن العينين هما رسول الله  واللسان علي بن أبي طالب والشفتين الحسن والحسين والنجدين ولايتهما وهذا أبعد شيء عن عقول الرجال كما أقروا بذلك في كتبهم ولم ينزل القرآن الكريم بمثل هذه التأويلات الباطنية ولم يقل أحد من المفسرين عن هذه الآيات أنها نزلت في عثمان رضي الله عنه كما زعم الشيعة (راجع : جامع البيان للطبري 30/198-199 وتفسير ابن كثير 4/512-513 وفتح القدير للشوكاني 5/443-444) وبهذا يتبين لك أخي المسلم يا محب رسول الله صل الله عليه وسلم ومحب أهل بيته عليهم السلام ومحب صحابته عليهم الرضوان من الله الرضوان أن ما يورده الشيعة من اتهامات موجهة إلى خيار الصحابة وساداتهم إنما تمليه عليهم عقيدتهم المبنية على بغض الصحابة وسبهم والقول بوجوب لعنهم  والبراءة منهم
المجلس الثامن
موقف الشيعة الإثني عشرية من بقية الصحابة العشرة المبشرين بالجنة
فيـا سائلي عن خيار العباد
خيـار العبـاد جميعا قريش
وخير ذوي الهجرة السابقون
علـي وعثمـان ثـم الزبير
وشيخـان قـد جاورا أحمدا
فمن كـان بعدهمـا فاخـرا
وعامر من فهر ثم ابن زيـد

صـادفت ذا العلـم والخبـره
وخيـر قريـش ذوو الهجـرة 
ثمـانية وحـدهـم نصــره
وطلحـة واثنـان مـن زهره
وجـاور قبراهمــا قبــره
فـلا تذكـروا عندهـم فخـره
فقـد أصبحـوا يـا أخي عشره
بشر رسول الله صل الله عليه وسلم عشرة من أفاضل أصحابة بالجنة بأنهم سيدخلونها بقوله : "عشرة في الجنة : أبو بكر في الجنة عمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبدالرحمن بن عوف في الجنة وسعد في الجنة وسعيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة" (الحديث مروي من عدد من الصحابة منهم سعيد بن زيد وقد أخرج حديثه أبو داود والترمذي – وقال : حسن صحيح وأخرجه أحمد في مسنده وصححه أحمد شاكر رحمه الله "سنن أبي داود 5/37-40 ك السنة وجامع الترمذي 5/651 ك المناقب")
وقد أنكر الشيعة هذا الحديث -رغم ثبوته وصحته- ونسبوه إلى الوضع (كفاية الأثر للخزاز ص 115 والاقتصاد للطوسي ص 364) ولم يكتفوا بذلك بل زعموا أن هؤلاء العشرة المبشرين بالجنة -عدا علي- كانوا من المنافقين وفعلوا أفعالهم
وقد تقدمت بعض الاتهامات التي وجههوها إلى الخلفاء الراشدين المهدين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم
وسأقتصر هنا على بيان نماذج يسيرة من أقوالهم في بقية العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين
وهم عدا الخلفاء الربعة الراشدين : طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح وسعيد بن زيد رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين

أولا : موقف الشعة الإثني عشرية من طلحة بن عبيدالله و الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما
طلحة بن عبيدالله التيمي القرشي والزبير بن العوام الأسدي القرشي من الرعيل الأول من الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة بل هما جارا رسول الله صل الله عليه وسلم فيها كما أخبر عنهما بذلك رسول الله صل الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه :
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : "سمعت إذني من في رسول الله صل الله عليه وسلم وهو يقول : طلحة والزبير جاراي في الجنة" (أخرجه الحاكم في مستدركه 3/364 وقال صحيح الإسناد)
أسلما قديما ونصرا رسول الله صل الله عليه وسلم باللسان والسنان وكلاهما شهدا المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم وأبليا فيها البلاء الحسن وكل واحد منهما اختص بمناقب لم يختص بها غيره من الصحابة :
فمما اختص به الزبير أنه كان أول من سل سيفا في سبيل الله (فضائل الصحابة للإمام أحمد 2/735 والاستيعاب لابن عبدالبر 1/581 والمستدرك للحاكم 3/360-361 وانظر در السحابة للشوكاني ص 241) وأنه حواري النبي صل الله عليه وسلم (سنن الترمذي 5/646 ك المناقب باب مناقب الزبير وقال هذا حديث حسن صحيح وفضائل الصحابة لأحمد 2/737 –738 وطبقات ابن سعد 105-106 والمعجم الكبير للطبراني 1/78 والمستدرك للحاكم 3/367 وقال صحيح ووافقه الذهبي)
ومما اختص به طلحة : أنه وقى رسول الله صل الله عليه وسلم يوم أحد بيده حتى شلت (صحيح البخاري 5/94 ك فضائل الصحابة باب ذكر طلحة) وبرك لرسول الله صل الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره حين انتهى إلى صخرة لم يستطع أن يصعدها فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم يوم ذاك : "أوجب طلحة" (جامع الترمذي 5/643 –644 ك المناقب باب مناقب طلحة- وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب والمستدرك للحاكم 3/374 ومسند أحمد 1/165 وفضائل الصحابة له 2/744 وطبقات ابن سعد 3/218) أي فعل ما أوجب له الجنة واستبسل في الدفاع عن رسول الله  صل الله عليه وسلم ووقاه بنفسه وحال بينه وبين سهام المشركين حتى أثخنته الجراح وكان أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه إذا ذكر يوم أحد قال : ذلك كله يوم طلحة (الرياض النضرة للمحب الطبري 2/252)
ومناقبهما رضي الله تعالى عنهما كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها
والشيعة كدأبهم مع أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم سيما سادتهم وكبارهم يحاولن طمس فضائلهم وإلصاق النقائص بهم وتوجيه المطاعن إليهم وهكذا فعلوا مع طلحة والزبير رضي الله تعالى عنهما
وسأقتصر على نماذج يسيرة توضح موقف الشيعة منهما بإيجاز :
(1)- زعم الشيعة أن طلحة والزبير رضي الله عنهما كانا إمامين من أئمة الكفر
يزعم الشيعة أن طلحة والزبير رضي الله عنهما كانا إمامين من أئمة الكفر عاشا كافرين وماتا كذلك
وقد استدلوا على أنهما كانا كذلك بما نسبوه -كذبا- إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه زاعمين أنه قال : "ألا إن أئمة الكفر في الإسلام خمسة : طلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري" (الشافي في الإمامة للمرتضى ص 287 وتلخيص الشافي للطوسي ص 462)
ولم يكتف الشيعة بهذه المزاعم المكذوبة بل ذكر علماؤهم صراحة -ورموا بالتقية وراء ظهورهم- أن طلحة والزبير رضي الله تعالى عنهما -وحاشاهما مما نسبه الشيعة إليهما- عاشا كافرين وماتا كافرين :
قال المفيد -وهو من كبار علمائهم- : "إن القوم طلحة والزبير وأشكالهما مضوا مصرين على أعمالهم غير نادمين عليها ولا تائبين منها" (الجمل المفيد ص 225)
وقال محمد علي الحسني -وهو من الشيعة المعاصرين- :" إن الزبير باع دينه بدنياه واستباح كل شيء في سبيل أطماعه وشهواته ولم يكن لكلمة رسول الله عنده أي من قيمة..." (في ظلال التشيع لمحمد علي الحسني ص 112 -113)
وزعم الشيعة -كذبا- أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال للزبير : "أنا أشهد أني سمعت من رسول الله أنك من أهل النار"(إحقاق الحق للتستري ص 297)
إلى آخر ما أورده الشيعة في ذلك من  المطاعن مخالفين بذلك رسول الله صل الله عليه وسلم الذي أخبر عن طلحة و الزبير أنهما في الجنة (تقدم تخريجه قبل صفحتين) بل وجاراه فيها (تقدم تخريجه قبل صفحتين)
وهما رضي الله تعالى عنهما بشهادة رسول الله صل الله عليه وسلم لهما بذلك :
فقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : "اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد"(صحيح مسلم 4/1880 ك الفضائل باب من فضائل طلحة)
فالصديق أبو بكر والشهداء عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين
وموت طلحة والزبير شهيدين يدل على أنهما من أهل الجنة بل له الدرجات العالية الرفيعة فيها فالله تبارك وتعالى قد أخبر أن الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين في أعلى درحات الجنة فقال جل وعلا : "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" (سورة النساء 69)
وطلحة والزبير رضي الله عنهما قد عاشا حميدين وماتا شهيدين ولم يذكر عنهما أنهما خالفا رسول الله صل الله عليه وسلم في أمر من الأمور بل لقد توفي رسول الله صل الله عليه وسلم وهو عنهما راض فرضي الله عنهما وأرضاهما وعامل بعدله من يبغضهما أو يضمر لهما غير الحسن الجميل
(2)- زعم الشيعة أن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه كان ابن زنا -حاشاه من ذلك-
يزعم الشيعة أن طلحة رضي الله عنه كان ولد زنا
وقد نسبوا إلى هشام بن محمد بن السائب الكلبي قوله عن أم طلحة الصعبة بنت الحضرمي (أنها كانت لها راية (كناية عن من كانت تسافح في الجاهلية) بمكة وأنها استبضعت بأبي سفيان فوقع عليها ابو سفيان وتزوجت عبيدالله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم -والد طلحة- فجاءت بطلحة بن عبيد الله لستة أشهر فاختصم أبو سفيان وعبيد الله في طلحة فجعلا أمره إلى صعبة فألحلقته بعبيد الله فقيل لها : كيف تركت أبا سفيان فقالت : يد عبيد الله طلقه ويد أبي سفيان تربة -ثم قال الكلبي-



فصدقونا قومنا أنسابكم وأقيمونا على الأمر الجلي
لعبيد الله أنتم معشري أم أبي سفيان ذاك الأموي
 الطرائف لابن طاووس ص 495 وإحقاق الحق للتستري ص 296 والأنوار النعمانية للجزائري 1/65-66
ولا ريب أن هذه المزاعم الكلبية فرية بلا مرية وإفك بلا شك والشيعة لم يفتروا هذه الفرية على طلحة وحده بل تعداه إلى أكثر الصحابة وزعموا أنهم كانوا أبناء زنا -حاشاهم من ذلك-
ونسبتهم هذه الفرية إلى هشام الكلبي لا تبرؤهم منها :
فالكلبي شيعي باتفاق علماء الرجال عند الشيعة الذين قالوا عنه : "كان مختصا بمذهبنا" (الفهرست للنجاشي ص 306-307 ورجال الحلي ص 179) وهو عند علماء أهل السنة : رافضي متروك ليس بالثقة ولا يقبل بقوله قال الإمام أحمد : ما ظننت أن أحدا يحدث عنه (ميزان الاعتدال للذهبي 4/304 وديوان الضعفاء ص 419) لذا لا يحتج بقوله ولا بقول من نقلوا قوله ولا كرامة

