موسوعة الرد على الشيعة الجزء الحادى عشر أحداث تاريخية (أكاذيب و ردود 3)


معركة صفين سنة 37

كان معاوية قد امتنع عن الـمبايعة لعلي حتى يتم القصاص لعثمان فلـما انتهى علي رضى الله عنه من أهل الجمل
قال : لابد أن يبايع معاوية الآن وجهز الجيش لـمقاتلة معاوية أو يبايع
فخرج علي بجيش قوامه مئة ألف إلى صفين في الشام
فلـما سمع معاوية بخروج علي إلى قتاله صعد الـمنبر
وقال : إن عليا نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي؟
فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم فقام ذو الكلاع الحميري فقال :
عليك الرأي وعلينا الفعال والناس سكوت

وصعد علي رضي الله عنه الـمنبر فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
إن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام فما الرأي؟
فأضب أهل الـمسجد يقولون يا أمير الـمؤمنين الرأي كذا الرأي كذا
(« تاريخ الإسلام » ص 540)
 فلم يفهم علي كلامهم من كثرة من تكلم وكثر اللغط فنزل وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون
(أبو داود ح 4666)

فذاك حال أهل الشام وهذا حال أهل العراق
فأهل الشام كانوا أهل طاعة وأهل جلد
وأهل العراق كانوا أهل فوضى كما سيأتي
وهم الذين بعد ذلك قاتلوا عليا وقتلوه رضي الله تبارك وتعالى عنه

وصل علي رضي الله عنه إلى صفين سنة سبع وثلاثين من الهجرة وذلك في صفر
وكان قتال علي رضي الله عنه في صفين والجمل عن رأي رآه واجتهاد تبناه

فقد أخرج أبو داود في سننه عن قيس بن عباد
قال : قلت لعلي رضي الله عنه :
أخبرنا عن مسيرك هذا أعهد عهده إليك رسول الله صل الله عليه وسلم أم رأي رأيته؟
قال : ماعهد إلي رسول الله شيئا ولكنه رأي رأيته

هل نازع معاوية على الخلافة؟
عن أبي مسلم الخولاني أنه دخل على معاوية فقال له : أنت تنازع عليا أأنت مثله؟
فقال معاوية :
لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل وأحق بالأمر ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما؟
وأنا ابن عمه وأنا أطلب بدمه فأتوا عليا فقولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان وأسلم له الأمور
فأتوا عليا فكلموه فأبى عليهم ولم يدفع القتلة
( تاريخ الإسلام (ص540) وسنده صحيح)

فمعاوية لم يقل إنه خليفة ولم ينازع عليا الخلافة أبدا ولذلك لـما تنازعا كما سيأتي
وصار التحكيم وكتب هذا ما عاهد عليه علي أمير الـمؤمنين معاوية بن أبي سفيان
قال : لا تكتب أمير الـمؤمنين لو بايعتك على أنك أمير الـمؤمنين ما قاتلتك ولكن اسمك واسمي فقط ثم التفت إلى الكاتب
وقال : اكتب اسمه قبل اسمي لفضله وسابقته في الإسلام
( البداية والنهاية 7/288)

ولم يكن القتال بين علي ومعاوية قتالا بين خليفة وخليفة أبدا ولكن القتال سببه أن عليا يريد أن يعزل معاوية ومعاوية رافض للعزل حتى يقتل قتلة ابن عمه أو يسلمون إليه فلم يكن الـموضوع الخلافة كما يشاع
وكان عدد جيش علي مئة ألف وكان عدد جيش معاوية سبعين ألفا
وقتل عمار بن ياسر وكان في جيش علي وكان النبي 
صل الله عليه وسلم قد قال لعمار :
« يا عمار ستقتلك الفئة الباغية »
(متفق عليه)

قيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
حديث « تقتلك الفئة الباغية؟ »
قال : لا أتكلم فيه تركه أسلم كما قال رسول الله 
صل الله عليه وسلم : قتلته الفئة الباغية
وسكت
(« السنة » للخلال (ص 463 ر قم 722)

مع من كان الحق؟
قال ابن حجر رحمه الله :
« ذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي وقد ثبت أن من قاتل عليا كانوا بغاة
ومع هذا التصويب فهم متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء بل يقولون : اجتهدوا فأخطئوا »
( فتح الباري 13/72)
وقال :
« اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع منهم ولو عرف الـمحق منهم لأنهم لم يقاتلوا إلا عن اجتهاد »
( فتح الباري 13/37)

