موسوعة الرد على الشيعة الجزء الأول الخلافة (آية الولاية و حديث المنزلة)


آية الولاية

وهي قول الله تبارك وتعالى :
[إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون]
{المائدة : 55}

ذكروا في تفسير هذه الآية حديثا عن علي رضي الله عنه أنه كان راكعا في الصلاة فجاء فقير يسأل الصدقة وقيل يسأل الزكاة فمد علي يده وفيها خاتم فأخذ الفقير الخاتم من يد علي رضي الله عنه فأنزل الله تبارك وتعالى الآية :
[إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون]
قالوا : وما أعطى الزكاة وهو راكع إلا علي فصار هو الولي فهو الخليفة

والرد من وجوه :

أولا :
هذه القصة ليس لها سند صحيح ولم يثبت عن علي رضي الله عنه أنه تصدق بالخاتم وهو راكع وهو غني عن مدحه بما لم يثبت ويكفيه ما مدحه الله عز وجل به وما مدحه به رسول الله صل الله عليه وسلم والله تبارك وتعالى يقول :
[قد أفلح الـمؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون]
{المؤمنون : 1- 2}

والنبي صل الله عليه وسلم يقول :
« إن في الصلاة لشغلا »

فكيف نرضى لعلي رضي الله عنه وهو من رؤوس الخاشعين وأئمتهم أن يتصدق وهو يصلي أما كان يستطيع أن ينتظر حتى يقضي صلاته ثم يتصدق؟ بالطبع كان يستطيع ذلك والأولى أن الإنسان يخشع في صلاته قدر ما يستطيع ويؤخر مثل هذه الأمور إلى ما بعد الصلاة

ثانيا :
إن الأصل في الزكاة أن يبدأ بها الـمزكي لا أن ينتظر حتى يأتيه الطالب فأيهما أفضل أن تبادر أنت بدفع الزكاة أو أن تجلس في بيتك وزكاتك عندك ثم تنتظر حتى يطرقوا عليك الباب فتعطيهم زكاة أموالك؟ لا شك أن الأول أفضل

ثالثا :
إن عليا رضي الله عنه كان فقيرا في حياة رسول الله صل الله عليه وسلم ولذلك كان مهر فاطمة من علي رضي الله عنهما درعا فقط لم يمهرها مالا لأنه لم يكن له مال رضي الله عنه وأرضاه كان فقيرا ومثل علي لا تجب عليه الزكاة ولم تجب عليه الزكاة في حياة النبي صل الله عليه و سلم

رابعا :
هذه الآية ليس فيها مدح إعطاء الزكاة في حال الركوع وإلا كان كل إنسان يمدح إذا دفع الزكاة وهو راكع ولصارت سنة لأن الله مدح من يدفع الزكاة وهو راكع فتكون السنة في دفع الزكاة أن يدفعها الإنسان وهو راكع وهذا لم يقل به أحد

خامسا :
ذكر الله تبارك وتعالى إقامة الصلاة وهي غير الأداء لأن إقامة الصلاة كما يقول عبد الله بن عباس :
هي أن يؤديها كما أداها رسول الله صل الله عليه وسلم أي على الكمال في الطهارة في الأداء في الركوع في السجود في الخشوع في الذكر في القراءة وهذه هي الإقامة للصلاة
وإذا كان كذلك فما سبب ذكر الركوع بعد ذكر إقامة الصلاة؟ لا شك أن الـمراد ركوع آخر

الـمراد هو الخضوع لله تبارك وتعالى
كما قال الله تبارك وتعالى عن داود عليه السلام :
[وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب]
{ص : 24}

وهو قد خر ساجدا وإنما سماه راكعا للذل والخضوع لله تبارك وتعالى
وكما قال الله تبارك وتعالى :
[وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون]
{المرسلات : 48}

أي : اخضعوا واستسلموا لأمر الله تبارك وتعالى
وكذلك قال عن مريم :
[يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين]
{آل عمران : 43}
أي : اخضعي واخشعي لأمر الله تبارك وتعالى فمريم كانت منقطعة للعبادة وهي ممن لا تجب عليها صلاة الجماعة فليس مقصود الله تبارك وتعالى في هذه الآية أن الإنسان يستحب له أن يدفع الزكاة وهو راكع

سادسا :
سبب نزول هذه الآية أنه لـما خانت بنو قينقاع الرسول النبي صل الله عليه وسلم ذهبوا إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه كما أخرج ذلك ابن جرير في تفسيره وأرادوه أن يكون معهم فتركهم وعاداهم وتولى الله ورسوله فأنزل الله جل وعلا الآية :
[إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون]
{المائدة : 55} الطبري
أي : والحال أنهم خاضعون في كل شؤونهم لله تبارك وتعالى ولذلك قال الله تبارك وتعالى في أول الآيات :
[يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين]
{المائدة : 51}

