موسوعة الرد على الشيعة الجزء الحادى عشر أحداث تاريخية (موقف أهل السنة والـجماعة من بيعة يزيد بن معاوية)


موقف أهل السنة والـجماعة من بيعة يزيد بن معاوية

أهل السنة والجماعة يقولون :

إن البيعة صحيحة و لكنهم عابوا هذه البيعة لأمرين اثنين :
الأول :
إن هذه بدعة جديدة وهي أنه جعل الخلافة في ولده فكأنها صارت وراثة بعد أن كانت شورى وتنصيصا على غير القريب فكيف قريب وابن مباشر
فمن هذا الـمنطلق رفض الـمبدأ بغض النظر عن الشخص فهم رفضوا مبدأ أن يكون الأمر وراثة

الثاني :

أنه كان هناك من هم أولى من « يزيد » بالخلافة كابن عمر وابن الزبير وابن عباس والحسين وغيرهم كثير

قال ابن العربي :

إن معاوية ترك الأفضل في أن يجعلها شورى وأن لا يخص فيها أحدا من قرابته فكيف ولدا؟!
وإنه عقد البيعة لابنه وبايعه الناس فانعقدت شرعا
( العواصم من القواصم ص 228)

أما من وجهة نظر الشيعة فإنهم يرون الإمامة والخلافة في علي وأبنائه فقط فهم لا يعيبون بيعة « يزيد » بذاتها وإنما يعيبون كل بيعة لا تكون لعلي وأولاده وعلى هذا الأساس فهم يعيبون بيعة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية كلها بغض النظر عن الـمبايع له
لأنهم يرون أنها نص لعلي وأبنائه إلى أن تقوم الساعة

هل كان يزيد أهلا للخلافة أو لا؟
ذكر ابن كثير :
قصة عبد الله بن مطيع وأصحابه وأنهم مشوا إلى محمد بن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب أخو الحسن والحسين من أبيهما فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم
قال ابن مطيع : إن يزيد بن معاوية يشرب الخمر ويترك الصلاة
فقال محمد : ما رأيت منه ما تذكرون وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبا على الصلاة متحريا للخير يسأل عن الفقه ملازما للسنة
قالوا : إن ذلك كان منه تصنعا لك
قال محمد بن الحنفية : ما الذي خافه مني أو رجاه؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟
فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه وإن لم يطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا
قالوا : إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه
قال محمد بن الحنفية : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ثم قرأ عليهم قول الحق تبارك وتعالى :
[إلا من شهد بالحق وهم يعلمون]
{الزخرف : 86}

( البداية والنهاية 8/236)

وكذا ما نقل عن يزيد أنه قال بعد مقتل الحسين :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القرن من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل
ولعت هاشم بالـملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
( نقله الطبري في « تاريخه في أحداث سنة 284)
فهذا أيضا لم يثبت عنه

فالفسق الذي نسب إلى يزيد في شخصه كشرب خمر أو ملاعبة قردة أو فحش أو ما شابه ذلك لم يثبت عنه بسند صحيح فهذا لا نصدقه والأصل السلامة ونقول علمه عند ربي سبحانه وتعالى ولكن ظاهر رواية محمد بن الحنفية أنه لم يكن فيه شيء من ذلك فالعلم عند الله تبارك وتعالى في حال يزيد وهذا لا يهمنا فهو بينه وبين ربه تبارك وتعالى

ولو فرضنا أن الأمر كان كذلك فإن كون الإمام فاسقا لا يعني أنه يجب الخروج عليه بهذه الصورة التي حدثت كما سيأتي

موقف أهل السنة والـجماعة من يزيد بن معاوية

موقف يزيد من قتل الـحسين :
لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين وليس هذا دفاعا عن يزيد ولكنه دفاع عن الحق وقد بينا ذلك فيما مضى من قتل الحسين

أرسل يزيد عبيد الله بن زياد ليحول بين الحسين والوصول إلى الكوفة ولم يأمره بقتله
بل الحسين نفسه كان حسن الظن بيزيد حين قال :
« دعوني أذهب إلى يزيد فأضع يدي في يده »

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
« إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق ولـما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريما بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم

أما الروايات التي فيها أنه أهين نساء آل بيت رسول الله صل الله عليه وسلم وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأهن هناك
هذا كله كلام باطل بل
كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لـما تزوج الحجاج بن يوسف فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الـملك بن مروان هذا الأمر وأمر الحجاج أن يعتزلها ويطلقها
فهم كانوا يعظمون بني هاشم بل لم تسب هاشمية قط »
( منهاج السنة 4/557-559)