وقال الطبري في تقوية مذهب من ناصر عليا رضي الله عنه :
« لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين الـمسلمين الهروب منه بلزوم الـمنازل لـما أقيم حد ولا أبطل باطل ولوجد أهل الفسوق سبيلا إلى ارتكاب الـمحرمات »
( فتح الباري 13/37)

قلت : هذا كلام صحيح إذا تبين الأمر
ولكن إذا كانت الأمور مشتبهة لزم الابتعاد
فلذلك تخلف الكثير عن الـمشاركة في هذه الـمعركة

إذن : فالذي يجب أن نعتقده أن طلحة والزبير وعائشة ومن معهم وكذلك عليا ومن معه إنما قاتلوا عن اجتهاد والأمر كان فتنة
ومعركة الجمل بالذات لم تكن عن استعداد لقتال ولم يكونوا يريدون القتال
ونقل ابن حزم وابن تيمية عن الجمهور الامتناع عن الكلام في هذه الـمسألة

قال ابن تيمية رحمه الله :
إن قال قائل : إن عليا بدأهم القتال؟
قيل له : وهم أولا امتنعوا عن طاعته ومبايعته وجعلوه ظالـما مشاركا في دم عثمان وقبلوا عليه شهادة الزور
( منهاج السنة 4/410)

قلت : أشيع عند أهل الشام أن عليا رضي بقتل عثمان
وراجت هذه الإشاعة عند أهل الشام لأربعة أمور :
1- عدم قتل قتلة عثمان
2- معركة الجمل
3- ترك الـمدينة والسكن بالكوفة والكوفة هي معقل قتلة عثمان
4- أن في جيش علي من هو متهم بقتل عثمان

لهذه الأمور الأربعة وقع الشك عند أهل الشام (عند الجهلة منهم) أن لعلي يدا في قتل عثمان رضي الله عنهما وليس لعلي يد بل كان يلعن قتلة عثمان
فإن قيل : هذا وحده لم يبح له قتالهم
قيل : إنه ما كان يجوز لهم أن يقاتلوا عليا رضي الله عنه لكونه عاجزا عن قتل قتلة عثمان بل لو كان قادرا على قتل قتلة عثمان وتركه إما متأولا أو مذنبا لم يكن ذلك موجبا لتفريق الجماعة والامتناع عن بيعته بل كانت مبايعته على كل حال أصلح في الدين وأنفع للمسلمين
( منهاج السنة 4/411)

من من الصحابة شهد تلك الـمعارك؟

الصحابة الذين شهدوا « الجمل » أو « صفين » هم :
علي بن ابى طالب والزبير بن العوام و طلحة بن عبيد الله و عبدالله ابن الزبير والحسن بن على الحسين بن على وعمار بن ياسر وعبدالله ابن عباس ومعاوية بن ابى سفيان وعمرو بن العاص وقيس بن سعد والقعقاع ابن عمرو وجرير بن عبد الله وخزيمة بن ثابت وأبو قتادة وأبو الهيثم بن التيهان وسهل بن سعد وجابر بن عبد الله وعبد الله بن جعفر وعدي بن حاتم والأشعث بن قيس وجارية بن قدامة وفضالة بن عبيد والنعمان بن بشير وأم المؤمنين عائشة

والذين امتنعوا ولم يشاركوا هم :
سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وأسامة بن زيد وأبو هريرة وزيد بن ثابت وعمران بن حصين وأنس بن مالك وأبو بكرة الثقفي والأحنف بن قيس وأبو أيوب الأنصاري وأبو موسى الأشعري وأبو مسعود الأنصاري والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص وعبد الله بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبو برزة الأسلمي وأهبان بن صيفي وسلمة بن الأكوع
بل جل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم

قصة التحكيم :
وانتهت معركة صفين بالتحكيم
أي : توقفوا عن القتال بأن رفعت الـمصاحف على الرماح ورضي علي رضي الله عنه بالتحكيم ورجع إلى الكوفة
ورجع معاوية إلى الشام
على أن يكون التحكيم في رمضان
وأرسل علي أبا موسى الأشعري
وأرسل معاوية عمرو بن العاص