يعني : عبد الله بن أبي بن سلول لأنه كان مواليا لبني قينقاع ولـما حصلت الخصومة بينهم وبين النبي صل الله عليه وسلم والاهم ونصرهم ووقف معهم وذهب إلى النبي صل الله عليه وسلم يشفع لهم أما عبادة بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه فإنه تبرأ منهم وتركهم فأنزل الله تبارك وتعالى :
[يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض]
ثم عقب تبارك وتعالى بذكر صفة الـمؤمنين وهو عبادة بن الصامت ومن اتبعه :
[إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون]

فهذه الآية نزلت في عبادة بن الصامت رضي الله عنه

سابعا :
إنه يستطيع كل أحد أن يقول مثل هذا الكلام
فيستطيع محبو معاوية أن يقولوا : نزلت في معاوية
وأن يأتوا بحديث مكذوب كما أتى غيرهم بحديث مكذوب عن علي
ومحبو عثمان فيقولون نزلت في عثمان ويأتون أيضا بحديث مكذوب

ثامنا :
على فرض نزولها في علي فإنها لا تدل على الخلافة بعد رسول الله صل الله عليه وسلم وإنما تدل على أننا يجب أن نتولى علي بن أبي طالب ونحن نتولاه رضي الله عنه وأرضاه

تاسعا :
الآية جاءت بلفظ الجمع وعلي واحد ونحن وإن كنا نقول إنه يمكن أن يذكر الجمع ويراد به الـمفرد إلا أن الأصل أنه إذا أطلق الجمع أريد به الجمع إلا بقرينة ولا قرينة هنا

عاشرا :
ويقولون في قول الله تبارك وتعالى :
[إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون]
للحصر فتبطل خلافة من سبق يعنون أبا بكر وعمر وعثمان ونحن أولا أبطلنا أن تكون هذه الآية نزلت في علي رضي الله عنه ثم لو فرضنا أن قوله إنما للحصر وهي تبطل خلافة أبي بكر وعمر وعثمان فهي أيضا - إذا كانت للحصر- تبطل خلافة الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر وغيرهم

حادي عشر :
إن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بأنه متول على عباده أي أنه أمير عليهم بل هو خالقهم ورازقهم وربهم ومليكهم فكيف يكون معنى الآية؟
وكذا لا يقال ذلك عن رسول الله صل الله عليه وسلم بل هو أجل من ذلك

حديث المنزلة

قالوا : قول النبي صل الله عليه وسلم :
«ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»
دليل على أن عليا رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صل الله عليه وسلم لأن هارون هو الخليفة بعد موسى لـما خرج لـميقات ربه
فعلي هو الخليفة بعد رسول الله صل الله عليه وسلم

خرج النبي صل الله عليه وسلم في غزوة « تبوك » ولم يأذن لأحد أن يتخلف عنه وما تخلف في الـمدينة إلا ستة أصناف :

الصنف الأول : الذين أمرهم النبي صل الله عليه وسلم بالجلوس
الصنف الثاني : الـمعذورون من الـمرضى وكبار السن والـمعاقين والعمي والفقراء ومن شابههم
الصنف الثالث : النساء
الصنف الرابع : الأطفال
الصنف الخامس : الـمخلفون العاصون الذين عصوا أمر رسول الله  فتخلفوا عنه في هذه الغزوة وهم : كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية وسبعة آخرون
الصنف السادس : الـمنافقون

هذه ستة أصناف فقط وكان علي رضي الله عنه من الصنف الأول وهم الذين أمرهم النبي صل الله عليه وسلم بالجلوس في الـمدينة فتكلم الـمنافقون
وقالوا : إن النبي صل الله عليه وسلم إنما ترك عليا في الـمدينة لأمر في نفسه
يعني : بغضا لعلي أو استثقالا
(«مختصر تاريخ ابن عساكر» (17/347) )

فبلغ عليا رضي الله عنه هذا الكلام فتبع النبي صل الله عليه وسلم وهو خارج من الـمدينة وفي رواية أنه يبكي
( «مختصر تاريخ ابن عساكر» (17/3455) )
رضوان الله تعالى عليه فقال : يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبية؟!
فطيب النبي صل الله عليه وسلم خاطره وقال :
« ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي »

قالوا : قول النبي صل الله عليه وسلم :
«ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»
دليل على أن عليا رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صل الله عليه وسلم لأن هارون هو الخليفة بعد موسى لـما خرج لـميقات ربه فعلي هو الخليفة بعد رسول الله صل الله عليه وسلم

وهذا باطل من وجوه :