فالهاشميات كن عزيزات مكرمات في ذلك الزمن فالكلام الذي يقال عن يزيد أنه سبى نساء أهل بيت رسول الله 
صل الله عليه وسلم باطل مكذوب

وما ذكر أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد فهذا أيضا لم يثبت بل إن رأس الحسين بقي عند عبيد الله في الكوفة ودفن الحسين ولا يعلم قبره ولكن الـمشهور أنه دفن في كربلاء حيث قتل رضي الله تبارك وتعالى عنه

الـموقف الوسط في يزيد :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
« الناس في يزيد طرفان ووسط :
الطائفة الأولى :
تتعصب له وتحبه بل تدعي فيه النبوة والعصمة
الطائفة الثانية :
 تتعصب عليه وتبغضه بل تكفره وترى أنه كان منافقا يظهر الإسلام ويبطن النفاق ويكره الرسول 
صل الله عليه وسلم
وتنسب إليه - لـما قتل الحسين أو أوقع في أهل الحرة ما أوقع- من الشعر :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القرن من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل
وأنه قال :
لـما بدت تلك الحمول وأشرفت تلك الرءوس على ربى جيرون
نعق الغراب فقلت نح أو لا تنح فلقد قضيت من النبي ديوني

ثم قال : « وكلا القولين باطل فإن الرجل ملك من ملوك الـمسلمين وخليفة من الخلفاء الـملوك لا هذا ولا هذا
وأما مقتل الحسين رضي الله عنه فلا ريب أنه قتل مظلوما شهيدا كما قتل أشباهه من الـمظلومين الشهداء وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك وهو مصيبة أصيب بها الـمسلمون من أهله وغير أهله وهو في حقه شهادة له ورفع درجة وعلو منزلة »
( مختصر منهاج السنة 1/346)

النهي عن لعن يزيد :
ولعل من أهم الأمور التي وقعت في زمن يزيد
« وقعة الحرة »
(وذلك لـما خرج أهل الـمدينة على يزيد فاستباح الـمدينة ثلاثة أيام)
وقتال عبد الله بن الزبير وقتل الحسين بن علي
وبسببها هناك من يجوز لعن يزيد بن معاوية وهناك من يمنع
والذي يجوز لعن يزيد يحتاج أن يثبت ثلاثة أمور :
الأمر الأول : أن يثبت أنه كان فاسقا
الأمر الثاني : أن يثبت أنه لم يتب من ذلك الفس فإن الكافر إذا تاب تاب الله عليه فكيف الفاسق؟
الأمر الثالث : أن يثبت جواز لعن الـمعين
ولا يجوز لعن الـميت الـمعين الذي لم يلعنه الله ولا رسوله لأنه قد ثبت عن النبي 
صل الله عليه وسلم أنه قال :
« لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا »
( البخاري حديث (1393)

ودين الله لم يقم على السب وإنما قام على مكارم الأخلاق فالسب ليس من دين الله تبارك وتعالى في شيء بل قال الرسول 
صل الله عليه وسلم :
«سباب الـمسلم فسوق وقتاله كفر »
(متفق عليه)

فسباب الـمسلم فسوق ولم يقل أحد أن يزيد خارج من ملة الإسلام بل أكثر ما قيل فيه : إنه فاسق
وهذا كما قلنا مبني على ثبوت ما ذكروه عنه من فسق وعلمه عند الله تبارك وتعالى

بل إنه قد ثبت عن النبي 
صل الله عليه وسلم أنه قال :
« أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم »
(صحيح البخاري حديث 2924)
وكان هذا الجيش بقيادة يزيد بن معاوية ويذكر أنه كان معه من سادات الصحابة ابن عمر وابن الزبير وابن عباس وأبو أيوب وذلك سنة 49 هـ

قال ابن كثير :
« قد أخطأ يزيد خطأ فاحشا في أمره لأميره مسلم بن عقبة في وقعة الحرة أن يبيح الـمدينة ثلاثة أيام مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة و أبنائهم »
( البداية والنهاية 8/225)

فخلاصة القول : أن أمره إلى الله تبارك وتعالى
وهو كما قال الذهبي :
« لا نسبه ولا نحبه »
( سير أعلام النبلاء 4/36)

ليست هناك تعليقات