وقصة التحكيم الـمشهورة هي :
أن عمرو بن العاص اتفق مع أبي موسى الأشعري على عزل علي ومعاوية
فصعد أبو موسى الأشعري الـمنبر وقال :
أنا أنزع عليا من الخلافة كما أنزع خاتمي هذا ثم نزع خاتمه
وقام عمرو بن العاص وقال :
وأنا أنزع عليا كذلك كما نزعه أبو موسى وكما أنزع خاتمي هذا وأثبت معاوية كما أثبت خاتمي هذا

فكثر اللغط وخرج أبو موسى غاضبا ورجع إلى مكة ولم يذهب إلى علي في الكوفة
ورجع عمرو بن العاص إلى الشام
(« تاريخ الطبري » (4/51) و « الكامل في التاريخ » (3/168)
هذه القصة مزورة مكذوبة بطلها أبو مخنف الذي ذكرناه أكثر من مرة

والقصة الصحيحة كما رواها أهل الـحق :
وهي أن عمرو بن العاص التقى مع أبي موسى الأشعري فقال : ما ترى في هذا الأمر؟
قال أبو موسى : أرى أنه من النفر الذين توفي رسول الله 
صل الله عليه وسلم وهو راض عنهم (أي علي)
فقال عمر وبن العاص : فأين تجعلني أنا ومعاوية؟
قال أبو موسى : إن يستعن بكما ففيكما الـمعونة وإن يستغن عنكما فطالـما استغنى أمر الله عنكما
ثم انتهى الأمر على هذا
فرجع عمرو بن العاص إلى معاوية بهذا الخبر ورجع أبو موسى إلى علي به
« مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري »
وقد عزاه إلى « التاريخ الكبير » (5/398)
وانظر « تاريخ دمشق » (46/175)

والرواية الأولى لاشك أنها باطلة لثلاثة أمور :
أولا : السند ضعيف فيه أبو مخنف الكذاب
ثانيا : خليفة الـمسلمين لا يعزله أبو موسى الأشعري ولا غيره إذ لا يعزل عند أهل السنة بهذه السهولة
فكيف يتفق رجلان على عزل أمير الـمؤمنين
هذا كلام غير صحيح والذي وقع في التحكيم هو أنهما اتفقا على أن يبقى علي في الكوفة وهو خليفة الـمسلمين وأن يبقى معاوية في الشام أميرا عليها وأن تتوقف الحرب بينهما
ثالثا : الرواية الصحيحة التي ذكرناها


سبب الخلاف بين الصحابة

سبب الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم
الـمشهور :
أن طلحة والزبير وعائشة خرجوا للانتقام لعثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه وعنهم
أما معاوية : فإن عليا لـما أخذ الخلافة عزل بعض الولاة الذين ولاهم عثمان وهم خالد بن سعيد بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان فلـما بلغ العزل معاوية رضي الله عنه رفض العزل
وقال : ممن أعزل؟
قالوا : من علي
قال : وأين قتلة ابن عمي؟ أين قتلة عثمان؟
قالوا له : بايع ثم طالب بقتلة عثمان
قال : لا بل يسلمني قتلة عثمان ثم أبايعه
وذلك أن معاوية كان يرى أنه على قوة في الشام وأنه لن يفرط بهذه القوة التي تؤهله للانتقام من قتلة عثمان
فقال : لا أبايع حتى يقتل قتلة عثمان
وعلي يقول تبايع ثم ينظر في قتلة عثمان
فالاختلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما هو في أيهما قبل :
علي يرى أن الأولى أن يبايع ثم بعد ذلك ينظر في أمر قتلة عثمان عندما تهدأ الأمور ويستتب الأمن
ومعاوية كان يرى العكس إذ كان يرى أن أول شيء يجب عليهم أن يفعلوه هو قتل قتلة عثمان بعد ذلك النظر في موضوع الخلافة

فالخلاف بين علي ومعاوية هو خلاف أولويات وكان رأي طلحة والزبير من رأي معاوية وهو الإسراع بقتل قتلة عثمان مع أن الفرق بين طلحة والزبير من جهة ومعاوية من جهة أخرى أن طلحة والزبير بايعا ومعاوية لم يبايع بعد

موقف الصحابة من تلك الـمعارك :