ثانيا : موقف الشعة الإثني عشرية من سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله تعالى عنه
سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صل الله عليه وسلم وهو راض عنهم
فداه رسول الله صل الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- بالأبوين فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال : "ما جمع رسول الله صل الله عليه وسلم أبويه لأحد غير سعد بن مالك فإنه جعل يقول له يوم أحد : ارم فداك أبي وأمي" (صحيح مسلم 4/1876 ك الفضائل باب من فضائل سعد)
وأخرج الإمامان البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : "جمع لي النبي صل الله عليه وسلم أبويه يوم أحد" (صحيح البخاري 5/94 ك المناقب باب مناقب سعد وصحيح مسلم 4/1876 ك الفضائل باب فضائل سعد)
وهو خال النبي صل الله عليه وسلم كما أخبر عنه النبي صل الله عليه وسلم قد روى الترمذي وحسنه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : "أقبل سعد فقال النبي صل الله عليه وسلم هذا خالي فليرني امرؤ خاله" (سنن الترمذي 5/649 ك المناقب باب مناقب سعد وانظر فضائل الصحابة لأحمد 2/751 والمستدرك للحاكم 3/498 وصححه ووافقه الذهبي)
وعقب الترمذي على هذا الحديث بقوله : "وكان سعد بن أبي وقاص من بني زهرة وكانت أم النبي صل الله عليه وسلم من بني زهرة فلذلك قال النبي صل الله عليه وسلم : هذا خالي" (سنن الترمذي 5/649)
وقد وصفه النبي صل الله عليه وسلم بالصلاح ودعا له (صحيح مسلم 4/1875 ك الفضائل باب فضائل سعد)
وفيه نزل قول الله تعالى (الأنعام 52) :"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه"(صحيح مسلم 4/1878 ك الفضائل باب فضائل سعد) فلا يحتاج بعد تزكية ربه إلى تزكية من أحد
فضائلة رضي الله تعالى عنه كثيرة جدا ولا يتسع المحل لذكرها بيد أن الشيعة وجهوا إليه المطاعن العديدة كدأبهم مع كبار أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم وسأذكر نماذج منها :
(1)- زعمهم أنه قارون هذه الأمة
قال أبو الحسن العامري : سعد بن أبي وقاص قارون هذه الأمة وهذا ظاهر من جهة ارتداده وتكبره عن مبايعة أمير المؤمنين ( ع ) ...  .)) (مقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص 280)
وهذا من المزاعم الباطلة ومن أدل الدلائل على بطلانه ما فيه من تناقض إذ أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بايع علياً ولم يمتنع عن بيعته كما زعموا بل قد جاء في كتبهم وعلى لسان علي ما يبطل ذلك وهو علي قول لسعد ومن اعتزل القتال معه في الفتنة : كيف تخرجون من القتال معي وقد بايعتموني ؟ (السقيفة لسليم بن قيس ص 211 والجمل المفيد ص 45-46 والأمالي للطوسي 2/327)
وقوله لهم : ألستم على بيعتي ؟ قالوا : بلى (السقيفة لسليم بن قيس ص 211 والجمل المفيد ص 45-46 والأمالي للطوسي 2/327) وغير ذلك
فهم قد بايعوه وبقوا على بيعته باعتراف الشيعة أنفسهم كما تبين من الأقوال التي ساقوها ونسبوها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكيف تتفق فريتهم عن سعد وتعليلها بالامتناع عن بيعة علي مع إقرار علي رضي الله عنه ببيعته وثباته عليها في كتب الشيعة أنفسهم
(2)- زعمهم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخبر سعداً رضي الله عنه أن على كل شعرة من لحيته شيطاناً جالساً
أسند الملقب بالصدوق وهو من علماء الشيعة إلى الأصبغ بن نباتة (قال عنه الكشي الشيعي كان من خاصة أمير المؤمنين علي (ع) "اختيار معرفة الرجال للطوسي ص 5 –98-103") قوله بينا أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يخطب الناس وهو يقول : سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلا نبأتكم به فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال : يا أمير المؤمنين : أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة ؟ فقال له : أما والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليل رسول الله صل الله عليه وآله أنك ستسألني عنها وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس وإن في بيتك لسخلاً يقتل ابني وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه (الأمالي للصدوق ص 133)
وعند التستري إن في شعرك ملكاً يلعنك وعلى كل طاقة من شعر لحيتك شيطاناً جالساً ...إلخ (إحقاق الحق للتستري ص 205)
وهذه القصة واحدة من القصص الكثيرة المكذوبة على أمير المؤمنين علي رضي  الله عنه وآفاتها أصبغ بن نباتة وهو كذاب متروك الحديث يقول بالرجعة قال عنه أبو بكر بن عياش : كذاب وقال ابن معين : ليس بثقة وفي قول آخر : ليس بشيء وقال النسائي وابن حبان : متروك وزاد ابن حبان : فُتِن بحب علي فأتى بالطامات فاستحق من أجلها الترك وقال ابن عدي : بيّن الضعف وقال أبو حاتم : لين الحديث وقال العقيلي : كان يقول بالرجعة وقال الدار قطني والساجي : منكر الحديث (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/319 –320 وميزان الاعتدال للذهبي 1/271 وتهذيب التهذيب لابن حجر 1/362-363 وتقريب التهذيب له ص176) وهذه القصة إضافة من إلى نكارتها فإنها تعارض ما ثبت من محبة علي رضي الله عنه لسعد وإشادته بفضائله ومآثره فعلي رضي الله عنه قد روى فضائل لسعد تقدم بعضها منها إخباره أن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فدى سعداً بأبيه وأمه  يوم أحد وغيرها من الفضائل
ولو كان سمع من رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ما يناقضها على حد زعم الشيعة ما رواها ولا غرر الناس به
أضف إلى هذا ما في هذه القصة من تناقض مكاني فهذه المقالة إنما قالها علي رضي الله عنه وهو على منبر الكوفة -كما زعم الشيعة- وسعد رضي الله عنه كان قد اعتزل في المدينة ولم يلتق بعلي رضي الله تعالى عنه في الكوفة
أما تمسكهم بكون عمر بن سعد شارك في قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما وإيراد هذا المطعن في حق أبيه رضي الله عنه فأي ذنب كان لسعد في هذا وما حصل إنما حصل بعد موته رضي الله عنه ولو علم أن ابنه سيشارك في قتل ابن بنت رسول الله صل الله عليه وسلم لتمنى أنه مات قبل أن يتزوج أو يكون له ولد ولتمنى لو انشقت الأرض وابتلعته وولده ولتمنى أن لو كان نسيا منسيا لما عرف عنه من حبه للنبي صل الله عليه وسلم وآل بيته فلا ذنب لسعد ولا مسوغ للشيعة للطعن فيه والله سبحانه وتعالى يقول : "ولا تزر وازرة وزر أخرى" (سورة فاطر 18)

ثالثا : موقف الشيعة الإثني عشرية من عبدالرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه
عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وأخد السنة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض
والشيعة كدأبهم مع كبار أصحاب رسول الله وخيارهم يوجهون إليهم المطاعن المفتراة ويسلقونهم بألسنة حداد وقد خصوا عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ببعض مطاعنهم وافتروا عليه كما افتروا على غيره من الصحابة مالله يعلم أنه منه بريء وعباده المؤمنون يعلمون وسأذكر مثالا  واحدا من كتبهم بين مدى الحقد الذي يعتمل في نفوسعم تجاه هذا الصحابي الجليل
وهو : ما ادعوه من أن له بابا من أبواب النار يدخل منه مع فرعون وهامان :
فقد أسند الملقب الصدوق -كذبا- إلى جعفر الصادق أنه قال : "إن للنار سبعة أبواب بتب يدخل منه فرعون وفرعون وهامان وقارون .." (الخصال للصدوق 2/361-362 وانظر حق اليقين لعبدالله شبر 2/169)
وقد تقدم أن مرادهم بفرعون وهامان : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
أما الكراد بـ(قارون) : فقد ذكر الكاشاني أن "عبدالرحمن بن عوف  قارون هذه  الأمة" (علم اليقين للكاشاني 2/732)
وهذا الزعم من الشيعة -وهو قوله أن لعبدالرحمن رضي الله عنه بابا من أبواب النار يدخل منه- يعارض الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صل الله عليه وسلم والذي أخبر فيه عليه الصلاة والسلام أن عبدالرحمن بن عوف في الجنة (هو حديث العشرة المبشرين بالجنة تقدم تخريجه)
ويعارض أيضا ما ذكر في بعض كتب الشيعة من أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يدعو لعبدالرحمن ويقول : "اللهم اسق عبدالرحمن من سليل الجنة" (إكمال الدين للصدوق ص 243)
مستدلا بهذا الحديث على إثبات مادة لغوية وقد عقب على هذا الحديث بقوله : "والسليل هو صافي شرابها ... إلخ" ( إكمال الدين للصدوق ص 243)
ولو علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن عبدالرحمن بن عوف يدخل من باب من أبواب جهنم مع فرعون وهامان -كما زعم الشيعة- لما دعا الله له أن يسقيه من صافي شراب الجنة وأخبر أنه سيدخلها فهو عليه السلام لا ينطق عن الهوى إن هو غلا وحي يوحى

