السلطان مانسا موسى الأغني فى التاريخ
يعتبر السلطان مانسا موسى (1280-1337 م) الذي حكم إمبراطورية مالي الإسلامية من سنة 1312 م حتى وفاته من أغنى أغنياء العالم على مر العصور وقد جاء في المركز الأول ضمن قائمة "أغنى 25 شخص عبر التاريخ" التي أعدها ونشرها موقع "Celebrity Net Worth" بثروة بلغت 400 مليار دولار أميركي
كان مانسا موسى رجلاً ورعا وعادلا يهابه الأعداء ولا يتوانى عن فعل الخير أينما كان
كما كان من أعظم ملوك إمبراطورية مالي بل والإسلام
وفي عهده ازدهرت جامعة سانكوري كمركز للعلم في إفريقيا وقام بتوسيع دولته لتضم مناجم الذهب في غرب إفريقيا كما صارت عاصمته تمبكتو محط القوافل التجارية عبر الصحراء بالشمال
كان الحدث الأبرز في سنة 724 هـ/1324 م عندما قرر مانسا موسى الخروج في رحلة للحج إلى مكة المكرمة مقتديا بملوك مالي الذين سبقوه ويقال إن السبب المباشر لهذا الحج هو أنه قتل أمه عن طريق الخطأ فأسف لذلك أشد الأسف وخاف عقاب الله فتصدق بأموال كثيرة وعزم على صوم الدهر كله
ويقال أنه سأل بعض علماء المسلمين عما يفعله كي يغفر الله له فنصحوه بالحج وزيارة قبر الرسول صل الله عليه وسلم والإستشفاع به عند الله سبحانه وتعالى
تذكر المصادر أن موكب حج مانسا موسى تكون مما لا يقل عن ستين ألف جندي سار أمامه خمسمائة عبد يحمل كل واحد منهم عصا من الذهب الخالص تزن كل عصا خمسمائة مثقال ويقال إنه قدم معه أربعة عشر ألف جارية يقمن بخدمته كما اشتمل موكبه على كل وسائل الراحة فصحبه الطباخون الماهرون الذين كانوا يعدون وجبات الطعام للملك وأتباعه وضيوفه في أي مكان يتوقف به
كما حمل مانسا موسى معه من بلاده للإنفاق على الرحلة مائة جمل من التبر أي من الذهب في كل جمل ثلاث قناطير
وربما تكون هناك بعض المبالغات في تقدير كمية الذهب التي كان يحملها السلطان موسى وكذلك مبالغات في ضخامة الموكب لكن ذلك يلقي ضوءا على أنه كان فعلا كثير الثراء والفخامة
توقفت القافلة بمصر وهناك حضي مانسا موسى بترحيب كبير واستقبله المماليك في القاهرة بحفاوة بالغة وكان ذالك أيام السلطان الناصر محمد بن قلاوون
ومن جانبه تصدق مانسا موسى بالكثير من الذهب وأهدى إلى الناصر هدية حفيلة يقال أنّ فيها خمسين ألف دينار والطريف في الأمر أن مانسا اضطر بعد ذالك إلى الإقتراض فاستدان على ذمته من تجار مصر بما لهم عليه من المكاسب الكثيرة بحيث يحصل لكل واحد منهم في كل ثلاثمائة دينار سبعمائة دينار ربح
وقد خلص الباحثون إلى أن سعر الذهب قد شهد تراجعاً في العالم إثر رحلة الحج تلك لكثرة ما وزع من ذهب على طول الرحلة وبعدها دخل اقتصاد العالم أجمع في حالة تضخم سريع لعشرين سنة متتالية بسبب ذهب تلك الرحلة كما استفاد التجار المصريون من القافلة وباعوا لها السلع بأضعاف السعر العادي
وبعد ثمانية أشهر وهي طول مدة الرحلة وصل مانسا موسى ومن معه إلى مكة وفي بلاد الحرمين كانت القافلة محور حديث العامة وحازت اهتمام الكثير من الناس الذين اصطفوا في الطرقات لمجرد الحصول على نظرة لحاشية الملك
وقام مانسا موسى بتأدية مناسك الحج ليعود بعدها من جديد إلى إمبراطوريته وقد اصطحب معه في طريق عودته المهندسين والمعماريين الذين ساعدوا على إقامة نهضة حضارية ومعمارية في غرب إفريقيا
ومن هؤلاء أبو إسحاق إبراهيم الساحلي وكان شاعرا ومهندسا معماريا أندلسيا مقيما بمكة وهو الذي صمم وشيد مسجد تمبكتو الشهير
وفي سنة 1337 م توفي مانسا موسى بعد أن حكم بلاده 25 سنة متواصلة تاركا إمبراطورية واسعة الأرجاء مستقرة الأحوال وحديثا ذائع الصيت عن موكب حجه وذهب بلاده
#التاريخ_الإسلامي
ليست هناك تعليقات