اختلف الصحابة على ثلاث طوائف :
الطائفة الأولى :
طلحة والزبير وعائشة ومعاوية
ترى هذه الطائفة أنه يجب التعجيل بقتل قتلة عثمان

الطائفة الثانية :
علي ومن معه
ترى هذه الطائفة أن أول شيء يجب أن يكون ويحسم هو أمر الخلافة وتأجيل النظر في موضوع قتلة عثمان

الطائفة الثالثة :
ويمثلها سعد بن ابى وقاص وعبدالله بن عمر وأبو هريرة ومحمد بن مسلمة والأحنف بن قيس وأسامة بن زيد وأبو بكرة الثقفي وجل الصحابة
ترى هذه الطائفة اعتزال الجميع

وسبب هذه الاختلافات :
أن الأمور كانت مشتبهة والوقت كان وقت فتنة ولذلك لم يستطع أحد أن يتدبر ذلك الأمر ويتبين حقيقته بوضوح
(ولنا في غزو الكويت في التاريخ الحديث شاهد قريب على اختلاف الآراء واضطراب الأمر في فتنة أودت بالكثير من الحكماء بل الناس العاديين)

قال الحافظ ابن حجر :
« إن الطبري أخرج بسند صحيح عن الأحنف بن قيس رضي الله عنه قال :
لقيت طلحة والزبير بعد حصر عثمان
فقلت : ما تأمراني فإني أراه مقتولا؟
قالا : عليك بعلي
ولقيت عائشة بعد قتل عثمان في مكة
فقلت : ما تأمريني؟
قالت : عليك بعلي

ولـما خرج هؤلاء الصحابة إلى معركة الجمل لقيهم الأحنف فقال لهم :
والله لا أقاتلكم ومعكم أم الـمؤمنين ولا أقاتل رجلا أمرتموني ببيعته
( فتح الباري (13/38) وانظر « تاريخ الطبري »)

والذي يظهر من هذه الرواية أن (طلحة والزبير وعائشة) ما كانوا ينقمون على (علي ) الخلافة أبدا إذ هم بايعوه على الخلافة وأمروا (الأحنف) بمبايعته وكل ما في الأمر أنهم اجتهدوا في معرفة ما يجب أن يقوموا به أولا
وقد مر بنا قول رسول الله 
صل الله عليه وسلم لعلي :
يا علي إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر فارفق بها
قال علي : فأنا أشقاهم يا رسول الله
فقال رسول الله 
صل الله عليه وسلم :
لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها
(رواه أحمد (6/393) وقال الحافظ في « الفتح » (13/0 6) سنده حسن)

موقف أهل السنة من عبد الرحمن بن ملجم وقتلة عثمان وقاتل الزبير وقتلة الـحسين وأمثالهم :

قال الإمام الذهبي :
« ابن ملجم عندنا ممن نرجو له النار ونجوز أن الله يتجاوز عنه وحكمه هو حكم قاتل عثمان وقاتل الزبير وقاتل طلحة وقاتل سعيد بن جبير وقاتل عمار وقاتل خارجة وقاتل الحسين
فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله ونكل أمورهم إلى الله تبارك وتعالى »
( تاريخ الإسلام 645)

* أين الـحق فيما وقع بين الصحابة؟
قال رسول الله 
صل الله عليه وسلم عن عمار :
« تقتله الفئة الباغية »
وقال عن الخوارج :
« يخرجون على حين اختلاف بين الـمسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق »
فالحديثان صريحان في أن الحق كان أقرب إلى علي رضي الله عنه
وفي رواية : « أقرب الطائفتين إلى الحق »

فالحديثان ينصان على أن عليا كان أقرب للحق من مخالفيه في الجمل وكذلك في صفين ولكن لم يصب الحق كله لأن الرسول 
صل الله عليه وسلم قال (الأقرب إلى الحق) (الأولى بالحق) لا أنه على الحق كله
وليس هذا طعنا في علي رضي الله عنه ولكن لبيان أن الذين امتنعوا عن الـمشاركة في الفتنة هم الذين كانوا على الحق كله
فالسلامة لعلي رضي الله عنه كانت في الإمساك عن القتال ولذلك ندم علي لـما رأى طلحة قتيلا وقال :
« ليتني مت قبل عشرين سنة »
(سبق تخريجه في معركة الجمل)