رابعا : موقف الشيعة الإثني عشرية من أبي عبيدة : عامر بن الجراح القرشي الفهري رضي الله تعالى عنه
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه من الرعيل الأول من الصحابة أسلم قديما وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم وبشره رسول الله صل الله عليه وسلم بالجنة وتوفي وهو عنه راض
وفضائله رضي الله عنه كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها ويكفيه فخرا أن رسول الله صل الله عليه وسلم لقبه بـ" أمين هذه الأمة" :
فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " إن لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح " (صحيح البخاري 5/100 ك المناقب باب مناقب أبي عبيدة وصحيح مسلم 4/1881 ك الفضائل باب فضائل أبي عبيدة)
ولكن الشيعة لم يعترفوا بفضلة ولم يراعوا حق صحبته بل أشرعوا سهامهم في وجهه كما فعلوا مع إخوانه صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم ووجهوا إليه العديد من المطاعن والتهم سأقتصر على ذكر أحدها :
وهو : زعمهم أن تلقيب رسول الله صل الله عليه وسلم لأبي عبيدة بـ( أمين هذه الأمة ) مطعن لامدح فيه :
وذكروا في سبب إطلاق هذا اللقب عليه من قبل رسول الله صل الله عليه وسلم قصة مكذوبة ملخصها : 
أن جماعة من الصحابة تآمروا فيما بينهم إن مات رسول الله صل الله عليه وسلم أن لا يعطوا الخلافة لبني هاشم أبدا -يريدون بذلك حرمان علي وذريته منها على مزاعم الشيعة- وكتبوا في ذلك صحيفة ودفنوها في جوف الكعبة وكان كاتب هذه الصحيفة هو أبو عبيدة بن الجراح وهو الذي ذهب بها إلى مكة ودفنها في جوف الكعبة فأطلع الله رسول الله صل الله عليه وآله وسلم -على حد زعم الشيعة- على مؤامراتهم فقال لأبي عبيدة : أنت أمين قوم من هذه الأمة على باطلهم (الملاحظ أن لفظ الحديث الذي أوردوه مخالف تمام المخالفة للفظه الصحيح "وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح ")
وتوجيه هذا القول -على حد زعمهم- أن المتآمرين ائتمنوه على الصحيفة وأودعوها عنده وأرسلوها إلى مكة نائبا عنهم كي يتولا دفنها في جوف الكعبة لذا سمي -على حد زعم الشيعة- أمين قوم من هذه الأمة على باطلهم وليس أمين الأمة بأسرها قال ذلك من الشيعة كل من : البيضاي والكاشاني والبحراني والتستري والجزائري والشيرازي (أنظر الصراط المستقيم للبياضي 1/296 3/154 وعلم اليقين للكاشاني 2/658 وتفسير الصافي له 2/570 والبرهان للبحراني 4/187 والصوارم المهرقة للتستري ص 77-78 والأنوار النعمانية للجزائري 4/340 – 343 والدرجات الرفيعة للشيرازي ص 302-303)
ولم يكتف الشيعة بهذا بل وصفوا أبو عبيدة بأنه من أعداء آل محمد (الكشكول لحيدر الآملي ص160) وأحد المعينين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه على اغتصاب الخلافة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه -على حد زعم الشيعة- (السقيفة لسليم بن قيس ص 76)
واستشهد على صحتها كلام المستشرق الصليبي -البلجيكي المولد الفرنسي الجنسية هنري لامنس- حيث يقول : "إن الحزب القرشي الذي يرأسه أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح لم يكن وليد مفاجأة وارتجال وإنما كان وليد مؤامرة سرية مجرمة حيكت أصولها ورتبت أطرافها بإحكام وإتقان وإنما أبطال هذه المؤامرة أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ومن أعضاء هذا الحزب عائشة وحفصة ...إلخ" (سيرة الأئمة الإثني عشر لهاشم الحسيني ص 281 وانظر كتاب المستشرق لامنس الذي نقل عنه هاشم الحسيني -الشيعي المعاصر- وهو بعنوان "الحكام الثلاثة : أبو بكر وعمر وأبو عبيدة" منوعات الكلية الشرقية 4 1910)
مناقشة هذه المزاعم :
لا ريب أن ادعاء الشيعة أن قول رسول الله صل الله عليه وسلم عن أبي عبيدة : "أمين هذه الأمة طعن فيه : زعم باطل لا تساعدهم عليه اللغة ولا المناسبة ولا واقع الحال :
(1)- فالأمين لغة هو الثقة الرضي وإضافته إلى الأمة تدل على أنه مرضي من الأمة جميعها ثقة عنهم
وهذا لا يتماشى مع قصة الصحيفة التي افتروها ، فإنها أفادت أنه ثقة عند جماعة قليلين هم المتواطئون على كتابة الصحيفة -على حد زعم الشيعة-
وقد تنبه الشيعة إلى هذا التناقض البين فعمدوا إلى تغيير لفظ الحديث الصحيح ليوافق أهواءهم ومعتقداتهم في الصحابة فوضعوا بدل "أمين هذه الأمة" : "أمين قوم من هذه الأمة على باطلهم"
وهذا كذب متعمد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي توعد بالنار من كذب عليه متعمدا ، وفي قوله في الحديث المتواتر الذي تقدم معنا : "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
(2)- ثم إن المناسبة التي لأجلها قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم هذا الحديث ولقب بسببها أبا عبيدة بهذا اللقب تبطل دعواهم فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله تعالى عنه : "أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فقالوا ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة و الإسلام قال : فأخذ بيد أبي عبيدة فقال : "هذا أمين هذه الأمة" (صحيح مسلم 4/1881 ك الفضائل باب فضائل أبي عبيدة)
ولا يصح أن يرسل معهم ليعلمهم أمور الدين من هو عنده غير أمين وهو الناصح لأمته صل الله عليه وآله وسلم الحريص عليها وكذا أخرج البخاري ومسلم أيضا في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال : "جاء أهل نجران إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فقالوا : يا رسول الله! ابعث إلينا رجلا أمينا فقال صل الله عليه وآله وسلم : لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين، حق أمين" قال : فاستشرف لها الناس قال : فبعث إبا عبيدة بن الجراح" (صحيح البخاري 5/100 ك المناقب باب مناقب أبي عبيدة وصحيح مسلم 4/1882 ك الفضائل باب مناقب أبي عبيدة)
ويعني بالناس في قوله : (فاستشرف لها الناس) : أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم فإنهم تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصا على تحصيل الصفة المذكورة وهي الأمانة لا على الولاية من حيث هي (فتح البارس لابن حجر 7/93-94) حتى إن عمر رضي الله تعالى عنه -مع فضله وتقدمه على غيره- قال : ما أحببت الإمارة قط حبي إياه يومئذ رجاء أن أكون صاحبها" (المصدر نفسه وانظر : الرياض النظرة في مناقب العشرة للمحب الطبري 2/347)
ولقد عرف الصحابة لأبي عبيدة هذا الفضل :
فقد روى أحمد بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : "لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح فاستخلفته وما شاورت فيه ، فإن سئلت عنه قلت : استخلفت أمين الله وأمين رسوله" (فضائل الصحابة لأحمد 2/742-743 وانظر مسند أحمد 1/18 والمستدرك للحاكم 3/268) وفي رواية : "لو استخلفت أبا عبيدة بن الجراح فسألني عنه ربي : ما حملك على ذلك؟ لقلت : سمعت نبيك وهو يقول : إنه أمين هذه الأمة"( فضائل الصحابة لأحمد 2/742-743 وانظر مسند أحمد 1/18 والمستدرك للحاكم 3/)
أما استشهاد هاشم الحسيني -الشيعي المعاصر- كلام المستشرق لامنس على إثبات هذه الدعوى فهو استشهاد باطل فما كان لعداء الإسلام أن يكونوا شهداء على المسلمين ولا ريب أن المستشرقين اعتمدوا على مصادر الشيعة اعتمادا كبيرا في إلقاء الشبه والتشكيك في الدين ومن ثم إعطاء الفكرة المشوهه والمحرفة عن الفكر الإسلامي الأصيل

خامسا : موقف الشيعة الإثني عشرية من سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنه
سعيد بن زيد بن نفيل العدوي القرشي من الرعيل الأول  من الصحابة ابن عم عمر بن الخطاب وصهره أسلم قديما قبل أن يدخل رسول الله صل الله عليه وآله وسلم دار الأرقم وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وشهد له رسول الله صل الله عليه وآله وسلم بالجنة وتوفي وهو عنه راض (الاستيعاب لابن عبدالبر 2/2 والإصابة لابن حجر 2/46)
كان مجاب الدعوة وقصته مع أروى بنت أويس في ذلك مشهورة :
وهي ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عروة بن الزبير قال : إن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها
فخاصمته إلى مروان بن الحكم فقال سعيد : أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعته من رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ؟ قال : وما سمعت من رسول الله صل الله عليه وآله وسلم؟ قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوق إلى سبع أراضين فقال له مروان : لا أسألك بينة بعد هذا فقال : اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها قال : فما ماتت حتى ذهب بصرها وكانت تقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد ثم بينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت" (صحيح مسلم 3/1230-1231 ك المساقاة باب تحريم الظلم)
والشيعة قد وجهوا إليه العديد من المطاعن :
فزعموا أنه من شر الأولين والآخرين (الخصال للصدوق 2/457-،460) وأنه قارون هذه الأمة (الخصال للصدوق 2/457-460) وزعموا أنه من أعداء آل محمد (الكشكول لحيدر الآملي ص 160) وزعموا أنه كان يضع الحديث على رسول الله عليه السلام(الطرائف لابن طاوس 523) إلى غير ذلك من المزاعم الكثيرة والمطاعن المفتراة
 وزعم الشيعة أن سعيدا كان يضع الحديث كزعمهم كذب غيره من الصحابة المكثرين للرواية عن رسول الله صل الله عليه وسلم وإنما يزعمون هذا لإبطال الكتاب والسنة الذين نقلهما إلينا الصحابة رضي الله عنهم
قال أبو زرعة الرازي رحمه الله : "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ولك أن رسول الله حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" (الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص 49)
وهذا يتضح أن موقف الشيعة من العشرة المبشرين بالجنة واحد من حيث إنكارهم أن يكونوا من أهل الجنة ومن حيث القول بكفرهم ونسبتهم إلى الإرتداد -كباقي الصحابة- وإنكار عاداتهم وتوجيه المطاعن المفتراة إليهم وغير ذلك

المجلس التاسع
موقف الشيعة الإثني عشرية من الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها
حصـان رزان مـا تزن بريبة
حليلة خير الناس دينـا ومنصبا
مهذبـة قـد طيب الله خيمهـا
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
نبي الهدى والمكرمات الفواضـل
وطهرها من كل شين وبـاطـل
لا يخفى على المسلم فضل أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وما خصهن الله به من نزول الوحي على رسول الله صل الله عليه وسلم في بيوتهن وما تمتعن به من منزلة سامية عند رسول الله صل الله عليه وسلم فهن من أحب الناس إليه صل الله عليه وسلم
وأعزهن عنده وأعرفهن بمطارح أنظاره وأسرعهن إلى التعلق بأسباب رضاه في كل ما تقر به عينه صل الله عليه وسلم
ولا ريب أن الصديقة بنت الصديق والحبيبة بنت الحبيب والطاهرة العفيفة المبرأة من فوق سبع سماوات عائشة رضي الله عنها أولاهن بهذه النعمة وأحظاهن بهذه الغنيمة وأخصهن من هذه الرحمة العميمة :
فقد حازت قصب السبق إلى قلب رسول الله صل الله عليه وسلم من بين سائر أزواجه فهي الحبيبة المدللة ابنت حبيبه وصديقه ولم يتزوج بكرا غيرها ولم ينزل عليه الوحي في فراش امرأة سواها كما نص على ذلك صلوات الله وسلامه بقوله لزوجه أم سلمة رضي الله عنها : "يا أم سلمة لا تؤاخذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" (صحيح البخاري 5/107 ك فضائل الصحابة باب فضائل عائشة)
وكان لعائشة رضي الله عنها شرف خدمة النبي صل الله عليه وسلم وتمريضه في أيام حياته الأخيرة فما أن نزل مرضه الأخير الذي مات فيه حتى أخذ يسأل : أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟ يريد أن يكون في بيت عائشة (صحيح البخاري 5/107 ك فضائل الصحابة باب فضائل عائشة) ثم استأذن أزواجه أن يكون في بيتها فأذن له فبقي عندها ترعاه وتخدمه وتسهر عليه في مرضه إلى أن قبضه الله إليه وإن رأسه لفي حجرها بين سحرها ونحرها وحاقنتها وذاقنتها (كناية عن أن رأسه عليه السلام كان مسندا إلى صدرها) وريقة قد خالط ريقها (صحيح البخاري 6/31-36 ك المغازي باب ما جاء في وفاة النبي صل الله عليه وسلم وبعض الشيعة يعترف أن ريقه صل الله عليه وآله وسلم خالط ريقها قبل وفاته فقد أسند الأشعث في كتابه إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما أن أبا ذر أخبره أن رسول الله قبل أن يموت دعا بالسواك فأرسله إلى عائشة فقال : لتلينه لي بريقك ففعلت ثم أتي به فجعل يستاك به ويقول بذلك : ريقي بريقك يا حميراء ثم شخص يحرك شفتيه كالمخاطب ثم مات "الأشعثيات ص 212" وهذا يدل بمفهومه - لما تقدم من رغبته في أن يكون في بيتها تشرف عليه وترعاه ومن إقباله عليها عند موته ومخالطة ريقه الشريف لريقها على موته صل الله عليه وسلم وهو راض عنها) فكان موته في بيت أحب الناس إليه كما ثبت عنه في الصحيح لما سأل : أي الناس أحب إليك؟ قال : "عائشة" (صحيح البخاري 5/68 ك الفضائل باب فضائل أبي بكر) وقبض وهو راض عنها وقبر في بيتها فرضي الله عن عائشة وأرضاها
فهي حبيبة رسول الله صل الله عليه وسلم وأقرب الناس إلى قلبه وأحبهم إليه والمؤمن يحب ما يحب الله ورسوله
فهل يحب أم المؤمنين عائشة ويحترمونها وينزلونها المنزلة التي أنزل الله وأنزلها رسوله عليه السلام؟ المنزلة التي تستحقها لكونها زوجه سيد ولد آدم وخير الأولين والآخرين ولكونها أحب الناس وأقربهم إلى قلب هذا الرسول العظيم صل الله عليه وسلم؟
والجواب : أن الشيعة يبغضون عائشة رضي الله عنها أشد البغض :
ويتجلى ذلك في سبها وإيذائها ونسبتها على ما برأها الله منه وطمس فضائلها وتوجيه العديد من المطاعن إليها
وليس الأمر تحاملا على الشيعة أو تجنيا عليهم فكتبهم هي الشاهد على صدق هذه الدعوى
والمطاعن التي وجهها الشيعة إلى عائشة رضي الله عنها كثيرة وسأقتصر على نماذج منها