الأول :
إن هارون لم يخلف موسى بل الـمشهور أن هارون عليه الصلاة والسلام توفي قبل موسى بسنة
(« تاريخ الطبري » (1/304) و « البداية والنهاية » (1/297) )

الثاني :
إن هارون بقي في الـمدينة لـما خرج موسى للقاء ربه ومع هارون العسكر والجيش وخرج موسى ومعه بعض الرجال للقاء ربه تبارك وتعالى أما علي فلم يبق أحد من العسكر معه إلا الذين عصوا أمر الله أو من أمره الرسول صل الله عليه وسلم بالبقاء فاختلف الأمر

الثالث :
إن النبي صل الله عليه وسلم إنما طيب خاطر علي رضي الله عنه لأن عليا هو الذي جاء واشتكى ولو لم يأت علي للنبي صل الله عليه وسلم ما قال له هذا الكلام فبين له أن الأمر ليس كذلك فأنا ما خلفتك بغضا لك أتعلم أن موسى لـما خرج للقاء ربه ترك هارون ولم يكن هذا منقصة لهارون عليه السلام كذلك إذا خرجت أنا وتركتك في الـمدينة فليس هذا منقصة لك لذلك لو كان غير علي و قيل فيه ما قيل في علي وجاء للنبي صل الله عليه وسلم واشتكى بنفس الشكوى التي اشتكاها علي لـما كان يبعد أن يقول له النبي صل الله عليه وسلم هذا الكلام نفسه وإنما اشتكى علي ولم يشتك غيره لـما تكلم فيه الناس لأن بقية الولاة ما كان النبي صل الله عليه وسلم يتركهم مع النساء والصبية فقط بل كان يستخلفهم على رجال ولم يكن النبي صل الله عليه وسلم يخرج بالجيش كله عادة

فعلي رضي الله عنه لـما رأى الأمر كأن فيه منقصة وتكلم الـمنافقون خرج خلف النبي صل الله عليه وسلم يسأله عن سبب هذا الترك فبين له النبي صل الله عليه وسلم أنه ليس عن كره ولا كما يدعي الـمنافقون إنما كما أبقى موسى هارون أنا أبقيك في أهلي

الرابع :
إن النبي صل الله عليه وسلم لم يبق عليا خليفة على الـمدينة في هذه الغزوة بل استخلفه على أهل بيته خاصة كما يذكر أهل السير

كأبن جرير « تاريخ الطبري » (2/368)
ولكن قال : « الوالي على الـمدينة سباع بن عرفطة»
وابن كثير وغيرهما أن الوالي على الـمدينة فى تلك الغزوة هو محمد بن مسلمة وليس علي بن أبي طالب

الـخامس :
كيف يمكن لنا أن نفهم أن هذا الترك من النبي صل الله عليه وسلم لعلي منقبة له وأنه لا ينبغي أن يخرج النبي صل الله عليه وسلم إلا وعلي خليفته ثم نرى عليا يخرج باكيا خلف النبي صل الله عليه وسلم؟
أفهمناها ولم يفهم علي رضي الله عنه؟
فلو كان ترك النبي صل الله عليه وسلم لعلي منقبة بحد ذاتها لـما خرج خلفه ولعلم أن النبي صل الله عليه وسلم لا يخرج إلا وهو خليفته من بعده

السادس :
إن النبي صل الله عليه وسلم استخلف غير علي بعده فإنه بعد غزوة « تبوك » خرج إلى حجة الوداع وكان علي في اليمن ولم يترك عليا في الـمدينة

أما تشبيه النبي صل الله عليه وسلم لعلي بهارون!

فنقول : إن النبي صل الله عليه وسلم شبه أبا بكر وعمر بأعظم من هارون ففي غزوة « بدر » لـما كانت قضية الأسرى واستشار النبي أبا بكر فرأى أن يعفو عنهم وأن يفاديهم قومهم ورأى عمر أن يقتلهم
فقال النبي لأبي بكر إن مثلك كمثل إبراهيم يوم قال
(رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم)
{إبراهيم : 36}
ومثلك كمثل عيسى إذ قال :
(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)
{المائد ة : 118}

ثم التفت إلى عمر فقال : يا عمر إن مثلك مثل نوح لـما قال :
[وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا]
{نوح : 26}
ومثلك مثل موسى لـما قال :
[وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم]
{يونس : 88}

شبه أبا بكر بإبراهيم وعيسى عليهما السلام
وشبه عمر بنوح وموسى عليهما السلام
وأولئك من أولي العزم وهم خير البشر بعد رسول الله صل الله عليه وسلم وهم أفضل من هارون بدرجات صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فليس تشبيه النبي صل الله عليه وسلم لعلي بهارون بأفضل أو بأعظم من تشبيه النبي صل الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر بإبراهيم وعيسى وموسى ونوح

ليست هناك تعليقات