تفسير قوله { ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }


{ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : {هُدًى}
قال الطبري : عن الشعبي "هُدًى" قال : هُدًى من الضلالة
والهدى في هذا الموضع مصدرٌ من قولك :
هديتُ فلانًا الطريق -إذا أرشدتَه إليه ودللَته عليه وبينتَه له- أهديه هُدًى وهداية

قال القرشي : وَ {هُدًى} خُصَّتِ الْهِدَايَةُ للمتَّقين
كَمَا قَالَ :
{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}
[فُصِّلَتْ : ٤٤]
{وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا}
[الْإِسْرَاءِ : ٨٢]
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّفْعِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ هُدًى وَلَكِنْ لَا يَنَالُهُ إِلَّا الْأَبْرَارُ كَمَا قَالَ :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}
[يُونُسَ : ٥٧]

قال الطبري فإن قال لنا قائل : أوَ ما كتابُ الله نورًا إلا للمتّقين ولا رَشادًا إلا للمؤمنين؟
قيل : ذلك كما وصفه رّبنا عزّ وجل
ولو كان نورًا لغير المتقين ورشادًا لغير المؤمنين لم يخصُصِ الله عز وجل المتقين بأنه لهم هدًى بل كان يعُمّ به جميع المنذَرين
ولكنه هدًى للمتقين وشفاءٌ لما في صدور المؤمنين وَوَقْرٌ في آذان المكذبين وعمىً لأبصار الجاحدين وحجةٌ لله بالغةٌ على الكافرين
فالمؤمن به مُهتدٍ والكافر به محجوجٌ

————-
المنتقى من تفسير ابن جرير وابن كثير
انتقاه لكم ماجد بن محمد العريفي

ليست هناك تعليقات