فمنها : أولا : ادعاء الشيعة كفرها وعدم إيمانها وزعمهم أنها من أهل النار
أسند العياشي –وهو من علماء الشيعة- إلى جعفر الصادق -زورا وبهتانا- والقول في تفسير قوله تعالى : "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.." (سورة النحل 92) قال :"التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا : عائشة هي نكثت إيمانها"(تفسير العياشي 2/269 وانظر البرهان للبحراني 2/383 وبحار الأنوار للمجلسي 7/454)
وتبدو النزعة الباطنية في هذا التفسير جلية فالشيعة قد نحوا منحى التأويل الباطني بتحريفهم معنى نقض الغزل إلى نقض الإيمان وزعمهم أن التي نقضت غزلها أي إيمانهم على حد قولهم هي عائشة رضي الله عنها بينما إجماع المفسرين على عكس ذلك فإنهم أجمعوا على أن المرأة التي نقضت غزلها امرأة خرقاء في أهل الجاهلية تسمى : ريطة كانت تغزل هي وجوار لها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن وكانت معروفة عنهم فضربها الله مثلا لهم ألا يتشبهوا بها فينقضوا العهود من بعد توكيدها فشبه نقض العهود بنقض الغزل ولم يقل أحد منهم إن المرأة المعنية بهذه الآية هي الصديقة عائشة رضي الله عنها ولم يؤول واحد منهم نقض الغزل بنقض الإيمان ولم يشبهه به (أنظر تفسير ابن كثير 2/583-584 وفتح القدير للشوكاني 3/190 وروح المعاني للألوسي 14/221-222)
وزعم الشيعة أيضا أن لعائشة رضي الله عنها بابا من أبواب النار تدخل منه :
فقد أسند العياشي إلى جعفر الصادق رحمه الله -وحاشاه مما نسبه الشيعة إليه- أنه قال : في تفسير قوله تعالى حكاية عن النار : "لها سبعة أبواب" (سورة الحجر 44) : "يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب .... والباب السادس لعسكر ... إلخ" (تفسير العياشي 2/243 وانظر البرهان للبحراني 2/345 وبحار الأنوار للمجلسي 4/378، 8/220)
وعسكر كناية عن عائشة رضي الله عنها كما زعم ذلك المجلسي (بحار الأنوار للمجلسي 4/378 8/220)
ووجه الكناية عن اسمها بعسكر كونها كانت تركب جملا -في موقعة الجمل- يقال له : عسكر كما ذكر ذلك المجلسي أيضا
ولم يكتف الشيعة بذلك بل لقبوا عائشة في كتبهم بـ(أم الشرور) (الصراط المستقيم للبياضي 3/161) وبـ(الشيطانة) (المصدر نفسه 3/135)
وزعموا أنها كانت تكذب على رسول الله صل الله عليه وسلم (الخصال للصدوق 1/190) وأن لقبها (حميراء) والألقاب التي يبغضها الله تعالى (الأصول من الكافي للكليني 1/247)
فعائشة رضي الله عنها إذن كافرة عند الشيعة وليست من أهل الإيمان وهي عندهم من أهل النار
ومعلوم أن الشيعة يوجهون هذه المطاعن المفتراة المجردة عن الدليل إلى أحب الناس إلى رسول الله صل الله عليه وسلم وكان لا يحب إلا طيبا والكافر خبيث ولا يحب فكيف تتفق مزاعم الشيعة مع ما تواتر -تواترا معنويا- عن رسول الله صل الله عليه وسلم من حبه لعائشة الصديقة رضي الله عنها ؟!
أخرج أحمد وأبو حاتم وغيرهما بأسانيدهم إلى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل على عائشة وهي تموت فقال لها : "كنت أحب نساء رسسول الله صل الله عليه وسلم إليه ولم يكن يحب رسول الله صل الله عليه وسلم إلا طيبا" (راجع السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين للمحب الطبري ص 30)
وسمع عمار بن ياسر رضي الله عنهما رجلا ينال من عائشة رضي الله عنها فزجره ووبخه وقال له : "اغرب مقبوحا منبوحا، أتؤذي حبيبة رسول الله صل الله عليه وسلم " (جامع الترمذي 5/707 ك المناقب باب فضل عائشة رضي الله عنها وقال الترمذي : هذا حديث حسن) وقد تقدم أن رسول الله صل الله عليه وسلم سئل : من أحب الناس إليك ؟ فقال : عائشة (صحيح البخاري 5/68 ك الفضائل باب فضائل أبي بكر)
ثم الشيعة بعد هذا كله يزعمون أنها كانت كافرة حاشاها بل هي من أفضل المؤمنين من عباد الله الصالحين
وقد فضلها رسول الله صل الله عليه وسلم على سائر النساء بقوله : "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (أخرجه البخاري 6/340 ك الأنبياء باب قول الله تعالى :"وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين")
ويتناقض ما زعمه الشيعة عن عائشة بكونها من أهل النار مع ما ثبت عن رسول الله صل الله عليه وسلم من بشارته لها بالجنة بقوله : "لقد رأيت عائشة في الجنة لأني أنظر إلى بياض كفيها ليهون ذلك علي عند موتي" (مسند أحمد 6/138 وفضائل الصحابة له 2/871 وطبقات ابن سعد 8/65 وانظر السمط الثمين للمحب الطبري ص 29)
ويتناقض أيضا مع ما ثبت عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه من قوله عنها رضي الله عنها : "إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة" (تاريخ الطبري 5/225)
ثم الشيعة بعد هذه الأدلة الواضحة الصريحة قد خالفوا رسول الله صل الله عليه وسلم وخالفوا من زعموا أنه إمام لهم -علي بن أبي طالب رضي الله عنه- وزعموا أن عائشة رضي الله عنها أنها كافرة وأنها من أهل النار حاشاها من ذلك
بل هي مؤمنة طاهرة من أهل الفردوس الأعلى في الجنة مع زوجها رسول الله صل الله عليه وسلم