ولـما جاء الحسن بن علي رضي الله عنه بعد صفين وكلم عليا بالذي حدث قال :
« والله ما ظننت أن الأمر يصل إلى ذلك »
(مصنف ابن أبي شيبة باب ما جاء في صفين)

وندموا كلهم على الـمشاركة في تلك الـمعارك
ولقد أثنى النبي 
صل الله عليه وسلم على الحسن وقال :
« إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين طائفتين من الـمسلمين »
( البخاري 3746)
فأثنى عليه للصلح ولم يثن على علي لأنه قاتلهم
والثناء على علي كان لقتاله أهل « النهروان » فقد أصاب الحق كله في قتاله للخوارج ولذلك لم يحزن أحد على قتلهم بل فرح الـمسلمون بقتل أهل النهروان
وعلي سجد لله شكرا لـما قتل أهل النهروان ولكنه بكى لـما قاتل أهل الجمل وحزن لـما قاتل أهل صفين



تنازل الحسن لمعاوية

بعد مقتل علي رضي الله عنه وأرضاه بايع أهل الكوفة الحسن بن علي وخرج بعد أن عقدت له البيعة من الكوفة إلى الشام لأنهم إلى الآن لم ينزلوا على طاعة أمير الـمؤمنين علي بن أبي طالب

ثم خرج الحسن بن علي وفي نيته الصلح وكان لا يحب القتال بل إن الحسن كان معارضا لخروج علي بن أبي طالب لقتال أهل الشام
( مصنف عبد الرزاق 5/462)

وكان من علامات إرادته للصلح أنه عزل قيس بن سعد بن عبادة عن القيادة وجعل القيادة بيد عبد الله بن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما

فعن الحسن البصري قال :
لـما سار الحسن بن علي رضي الله عنه إلى معاوية بالكتائب
قال عمرو بن العاص لـمعاوية :
أرى كتيبة لا تولي حتى تدبر آخرها

قال الحسن البصري :
ولقد سمعت أبا بكرة يقول :
بينما رسول الله 
صل الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن فقال النبي صل الله عليه وسلم :
« ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من الـمسلمين»
(البخاري حديث 3746)

وعن الزهري قال :
أرسل معاوية إلى الحسن سجلا قد ختم في أسفله اكتب فيه ما تريد فهو لك
فقال عمرو بن العاص :
بل نقاتله
فقال معاوية : (قال الزهري : وكان خير الرجلين)
على رسلك يا أبا عبد الله فإنك لا تخلص من قتل هؤلاء حتى يقتل عددهم من أهل الشام فما خير الحياة بعد ذلك؟
وإني والله لا أقاتل حتى لا أجد من القتال بدا

والتقى معاوية بالحسن بعد ذلك وتنازل الحسن بن علي رضي الله عنه لـمعاوية بالخلافة فأصبح معاوية أميرا للمؤمنين وسمي هذا العام عام الجماعة

وكان حكم الحسن لـمدة ستة أشهر



وفاة الحسن رضي الله عنه

توفي الحسن بن علي رضي الله عنه خلال فترة حكم معاوية سنة 49 هـ

قال عمير بن إسحق :
دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي نعوده
فقال لصاحبي : يا فلان سلني؟
قال : ما أنا بسائلك شيئا
ثم قام من عندنا فدخل كنيفا له ثم خرج
فقال : أي فلان سلني قبل أن لا تسألني فإني والله قد لفظت طائفة من كبدي قبل قلبتها بعود كان معي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا فسلني
فقال : ما أنا بسائلك شيئا يعافيك الله إن شاء الله

ثم خرجنا فلـما كان الغد أتيته وهو يسوق
فجاء الحسين فقعد عند رأسه فقال : أي أخي :
أنبئني من سقاك
قال : لم؟ أتقتله؟
قال : نعم
قال : ما أنا بمحدثك شيئا إن يك صاحبي الذي أظن فالله أشد نقمة وإلا فوالله لا يقتل بي بريء
(الطبقات الكبرى ص 335 رقم 294 )

وقيل : أن التي سقته السم زوجته جعدة بنت الأشعث ولكنه لم يثبت
قال الذهبي :
« هذا شيء لا يصح فمن الذي اطلع عليه »
( تاريخ الإسلام عهد معاوية (ص 40)

وقال ابن كثير :
« وعندي أن هذا ليس بصحيح »
( البداية والنهاية 8/44)

ليست هناك تعليقات