ثانيا : الشيعة الإثنا عشرية ينسبون الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سموات إلى الفاحشة
لما رمى رأس النفاق عبدالله بن أبي بن سلول الصديقة  الطاهرة عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه غضب الله جل وعلا لانتهاك حرمة نبيه فنفى التهمة عن الصديقة وأنزل تبرئتها من فوق سبع سموات آيات حوت الوعيد الشديد في الدنيا والتوعد بالعذاب العظيم في الآخرة
ولو فتشت في آيات القرآن وتأملت الآيات التي أوعد الله العصاة لما رأيته غلظ في عقوبة شيء تغليظه في عقوبة من رمي الصديقة عائشة رضي الله عنها بالإفك فالآيات والقوارع مشحونة بالوعيد الشديد والزجر العنيف واستعظام ما جاء به رأس النفاق ومن رددوا قوله من الإفك واستفضاع ما أقدموا عليه من التلقي بالألسنة والقول بالأفواه يحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فجعل القَذَفَةَ ملعونين في الدنيا والآخرة وتوعدهم بالعذاب الشديد في الآخرة وأخبر أن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ستشهد عليهم بإفكهم وبهتانهم وهذا ليس ظلما لهم بل هو جزاؤهم الحق الذي هم أهله بسبب خوضهم في عرض نبيه ، وتكلمهم على زوجة رسول الله صل الله عليه وسلم تنبيها لهم على علو منزلة رسول الله صل الله عليه وسلم وإنافة محلة صلوات الله وسلامه عليه
وقد انتهى ذلك الإفك بجلد الخائضين فيه وتوبتهم واعتذارهم إلى نبيهم وزوجه الطاهرة العفيفة
وبعد ذلك بقرون أحدث الشيعة إفكا آخر اتهموا به العفيفة الطاهرة في عرضها مرة أخرى ولم يحاسبهم أحد إلا الله فإنه مطلع عليهم وهو يدافع عن رسوله وحبيبه ويذب عن عرض خليلة صل الله عليه وسلم
فقد زعم الشيعة أن قوله تعالى : "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين قخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين" (سورة التحريم 10) مثل ضربه الله لعائشة وحفصة رضي الله عنهما
وقد فسر بعضهم بالخيانة بارتكاب الفاخشة -والعياذ بالله تعالى- :
قال القمي في تفسير هذه الآية : "والله ما عنى بقوله : (فخانتاهما) إلا الفاحشة (وليس هذا القول بدعا من القمي فقد سبقه إليه الكليني -شيخ الاسلام عند الشيعة ومرجعهم- ونسبه إلى أبي جعفر الباقر راجع البرهان للبحراني 4/357-358) وليقيمن الحد على (عائشة) (عند القمي فلانة بدل عائشة وهذا من باب التقية وقد صرح غيره باسمها فكشف ما حظرت التقية كشفه بزعمهم) فيما أتت في طريق (البصرة) (في الطبعة الحديثة (....)) وكان (طلحة) (في نسخة أخرى فلان بدل طلحة وهو من التقية كما أسلفنا) يحبها فلما أرادت أن تخرج إلى (البصرة) (في الطبعة الحديثة (....)) قال لها فلان : لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من (طلحة) (في نسخة أخرى فلان بدل طلحة).. (تفسير القمي ط حجرية ص 341 ط حديثة 2/377 وانظر البرهان للبحراني 4/358 وتفسير عبدالله شبر ص 338 وقد ساقاها موضحة كما أثبتها في المتن)
ووجه إقامة الحد عليها -على حد زعم الشيعة- : كونها زوجت نفسها من آخر بعد رسول الله صل الله عليه وسلم مع حرمة ذلك فالله تعالى قد حرم نكاح أزواج النبي صل الله عليه وسلم من بعده أبدا
فمن هي التي ارتكبت الفاحشة وتزوجت من طلحة من بين زوجات رسول الله صل الله عليه وسلم وهي في طريقها إلى البصرة -كما زعم الشيعة- ؟
المثل مضروب لعائشة وحفصة معا -على حد زعم الشيعة المتقدم-
وحفصة لم تخرج إلى البصرة والتي خرجت هي عائشة رضي الله عنها بإجماع الشيعة فهي إذن التي يقام عليها الحد -كما زعم الشيعة- لتزويجها نفسها من طلحة مع حرمة ذلك عليها
- ولا بد أن يقام هذا الحد عند رجعة الأئمة وأعدائهم حسب معتقد الشيعة الباطل في ذلك
ومما يؤكد أن الشيعة الذين لم يذكروا اسم (عائشة) صراحة عنوا بـ(فلانة) عائشة رضي الله عنها -مع أن الاخرين ذكروا اسمها صريحا كما تقدم- :
ما رواه الشيعة في كتبهم من المزاعم المكذوبة التي جاء فيها : أنه "لم نزل قول الله تعالى : "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" (سورة الأحزاب 6) وحرم الله نساء النبي صل الله عليه وآله على المسلمين غضب طلحة فقال : يحرم محمد علينا نساءه ويتزوج هو بنسائنا لئن أمات الله محمدا لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا –وفي رواية أخرى ذكروها : لأتزوجن عائشة (تفسير القمي ط حجرية ص 290 ط حديثة 2/195-196 ومؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطية ص 38 والشافي للمرتضى ص 258 والطرائف لابن طاوس ص 492-493 والصراط المستقيم للبياضي 3/23-35 ومنار الهدى لعلي البحراني ص 452 ونفحات اللاهوت للكركي ق 36/ب وتفسير الصافي للكاشاني 2/363 والبرهان للبحراني 3/333 – 334 وإحقاق الحق للتستري ص 260-261 وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص 58 وعقائد الإمامية للزنجاني 3/56 وسيرة الإئمة الإثنا عشر لهاشم الحسيني 1/381 والشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية ص 36) -وفي رواية ثالثة- (وكان طلحة يريد عائشة) (الطرائف لابن طاووس ص 492-493 ونفحات اللاهوت للكركي ق 36/ب وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص 58) فأنزل الله تعالى : "وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلك كان عند الله عظيما" (سورة الأحزاب 53)
ولم يكتف الشيعة بهذا بل نسبوا إليه أقوالا في غاية الخسة والبذائة وقد ترددت في ذكرها وهممت أن لا أكتبها لولا ما ألزمت به نفسي من إعطاء صورة واضحة مختصرة عن نظرة الشيعة إلى الصحاية رضي الله تعالى عنهم لذا فإني أذكر بعضها وأعرض عن بعضها الآخر :
فلقد ذكر رجب البرسي -وهو من علمائهم- أن عائشة جمعت أربعين دينارا من خيانة وفرقتها على مبغضي علي) (مشارق أنوار اليقين لرجب البرسي ص 86)
وذكر أحمد بن علي الطبرسي -وهو من علمائهم أيضا- أن عائشة "زينت يوما جارية كانت وقالت : لعلنا نصطاد شابا من شباب قريش بأن يكون مشغوفا بها" (احتجاج الطبرسي ص 82)
فقاتلهم الله كيف حفظوا النبي صل الله عليه وسلم في زوجته وأحب الناس إليه لقد رموها بأشد مما رماها به رأس المنافقين وأتباعه من زمن رسول الله صل الله عليه وسلم
مناقشة هذه المفتريات :
لا يشك عاقل أن هذه المزاعم الشيعية من البهتان المبين والإفك المفترى فالله سبحانه وتعالى لم يضرب امرأة نوح وامرأة لوط مثلا لعائشة وحفصة رضي الله عنهما بل هو مثل مضروب للذين كفروا مطلقا كما قال الله تعالى في رأس الآية : "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط" (سورة التحريم 10) والشيعة لما كانوا يحقدون على عائشة وحفصة رضي الله عنهما ويعتقدون كفرهما قصروا المثل الضروب عليهما وخصوا بهما
ولم يقل أحد من مفسري أهل السنة أن الخيانة من امرأة نوح وامرأة لوط هي الوقوع في الفاحشة وإنما أولوها بأنها الخيانة في الدين (راجع : جامع البيان للطبري 28/169-171 وتفسير بن كثير 4/393 وفتح القدير للشوكاني 5/255-256 ) وقد أولها بعض الشيعة بذلك (كالبياضي في الصراط المستقيم 3/165 –166 والكاشاني في تفسير الصافي 2/720)
وفي ذلك يقول حبر هذه الأمة : عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : "ما زنتا أما خيانة امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه" وتبعه على ذلك جميع المفسرين (راجع : جامع البيان للطبري 28/ 169 – 171 وتفسير بن كثير 4/393 وفتح القدير للشوكاني 5/255 – 256 وغيرها من تفاسير أهل السنة فكلها أجمعت على ذلك)
والقصة التي افتراها الشيعة لا شك في كذبها وقد وقع واضعها في أخطاء تدل على كذبها منها : ادعاؤه أن عائشة خرجت دون محرم ولما أخبرت أن لا يجوز أنها خرجت بغير محرم زوجت نفسها من طلحة -على حد زعمهم-
ودعوى أنها خرجت بغير محرم يبطلها ما أجمع عليه أهل السنة وجمهور الشيعة من أن ابن أختها عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما كان معها وفي عسكرها وما رواه الشيعة من أنه -أي ابن أختها- عبدالله هو الذي حرضها على المسير إلى البصرة وحرض أباها على محاربة علي رضي الله عنه وعندما عزم أبوه على الاقلاع عن حربه لما التقيا في البصرة أخذ يلح عليه حتى عاد إلى حربه وهذه كلها مزاعم ذكرها الشيعة في كتبهم (الاختصاص للمفيد ص 119 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2/ 167-170 4/ 480 482- 483 وأحاديث أم المؤمنين عائشة لمرتضى العسكري 1/227-268 -269)
فكيف يقال أنها خرجت من غير محرم وعبدالله بن الزبير ابن أختها هو محرمها؟
لاشك أن قول الله تعالى : "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا"
وقوله جل وعلا : "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا" (سورة الأحزاب 57-58)
منطبق على من قذفها لأن في قذفها من حيث كونها زوج رسول الله صل الله عليه وسلم إيذاء لله ورسوله صل الله عليه وسلم وقذفها من حيث كونها مؤمنة غافلة إيذاء لها ولمن اهتموا بها رضي الله عنهما
وينبغي أن يعلم أن سب عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه يعتبر مروقا من الدين -حسبما تقرر في القواعد الشرعية- وسابها كافر وعلى هذا إجماع علماء المسلمين مستدلين بقوله تعالى : "يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين" (سورة النور 17) وبغيرها من آيات الكتاب الحكيم
قال القاضي أبو يعلى : "من قذف عائشة رصي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف" (نقله عنه ابن تيمية في الصارم المسلول ص571)
و "روى عن محمد بن زيد بن علي بن الحسين أخي الحسن بن زيد أنه لما قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء فقام إليه بعمود فضرب به دماغه فقتله فقيل له : هذا من شيعتنا ومن بني الآباء! فقال : هذا سمى جدي (يعني رسول الله صل الله عليه وسلم )قرنان ومن سمى جدي قرنان استحق القتل" (ذكرها ابن تيمية في الصارم المسلول ص 566 - 567)
وروي عن أخيه الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : "أنه كان بحضرته رجلا فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة فقال : يا غلام اضرب عنقه فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا فقال : معاذ الله هذا رجل طعن على النبي صل الله عليه وآله وسلم وقال الله تعالى : (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات..)الآية(سورة النور 26) فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صل الله عليه وآله وسلم خبيث فهو كافر فاضربوا عنقه فاضربوا عنقه وأنا حاضر -على حد قول الراوي- " (ذكرها ابن تيمية في الصارم المسلول ص 566)
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين.. " (الصارم المسلول ص 568)
وقال ابن حجر الهيتمي بعد ما ذكر حديث الإفك : "علم من حديث الإفك أن من نسب عائشة المشار إليه أن من نسب عائشة إلى الزنا كان كافرا وقد صرح بذلك أئمتنا وغيرهم لأن في ذلك تكذيب النصوص القرآنية ومكذبها كافر بإجماع المسلمين وبه يعلم القطع بكفر كثيرين من غلاة الروافض لأنهم ينسبونها إلى ذلك قاتلهم الله أنى يؤفكون" (الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي 101)
وقال الشيخ محمد بن سليمان التميمي حاكيا عن عائشة رضي الله عنها : "والحاصل أن قذفها كيفما كان يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها" (رسالة في الرد على الرافضة لمحمد التميمي ص 24-25)
ويقول في موضع آخر : "ومن كذب الله فقد كفر" (رسالة في الرد على الرافضة لمحمد التميمي ص 24-25)
ونقل قول بعض أهل البيت في ذلك : "وأما قذفها الآن فهو كفر وارتداد ولا يكفي فيه الجلد لأنه تكذيب لسبع عشرة آية في كتاب الله كما مر فيقتل ردة ...ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صل الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه فهو من ضرب عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين.." (رسالة في الرد على الرافضة لمحمد التميمي ص 24-25)
وأقوال علماء المسلمين كثيرة في هذا الباب وكلها متضافرة في كفر من رمى الصديقة بها برأها الله منه أو نسبها إلى الفاحشة -عياذا بالله- متبعين لكتاب ربهم الذي قرر أن الطيبين للطيبات والخبيثين للخبيثات وسنة نبيهم صل الله عليه وسلم التي دلت دلالة قطعية على أن رسول الله صل الله عليه وسلم يحب الصديقة الطيبة عائشة حبا لم يساو بها فيه أحدا من الناس وكان صل الله عليه وسلم لا يحب إلا طيبا

ثالثا : مطاعن مشتركة وجهها الشيعة إلى عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر رضي الله عنهم
وجه الشيعة إلى عائشة و حفصة رضي الله عنهما العديد من المطاعن أكتفي بذكر بعضها فمنها :
(1) - التبرؤ منهما ولعنهما :
ذكر الكركي و المجلسي -وهو من كبار علماء الشيعة- أن جعفر الصادق -رحمة الله وحاشاه من ذلك- كان يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال و أربعة من النساء : التيمي و العدوي -أبا بكر و عمر- وعثمان و معاوية يسميهم وعائشة و حفصة و هندا وأم الحكم أخت معاوية (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت للكركي ق 74/ب وعين الحياة للمجلسي ص 599)
هذا في لعنهم أما التبرؤ منهما : فقد نقل ابن بابويه القمي -الملقب بالصدوق- والمجلسي إجماع الشيعة على ذلك فقالا -واللفظ للمجلسي- : "وعقيدتنا في التبرئ : أننا نتبرأ من الأصنام (وضع الملقب بالصدوق (الأوثان) موضع "الأصنام") الأربعة : ابي بكر وعمر وعثمان ومعاوية ومن النساء الأربع : عائشة وحفصة وهند وأم الحكم ومن جميع أتباعهم وأشياعهم وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض (زاد الملقب بالصدوق : ونعتقد فيهم أنهم أعداء الله ورسوله) وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرئ من أعدائهم" (الهداية للصدوق ق110/أ وحق اليقين للمجلسي ص 519)
فهم أذا يلعنون أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم ويتبرأون منهم ولا يكتفون بذلك بل ويلعنون ابنة ابي بكر عائشة وابنة عمر حفصة ويتبرأون منهما ويزعمون أنهم وأتباعهم وأشياعهم -يعنون أهل السنة- شر خلق الله على وجه الأرض
ويعلم كل مسلم أنا أبا بكر وعمر وعثمان خير خلق الله على وجه الأرض بعد الأنبياء والمرسلين وأن ابنتي أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة من خير خلق الله وزوجتا خير خلق الله وسيد ولد آدم وإمام الأنبياء والمرسلين صل الله عليه وسلم وأن معاوية رضي الله عنه صحابي من الصحابة الذين هم من خير خلق الله عز وجل وأن أهل السنة القائمين بكتاب الله العاملين بسنة رسول الله صل الله عليه وسلم السائرين على منهج صحابة رسول الله رسول الله صل الله عليه وسلم من خير خلق الله فكيف نجعل المسلمين كالمجرمين بل وكيف نجعل المتقين كالفجار؟!
(2)- دعوى الشيعة أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما سقتا السم لرسول الله صل الله عليه وسلم :
يدعي الشيعة الإثنا عشرية أن عائشة وحفصة تآمرتا مع أبويهما على رسول الله صل الله عليه وسلم وأذاعتا سره وهتكتا ستره وسقتاه السم فكان ذلك سبب موته صل الله عليه وسلم -على حد مزاعمهم الكاذبة-
والقصة الممكذوبة التي ذكر فيها الشيعة تآمر أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة على وضع السم لرسول الله صل الله عليه وسلم يزعمون -بالرغم من كذبها- أنها ثابتة واستدلو على إثباتها بآية من القرآن الكريم حملوها ما لا تحتمل من المعاني لتوافق أهواؤهم ومعتقداتهم في الصحابة رضي الله عنهم وهذه الآية هي قوله تعالى : "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ..." الآية (سورة آل عمران 114)
فقد أسند العياشي -بسنده المسلسل بالكاذبين- إلى أبي عبد الله جعفر الصادق -رحمه الله وحاشاه مما نسبه الشيعة إليه- أنه قال : "تدرون مات النبي صل الله عليه وآله أو قتل ؟ إن الله يقول : (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) فسم قبل الموت إنهما سقتاه (زاد الكاشاني : "يعني المرأتين لعنهما الله وأبويهما" تفسير الصافي 1/305) قبل الموت فقلنا : إنهما وأبويهما شر من خلق الله" (تفسير العياشي 1/200 وانظر تفسير الصافي للكاشاني 1/305 والبرهان للبحراني 1/320 وبحار الأنوار للمجلسي 6/504 8/6)
ووصف المجلسي -شيخ الدولة الصفوية ومرجع الشيعة المعاصرين- سند هذه الرواية المكذوبة بأنه معتبر وعلق عليها بقول : "إن العياشي روى بسند معتبر عن الصادق(ع) أن عائشة و حفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما قتلتا رسول الله بالسم دبرتاه" (حياة القلوب للمجلسي 2/700)
وقد نقل هذه الحادثة المكذوبة عدد كبير من مصنفي الشيعة وذكروا اسم عائشة و حفصة وأبويهما صراحة وزعموا أنهم وضعوا السم لرسول الله صل الله عليه وسلم فمات بسببه (راجع تفسير القمي ط حجرية ص 340 ط حديثة 2/375 – 376 وانظر الصراط المستقيم للبياضي 3/168- 169 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2/457 وإحقاق الحق للتستري ص 308 وتفسير الصافي للكاشاني 2/716-717 والبرهان للبحراني 1/320 4/352- 353 والأنوار النعمانية للجزائري 4/336-337)
وهذه القصة من القصص الباطلة التي افتراها الشيعة وألصقوها بخيار الصحابة الذين شهد لهم رسول الله صل الله عليه وسلم بالجنة ومات راضيا عنهم -كما تقدم ذلك كله- ولم يقل بها أحد من أهل السنة ولا غيرهم عدا الشيعة الذين يريدون إظهار خيار الصحابة -بما يلصقونه بهم من مفتريات كاذبة- بمظهر الخائنين لله ولرسوله صل الله عليه وسلم
ومن العجيب حقا أنهم يلقون التهم جزافا مجردة عن الدليل مخالفة للنقل المتواتر الصحيح ومن عرف حال أبي بكر وعمر وخصالهما وفضائلهما وشدة قربهما من رسول الله صل الله عليه وسلم واختصاصهما به ويقول بملء فيه : هذا بهتان مبين وعائشة و حفصة رضي الله عنهما قد ثبت علو درجاتهما وأنهما زوجتا نبينا صل الله عليه وسلم في الجنة فقد كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنهما يحلفان بالله أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها زوجة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة (أخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي المستدرك 4/6 وانظر : تاريخ الطبري 5/225)
وكذا أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها زوجة رسول الله صل الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه : إن جبريل عليه السلام أتى إلى رسول الله صل الله عليه وسلم لما طلق حفصة وقال له :"إن الله يقرئك السلام ويقول : إنها لزوجتك في الدنيا والآخرة فراجعها" (أخرجه ابن سعد والبزار والطبري في الأوسط والكبير والحاكم وصححه – وابن عساكر في الأربعين -وحسنه- وذكره ابن عبدالبر والمحب الطبري وابن حجر وغيرهم أنظر طبقات ابن سعد 8/84 والاستيعاب لابن عبدالبر 4/269 وحلية الأولياء لأبي نعيم 2/50 والمستدرك للحاكم 4/15 والأربعين في مناقب أمهات المؤمنين لابن عساكر ص 91 والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين للمحب الطبري ص 68 ومجمع الزوائد للهيثمي 9/244 ودر السحابة للشوكاني ص 323 وغيرها)
فعائشة وحفصة رضي الله عنهما من أحب أزواج رسول الله صل الله عليه وآله وسلم إليه وأبواهما من أحب الناس إليه عليه السلام ومن أقربهم إلى قلبه صل الله عليه وسلم ومن له أدنى إلمام بسيرة هؤلاء الصحابة الأخيار يجد نفسه عند قراءة ما بهتهم به الشيعة يقول : سبحانك هذا بهتان مبين
المجلس العاشر
ذكر نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة الإثنا عشرية إلى بعض الصحابة الاخرين
موقف الشيعة الإثني عشرية من الصحابة متشابهة من حيث نسبتهم جميعا إلى الارتداد إلا ثلاثة وذمهم ولعنهم والتبرؤ منهم وإيراد المطاعن المفتراة وتوجيهها إليهم ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الشيعة من التعرض للصحابة بالذمة والشتم
ولكثرة المطاعن التي وجهها الشيعة إلى الصحابة الاخرين أردت أن أقتصر على ذكر نماذج من تلك المطاعن يدرك القارئ عند قراءتها منزلة الصحابة رضي الله عنهم عند الشيعة الإثني عشرية فيدين الشيعة من فيها وفيما يلي أورد نماذج من أقوالهم في معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضي الله عن الصحابة أجمعين

أولا : ذكر نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة الإثنا عشرية إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما :
1-  طعنهم في صدق إسلامه وزعمهم أنه كان كافرا منافقا وأنه يخلد في النار يوم القيامة :
يدعي الشيعة أن معاوية رضي الله عنه (لم يزل في الإشراك وعبادة الأصنام إلى أن أسلم بعد ظهور النبي صل الله عليه وآله وسلم بمدة طويلة) (منهاج الكرامة للحلي ص 116) وكان تظاهره بالإسلام (قبل موت النبي بخمسة أشهر) (منهاج الكرامة للحلي ص 114 و إحقاق الحق للتستري ص 266 وعقائد الإمامية الإثني عشرية للزنجاني 3/61) (ولم يسلم إلا خوفا من السيف) (نفحات اللاهوت للكركي ق14/ب-15/أ – 26/أ) لذلك (لم يكن مسلما إلا بالاسم) (في ظلال التشيع لمحمد علي الحسني ص 286) (إذ أنه بقي على جاهليته الأولى) (مقدمة مرآة العقول لمرتضى العسكري 1/38) ولم يمت (حتى علق الصليب في عنقه) (الصراط المستقيم للبياضي 3/50) -كما زعم الشيعة ذلك كله-
ويزعمون أيضا كان شرا من إبليس (منهاج الكرامة للحلي ص 116) وأن (زندقته أشهر من كفر إبليس) (تنقيح المقال للمامقاني 3/222) وأنه كان رأسا من رؤوس الضلالة (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20/15) (إماما من أئمة الكفر) (الشافي للمرتضى ص 287 وتلخيص الشافي للطوسي ص 462) (فرعون هذه الأمة) (الإيضاح للفصل بين شاذان ص 43 والخصال للصدوق 2/457-460 والملاحم لابن طاووس ص 90 وسعد السعود له ص 133 والصراط المستقيم للبياضي 3/50 والكشكول لحيدر الآملي ص 200 وتفسير الصافي للكاشاني 2/740 ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص 263 – 341 وأصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء ص 45-47) طليقا منافقا معاندا لله ولرسوله وللمؤمنين (المصباح للكفعمي ص 552 والشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية ص 39 وأبو طالب مؤمن قريش للخنيزي ص 51) من أعداء آل محمد وخاصة علي بن أبي طالب منهم (الجمل للمفيد ص 49 ومنهاج الكرامة للحلي ص 116 والكشكول للآملي 160 والشيعة في الميزان لمغنية ص255) ويزعم الشيعة أيضا أن معاوية رضي الله عنه مات كافرا لذلك فإنه يخلد في النار يوم القيامة واستدلوا على خلوده في النار بما أسندوه إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم -زورا وبهتانا- فزعموا -وكذبوا عليهم متعمدين- أنه قال : "إن الله عز وجل عرض علي في المنام مني القيامة وأهوالها والجنة ونعيمها والنار وما فيها وعذابها فاطلعت في النار إذا أنا بمعاوية وعمرو بن العاص قائمين في جمر جهنم يرضخ رؤوسهما الزبانية بحجارة من جمر جهنم يقولان لهما : هلا آمنتما بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.." (نقله البحراني في البرهان 4/477-478) وأسند المفيد -كذبا- إلى جعفر الصادق أنه قال : "معاوية وعمرو بن العاص لا يطمعان في الخلاص من العذاب" (الاختصاص للمفيد ص 344) ومعاوية رضي الله عنه في معتقد الشيعة يعذب في النار منذ مات وقد كذبوا على عدد من أئمتهم فنسبوا إليهم -كذبا- أنهم رأوه -أي معاوية- مغلولا في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا في واد في أودية جهنم
فقد كذبوا على أبي جعفر الباقر وزعموا أنه قال : "كنت خلف أبي وهو على بغلته فنفرت بغلته فإذا هو شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال : يا علي بن الحسين اسقني؟ فقال الرجل : لا تسقه لا سقاه الله -وكان الشيخ معاوية- " (بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 304-307 والاختصاص للمفيد ص 275-277 وانظر : الخرايج والجرايح للراوندي ق 134 ومختصر بصائر الدرحات للحلي ص 111 وتفسير الصافي للكاشاني 2/491 740 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 203-204 وحق اليقين لشبر 2/89)
وزعم الشيعة أن نفس الواقعة جصلت مع أبي عبدالله جعفر الصادق ومع أبيه محمد الباقر (بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 304-307 والاختصاص للمفيد ص 275-277 وانظر : الخرايج والجرايح للراوندي ق 134 ومختصر بصائر الدرحات للحلي ص 111 وتفسير الصافي للكاشاني 2/491 740 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 203-204 وحق اليقين لشبر 2/89)
وذكروا في الرواية التي نسبوها للباقر أن معاوية سأله أن يستغفر له فقال له الباقر ثلاث مرات : "لا غفر الله لك" (بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص 304-307 والاختصاص للمفيد ص 275-277 وانظر : الخرايج والجرايح للراوندي ق 134 ومختصر بصائر الدرحات للحلي ص 111 وتفسير الصافي للكاشاني 2/491 740 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 203-204 وحق اليقين لشبر 2/89)
ولأن معاوية رضي الله عنه ممن محض الكفر محضا -عند الشيعة- فإنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة وينتقم منه أشد الانتقام -على حد زعم الشيعة- (مختصر بصائر الدرجات للحلي ص 29 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 363 -364)
مناقشة هذه المزاعم:
لا شك أن زعم الشيعة تأخر إسلام معاوية رضي الله تعالى عنه إلى ما قبل وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم بخمسة أشهر لا يصح بل الثابت أنه أسلم في عام الفتح في السنة الثامنة الهجرية أي قبل وفاة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم بنحو من ثلاث سنين
وعلى هذا القول جمهور علماء المغازي والسير (أنظر : الاستيعاب لابن عبدالبر 3/395 ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية 4/428-429 و 436 و 439 والبداية والنهاية لابن كثير 8/ 118 والإصابة لابن حجر العسقلاني 3/433 وتطهير الجنان لابن حجر الهيثمي ص8-11) وذلك بعضهم أنه أسلم قبل ذلك (المصادر السابقة نفسها)
وقد أسند ابن سعد إلى معاوية رضي الله عنه أنه أخبر عن وقت إسلامه بقوله : "لقد أسلمت قبل عمرة القضية ولكني كنت أخاف أن أخرج إلى المدينة لأن أمي كانت تقول لي : إن خرجت قطعنا عنك القوت ولقد دخل علينا رسول الله صل الله عليه وآله وسلم مكة في عمرة القضاء وإني لمصدق به ثم لما دخل عام الفتح أظهرت إسلامي فجئته فرحب بي" (نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 8/118 والحافظ ابن حجر في الإصابة 3/433)
وقد ذكر البياضي -وهو من الشيعة- أن معاوية أظهر إسلامه في عام الفتح فقال : "قد صح من التاريخ أنه أظهر الإسلام سنة ثمانية من الهجرة" (الصراط المستقيم للبياضي 3/46)
فهذا شاهد منهم ينقل أنه قد صح إظهار معاوية لإسلامه في السنة الثامنة -عام الفتح- وقوله حجة على من زعم تأخر ذلك
وأقل أحوال معاوية أن يكون من الطلقاء أو المؤلفة قلوبهم وكونه منهم لا يقدح به لأن أكثر الطلقاء المؤلفة قلوبهم حين إسلامهم "وكان الرجل منهم يسلم أول النهار رغبة منه في الدنيا فلا يجيء آخر النهار والإسلام أحب إليه مما طلعت عليه الشمس" (منهاج السنة النبوية 4/384)
ومعاوية رضي الله عنه ممن حسن إسلامه ولذلك استعمله رسول الله صل الله عليه وآله وسلم على كتابة الوحي وهذا أمر مجمع عليه عند أهل السنة (راجع في ذلك : تاريخ الطبري 6/179 وتاريخ الخليفة 1/77 والوزراء والكتاب للجهشياري ص 12 وتجارب الأمم لابن مسكوبة 1/291 والكامل في التاريخ لابن الأثير 4/385 والبداية والنهاية لابن كثير 5/350 وكتاب النبي صل الله عليه وسلم للأعظمي ص 103-105)
وقد أثنى عليه رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ودعا له بقوله : "اللهم اجعله هاديا مهديا، واهد به" (أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب جامع الترمذي 5/687 ك المناقب باب مناقب معاوية) وقوله : "اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب" ( روى الحديث بأسانيد متعددة يعضد بعضها البعض وتصل بالحديث إلى درجة الحسن لغيره -كما ذكر ذلك محقق كتاب فضائل الصحابة- "أنظر : فضائل الصحابة لأحمد 2/913-915 ومسند أحمد 4/127 وتاريخ الفسوي 2/345 والاستيعاب لابن عبدالبر 3/401")
فرسول الله صل الله عليه وآله وسلم دعا ربه أن يهدي معاوية ويهدي به وأن يقيه العذاب والشيعة مع ذلك يزعمون أن معاوية رضي الله عنه كان كافرا وأنه يخلد في النار ذونما دليل صحيح وإنما اتباعا لأهوائهم وما تزينه لهم أنفسهم وما نسبوه إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم من إخباره عن معاوية أنه بخلد في النار كذب متعمد عليه الصلاة والسلام ومن كذب عليه صل الله عليه وسلم متعمدا فليتبوأ مقعده من النار -كما أخبر بذلك- فصلوات ربي وسلامه عليه وفي الحديث المتواتر والحق أنه لم تكن ثم عداوة بين رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وبين معاوية رضي الله عنه فمعاوية كان صغيرا حين أسلم ولم يحضر معركة ضد رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ولم يحاربه في أي موقعة ولكن الشيعة نقلوا عداوة أمه وابيه لرسول الله صل الله عليه وآله وسلم إليه ورسول الله صل الله عليه وآله وسلم قد عفا عن أمه وأبيه وهما ممن قد حسن إسلامه وتابا توبة نصوحا والتوبة تجب ما قبلها
2- زعم الشيعة وجوب بغض معاوية ولعنه والتبرؤ منه :
قل أن يخلو كتاب في كتب الشيعة ذكر فيه معاوية رضي الله عنه من لعنه رضي الله عنه والتبرؤ منه (انظر مثلا : الاختصاص للمفيد ص 131 والمصباح للكفعمي ص 484 – 485 وكشف الغمة للأربلي 1/563 ونفحات اللاهوت للكركي ق 26 /ب والرجعة للأحسائي ص 195) قال ابن أبي الحديد : "علي إذا برئ من احد من الناس برأنا منه كائنا من كان وقد برء من المغيرة وعمرو بن العاص ومعاوية" (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20/35)
وقال المجلسي : "من ضروريات دين الإمامية : البراءة من معاوية" (الاعتقادات للمجسلي ق 17)
وكتب الأدعية عندهم من الشواهد على ذلك وخاصة ما يقرأ من الأدعية عند زيادة الأئمة سيما الحسين منهم فعلى سبيل المثال : ذكر الكفعمي دعاء يقرأوه الشيعة عند زيارتهم الحسين في يوم مقتله -يوم عاشوراء- هو :
"اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية وابن آكلة الأكباد (مراده من آكلة الأكباد : هند بنت عتبة أم معاوية لأنها لاكت كبد حمزة يوم أحد) اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك اللهم العن أبا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية ومروان وآل مروان ..." (المصباح للكفعمي ص 484)
وحكم لعن معاوية عند الشيعة كحكم لعن باقي الصحابة هو : الوجوب
ولا شك أن سب معاوية رضي الله عنه وغيره من الصحابة يعد من الموبقات وقد نقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه ذكر عنده أن قوما يشتمون معاوية فقال : "ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية" ثم قال : إذا رأيت أحد يذكر أصحاب رسول الله صل الله عليه وآله وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام" (الصارم المسلول لابن تيمية ص568)
وقد نص رضي الله عنه على وجوب تعزير من يسبه واستتابته حتى يرجع بالجلد وإن لم ينته حبس حتى يموت أو يراجع وقال : ما أراه على الإسلام وقال : "واتهمه على الإسلام وقال : أجبن عن قتله" وبنحو قوله قال الإمام اسحاق بن راهويه رحمه الله (الصارم المسلول لابن تيمية ص568)
وقال إبراهيم بن ميسرة (الطائفي نزيل مكة روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحوا من ستين حديثا أو أكثر قال فيه سفيان الثوري : -لم تر عيناك والله مثله- "كان من أوثق الناس وأصدقهم" وقد أجمع العلماء على ثقته وعدله وضبطه "الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/133 وتقريب التهذيب لابن حجر 1/172") : ما رأيت عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ضرب إنسانا قط إلا رجلا شتم معاوية فضربه أسواطا" (الاستيعاب لابن عبدالبر 3/403 والصارم المسلول لابن تيمية ص 569)
فشتم معاوية رضي الله عنه وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم لا يجوز وهو من الموبقات كما نص على ذلك سلف هذه الأمة فكيف بمن ينسبه إلى الكفر والزندقة -عياذا بالله تعالى- وقد تقدم من أقوال الشيعة في ذلك هناك أشد من ذلك أيضا مما يندة له الجبين نسأل الله العافية
أما تمسك الشيعة بما وقع بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وبين معاوية فلا ريب أن خصم معاوية أعني أمير المؤمنين خصم كريم ومن درس سيرته لمس ذلك بوضوح وهذا ما أكده الحافظ أبو زرعة الرازي رحمه الله لمن ادعى أنه يبغض معاوية :
فقد روى الحافظ بن عساكر رحمه الله في كتابه "تاريخ دمشق" في ترجمة معاوية رضي الله عنه أن رجلا قال لأبي زرعة الرازي : "إني أبغض معاوية فقال له أبو زرعة : ولم ؟ قال : لأنه قاتل عليا فقال له أبو زرعة : ويحك! إن رب معاوية رب رحيم وخصم معاوية خصم كريم فأيش دخولك أنت بينهما رضي الله عنهما"
ثانياً : ذكر نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه :
ومنها :
1- طعنهم في نسبه : زعم الشيعة أن عمرو بن العاص ابن زنا (الإيضاح للفضل بن شاذان ص 43) وذكروا أن أمهم من أصحاب الرايات في الجاهلية وأنه قد وقع عليها خمسة نفر فأتت بعمرو بن العاص على حد قول بعضهم (الشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية ص53 وانظر عقائد الإمامية للزنجاني 3/66) وفي ذلك يقول محمد جواد مغنية ـ وهو من الشيعة المعاصرين ـ : النابغة أمر عمرو بن العاص كانت بغياً فوقع عليها أبو لهب وأمية بن خلف وهشام بن المغيرة وأبو سفيان بن الحرب والعاص بن وائل فأتت بعمرو وادعاه الأربعة فقالت أمه : هو من العاص ولما قيل لها : لماذا اخترت العاص ؟ قالت : كان ينفق علي وعلى أولادي أكثر منهم وكان عمرو أشبه بأبي سفيان (الشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية ص53)
ولم ينف الشيعة الآخرن هذه الفرية بل أكدوها إلا أنهم زعموا أنه قد وقع عليها ستة نفر لا خمسة فولدت عمراً (الدرجات الرفيعة للشيرازي ص 160)
قال من سمى نفسه عبد الواحد الأنصاري ـ وهو من الشيعة المعاصرين ـ عن عمرو بن العاص : لم يشك أحد من المؤرخين في أنه ولد سفاح اشترك في إخراجه من أعماق أمه ستة نفر : أبو سفيان وأمية بن خلف والعاص بن وائل وهشام بن المغيرة وأبو لهب وخلف الجمحي وادعاه كلهم فحكموا أمه فحكمت فيه للعاص بن وائل فكان ينفق عليها كثيراً وهيهات أن ينجب ابن الزنا وقد ورث هذا المجرم ـ يقصد عمرو بن العاص ـ من آبائه الستة أخس الصفات وأرذل السمات فقد ورث من أبي سفيان الغدر والتهتك ومن أبي لهب الكفر والإلحاد ومن العاص لله ولرسوله ومن شابه أباه فما ظلم (أضواء على خطوط محب الدين للأنصاري ص 81)
وهذه الافتراءات من الشيعة ليس لهم على إثباتها دليل وهي مجرد إفك محض وفرية بينة حملهم عليها حقد عظيم على الصحابة عموماً وعلى سادتهم وكبارهم خصوصاً وقد لحق عمرو من حقدهم وبغضهم من لحق غيره من كبار الصحابة وهو قد مات وانقطع عمله ولكن الله لم يشأ أن يقطع عنه الثواب
وهذه التهمة التي يريد الشيعة جزافاً يحاولون إلصاقها بأكثر الصحابة بل قل ما ذكروا صحابياً إلا حاولوا وصمه بهذه الفرية (من أراد الاطلاع على ذلك فليراجع كتابي : موقف الشيعة الإثني عشرية من الصحابة رضي الله عنهم)  وإذا لم تستح فاصنع ما شئت
2-  نماذج من أقوال الشيعة في عمرو بن العاص :
أطلق الشيعة الإثنا عشرية سيما المعاصرين منهم مجموعة من الألقاب على عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه تحمل في طياتها حقدا يعتمل في صدورهم وسما ينفثونه على هذا الصحابي الجليل
ومن الأقوال الخبيثة التي أطلقوها عليه على سبيل الاتهام له : "العاصي ابن العاصي" (أطلق عليه هذا اللقب : محمد جواد مغنية وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه الشيعة والحاكمون ص 39) "ابن العاهرة" (وصفه بهذه الصفة محمد علي الحسني وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه ظلال التشيع ص 188) "الماكر" (سماه بهذا الاسم محمد علي الحسني وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه في ظلال التشيع ص 212) "الخبيث" (سماه بهذا الاسم إبراهيم الموسوي الزنجاني وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه : عقائد الإمامية الإثني عشرية 3/111) "المنافق" (وصفه بهذه الصفة الكفعمي في كتابه المصباح ص 552) "ممن اشتهر نفاقهم ، وظهر شكهم في الدين وارتيابهم" (قال ذلك المرتضى في كتابه : الشافي في الإمامة ص 240) "المجرم" (أطلق عليه ذلك من سمى نفسه بالأنصاري وهو منالشيعة المعاصرين في كتابه : أضواء على خطوط محب الدين العريضة ص 112) "من شر الأولين والآخرين" (وصفه بهذا الوصف الملقب بالصدوق في كتابه : الخصال 2/457) "يرفض الآخرة ويطلب الدنيا" (وصفه بهذه الصفة محمد علي الحسني وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه : في ظلال التشيع ص 132) "من الذين عادوا النبي وآذوه وكادوا له وكذبوه"(اتهمه بذلك محمد جواد مغنية وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه : الشيعة والحاكمون ص53) إلى آخر ما أوردوه في ذلك من أقوال كثيرة مكذوبة
والقارئ المنصف المتجرد يلاحظ أن هذه الأقوال مجردة عن الدليل فالشيعة لم ينسبوها لأحد حتى ولا لأئمتهم كما جرت العادة عندهم في نسبة الأقوال المكذوبة إليهم ويرجع السبب في ذلك إلى صدور هذه الأقوال عن أناس معاصرين لم يجدوا في الكتب السابقة أقوالاً مكذوبة منسوبة إلى الأئمة تطعن في بعض الصحابة فاقتضت الضرورة أن يدلوا بدلوهم مقلدين سلفهم ومن سبقهم من علمائهم الوضاعين فيخترعوا ما يرونه مناسباً من قصص ملفقة أو تهم مزورة ثم يطلقونها جزافاً على الصحابة بمجموعهم أو بأعيانهم كما حدث في  اتهام الصحابة في أنهم أبناء زنى وفي غير ذلك من الاتهامات
وهذا يرشد القارئ اللبيب إلى أن أمثال هذه المطاعن قد صدرت عن هوى وأغراض شخصية ومن هنا احترز أئمة الجرح التعديل في الرواية عن المبتدعة سيما إذا رووا ما يقوي بدعتهم
والشيعة ـ وخاصة المعاصرون منهم ـ والذي في طعنوا في عمرو بن العاص رضي الله عنه إنما وجهوا هذه المطاعن إلى من فرح رسول الله صل الله عليه وسلم بإسلامه عندما أسلم وأخبر بصدق إسلامه وأثنى عليه بعد ذلك ووصفه بالصلاح :
فقد روى الترمذي وأحمد وغيرهما بأسانيدهم عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : (( أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص )) (قال محقق فضائل الصحابة اسناده صحيح أنظر جامع الترمذي 5/687- مناقب الصحابة باب ومنمناقب عمرو بن العاص وفضائل الصحابة لأحمد 2/912 وأسد الغابة لابن الأثير 4/117)
وهذا القول من رسول الله صل الله عليه وسلم يدل على أن عمراً رضي الله تعالى عنه لما جاء مسلماً جاء مصدقاً بقلبه ولسانه راغباً في العمل الصالح طامعاً في المغفرة من ربه وقد طلب منه رسول الله صل الله عليه وسلمأن يأتيه ذات يوم فلما جاءه قال له : (( يا عمرو : إني أريد أن أبعثك وجهاً فيسلمك الله ويغنمك أرغب لك من المال رغبة صالحة قال : قلت : يا رسول الله صل الله عليه وسلم إني لم أسلم رغبة في المال وإنما أسلمت رغبة في الجهاد والكينونة معك قال : يا عمرو!  نعماً بالمال الصالح للمرء الصالح )) (أخرجه أحم دفي المسند 3/202 وفي الفضائل 2/912 – وقال محققه إسناده صحيح والحاكم في المستدرك 2/2 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي)
وهذا الحديث يدل على إيثار عمرو لما عند الله وعند رسوله صل الله عليه وسلم ويبين أنه رضي الله عنه لم يسلم رغبة في حطام الدنيا الفانية وإنما رغبة في الثواب والأجر من الله وطمعاً في مرضاة الله ورسوله صل الله عليه وسلم وهو يرد على من زعم من الشيعة أن عمراً كان طالباً للدنيا رافضاً للآخرة ولقد أثنى عليه رسول الله صل الله عليه وسلم وعلى أهل بيته فقال فيه : (( إن عمرو بن العاص من صالح قريش )) ( أخرجه الترمذي في جامعه 5/688 ك المناقب باب ومن مناقب عمرو وأحمد في المسند 1/161ةوفي فضائل الصحابة 2/911-912-913 وانظر : مجمع الزوائد للهيثمي 9/354 ) وفيه وفي ابنه عبد الله وفي أم ولده عبد الله قال صل الله عليه وسلم : (( نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله )) (أخرجه الترمذي في جامعه 5/688 ك المناقب باب ومن مناقب عمرو وأحمد في المسند 1/161ةوفي فضائل الصحابة 2/911-912-913 وانظر : مجمع الزوائد للهيثمي 9/354)
فرحم الله الصحابي الجليل عمرو بن العاص ورضي الله عنه وعامل بعدله شانئيه ومبغضيه

ثالثاً : الشيعة يقولون عن خالد بن الوليد رضي الله عنه : إنه سيف الشيطان المشلول :
ينكر الشيعة أن يكون رسو ل الله صل الله عليه وسلم قد وصف خالداً رضي الله عنه بأنه سيف من سيوف الله ويزعمون أن هذه التسمية أتته نم قبل أهل السنة ويقولون : لو أن أهل السنة أنصفوا لسموه سيف الشيطان المشلول :
فهذا مقاتل بن عطية وهو من علمائهم يقول عن خالد : ((إنه سيف الشيطان المشلول)) ويزعم أن أهل السنة لقلة إنصافهم سموه بسيف الله المسلول ثم يذكر سبب تسميتهم له بذلك فيقول : (( حيث أنه كان عدواً لعلي بن أبي طالب ... سماه بعض السنة بسيف الله )) (مؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطية ص 60) وبنحو قول مقاتل هذا قال الحلي ـوهو من علماء الشيعة أيضاًـ (منهاج الكرامة للحلي ص 115)
ويرد عليهم بما يلي :
إن تسمية خالد بن الوليد رضي الله عنه بـ ((سيف الله)) لم تأت من قبل أهل السنة وأول من سماه بذلك رسول الله صل الله عليه وسلم
وكان بدء تسمية الرسول صل الله عليه وسلم له بذلك في غزوة مؤتة في السنة الثامنة من الهجرة (مؤتة قرية بأرض الشام بعث رسول الله صل الله عليه وسلم إليها بعثا سنة ثمان من الهجرة –مغازي عروة بن الزبيرص 204 ومراصد الاطلاع للبغدادي 3/1330-) فقد روى البخاري وغيره بأسانيدهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (( إن النبي صل الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال : أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ بن رواحة فأصيب ـ وعيناه صل الله عليه وسلم تذرفان ـ حتى أخذ ها سيف من سيوف الله عليهم )) وفي رواية : (( حتى أخذها سيف من سيوف الله خالد ... )) (صحيح البخاري 5/103 ك فضائل الصحابة باب مناقب خالد بن الوليد و 5/294 ك المغازي – باب غزوة مؤتة ومسند أحمد 3/113 –117-118 5/299 –300-301 والحديث مروي أيضا عن أبي قتادة الأنصاري وعن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب –أنظر : مسند أحمد ط الحلبي- 5/299 و 300-301 –و ط المعارف – 3/192-194 وانظر : البداية والنهاية لابن كثير 4/251-252 مجمع الزوائد للهيثمي 9/349)
ولقد كرر رسول الله صل الله عليه وسلم إطلاق هذه التسمية على خالد بن الوليد رضي الله عنه في غير ما موضع
فمن ذلك : قوله عليه السلام : (( نعم عبد الله وأخذوا العشيرة خالد بن الوليد وسيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين )) (الحديث مروي عن أبي بكر الصديق وأبي عبيدة بن الجراح وأبي هريرة رضي الله عنهم فحديث أبي بكر أخرجه أحمد في المسند 1/8 وفي فضائل الصحابة 2/ 815 –816 وقال المحقق : إسناده حسن والطبراني في المعجم الكبير 4/120 وابن سعد في الطبقات 7/418 والحاكم في المستدرك 3/298 وانظر : الاستيعاب لابن عبدالبر1/408 والإصابة لابن حجر 1/474 ومجمع الزوائد للهيثمي 9/348 در السحابة للشوكاني ص 433 وحديث أبي عبيدة أخرجه أحمد في مسنده 4/90 بإسناد قال عنه الشوكاني : رجاله رجال الصحيح وانظر : مجمع الزوائد للهيثمي 9/348 ودر السحابة للشوكاني ص 433 – 434 وحديث أبي هريرة أخرجه الترمذي في جامعه وقال : حسن غريب 5/687 ك المناقب باب من مناقب خالد) ولما بلغه صل الله عليه وسلم أن أحد الصحابة تكلم في خالد قال صل الله عليه وسلم : لا تؤذوا خالداً فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار )) (فضائل الصحابة لأحمد 2/815 – 817 وطبقات ابن سعد 7/395 والمعجم الكبير للطبراني 4/121 والمستدرك للحاكم 3/298 وانظر : مجمع الزوائد للهيثمي 9/349 ودر السحابة للشوكاني ص 434) وهذا الحديث حجة على الشيعة الذين يطعنون على خالد ويسبونه ويؤذونه بشتى أنواع الأذى فأهل السنة لم يسموا خالداً بـ (( سيف الله )) ابتداءً بل أول من سماه بذلك رسول الله صل الله عليه وسلم ومن ثم أطلق أهل السنة هذا اللقب على سيف الله اقتداءً برسول الله صل الله عليه وسلم وهناك مطاعن أخرى كثير مكذوبة نسجها الشيعة على منوال هذه المطاعن ووجهوها إلى عدد كبير من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم الأخيار لكن التزامي الإيجاز في هذا الكتاب حال دون إيراد تلك المطاعن
وخلاصة ما تقدم :
أن الشيعة الإثني عشرية سلفهم وخلفهم على عقيدة واحدة في الصحابة رضي الله عنهم من حيث القول بكفرهم وارتدادهم بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم ومن حيث توجيه المطاعن المفتراة إلى ساداتهم وخيارهم :
فقد قالوا بكفر الشيخين : أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكفر عثمان وكفر بقية العشرة المبشرين بالجنة -عدا علي-
ولم يكتفوا بهذا بل نسبوا الصديقة بن الصديق عائشة إلى الفاحشة وأنكروا أن تكون آيات البراءة قد نزلت في شأنها
واتهموا بقية الصحابة وطعنوا في صدق إيمانهم واستطالوا على أعراضهم وزعموا أن بعضهم من أبناء الزنا ومن يطالع كتبهم ويطلع على ما كتبوه في ذلك يجد العجب العجاب
ولا ريب أن أئمة أهل البيت الطيبين الطاهرين بريؤون كل البراءة من كل ما ألصقه بهم الشيعة الإثنا عشرية من أكاذيب وترهات زعموا أنها صدرت منهم في حق صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم وهم يحبون الصحابة ويحترمونهم وينزلونهم المنزلة التي أنزلهم الله تعالى إياها ورسوله صل الله عليه وسلم
وينبغي على الشيعة علمائهم وعوامهم -إن كانوا يحبون أهل البيت- أن يحبوا صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم الذين كان يحبهم النبي صل الله عليه وسلم ويحبهم أهل بيته الطيبون الطاهرون رحمه الله ورضي عنهم أجمعين فإنما تعلم المحبة بالاتباع
قال الشاعر :  لو كان حبُك صادقاً لأطعته إن المحب لمن أحب مطيــع 
وفي الختام : أنقل إلى كل شيعي غرر به وهو في باطنه محب لأهل بيت نبيه
صل الله عليه وسلم نصيحة صادقة خاطب الإمام الشوكاني رحمه الله من خلالها العقول بعد ما نقل إجماع أهل البيت من اثني عشر طريقاً على تحريم سب الصحابة رضي الله تعالى عنهم وتحريم التكفير والتفسيق لأحد منهم يقول فيها رحمه الله : (( فيا من أفسد دينه بذم خير القرون وفعل بنفسه ما لا يفعله المجنون! إن قلت : اقتديت في سبهم بالكتاب العزيز كذبت في هذه الدعوى من كان له في معرفة القرآن أدنى تبريز إنه مصرح لأن الله ـ جل جلاله قد رضي عنهم ومشحون بمناقبهم ومحاسن أفعالهم ومرشد إلى الدعاء لهم وإن قلت : اقتديت بسنة رسول الله صل الله عليه وسلم المطهرة قام في وجه دعواك الباطلة ما في كتب السنة الصحيحة من مؤلفات أهل البيت وغيرهم من النصوص المصرحة بالنهي عن سبهم وعن أذية رسول الله صل الله عليه وسلم بذلك وأنهم خير القرون وأنهم من أهل الجنة وأن رسول الله صل الله عليه وسلم مات وهو راض عنهم وما في طي تلك الدفاتر الحديثية من ذكر مناقبهم الجمة كجهادهم بين يدي رسول الله صل الله عليه وسلم وبيعهم نفوسهم وأموالهم من الله ومفارقتهم الأهل والأوطان والأحباب والأخدان طلباً للدين وفراراً من مساكنة الجاحدين وكم يعد العاد من هذه المناقب التي لا تتسع له إلا مجلدات . ومن نظر في كتب السير والحديث عرف من ذلك ما لا يحيط به الحصر وإن قلت أيها الساب لخير هذه الأمة من الأصحاب : إنك اقتديت بأئمة أهل البيت في هذه القضية الفظيعة ، فقد حكينا لك في هذه الرسالة إجماعهم على خلاف ما أنت عليه من تلك الطرق ... (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صل الله عليه وسلم ق 4 /ب) إلى آخر ما قال رحمه الله  في ذلك المصنف القيم

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه جواد كريم وصل الله وسلم وبارك عل سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أفضل الصلاة وأتم التسليم والحمد لله رب العالمين
27 من ذو القعدة سنة 1410 هجرية

ليست هناك تعليقات