موسوعة الرد على الشيعة الجزء الأول الخلافة (حديث الكساء و آية المباهلة)
أجمع أهل السنة على أن الخليفة بعد رسول الله أبو بكر رضى الله عنه وخالف في ذلك الشيعة غيرهم فقالوا :
إن عليا رضي الله عنه أولى بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان وأنه هو الخليفة بعد رسول الله صل الله عليه وسلم مباشرة بلا فصل واستدلوا ببعض الأدلة التي وردت في القرآن وفي كتب أهل السنة سواء كانت عند البخاري أو مسلم أو غيرهما من أصحاب السنن والـمسانيد وهذه الأدلة سنذكر أهمها وأصحها ثم نبين مدى دلالتها على الـمراد
ونقول كذلك :
إن عليا رضي الله عنه غني عن الإطراء فهو صهر رسول الله صل الله عليه و سلم على خير بناته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وهو كذلك ابن عم رسول الله صل الله عليه وسلم ورابع الخلفاء الراشدين وفضائله كثيرة جدا ولكن القضية ليست في ذكر فضائل علي رضي الله عنه فهذا أمر مفروغ منه ولكن القضية النظر في هذه الفضائل :
هل تدل على أن عليا أولى بالخلافة ممن سبقه أم لا؟
ونستطيع أن نقسم أدلة من قال بأولوية علي بن أبي طالب بالخلافة قبل أبي بكر وعمر وعثمان إلى قسمين :
الأول نقلية
الثانى عقلية
القسم الأول :
الأدلة النقلية : وتتلخص فيما يلي :
١- حديث الغدير
٢- حديث الكساء وآية الـمباهلة
٣- آية الولاية
٤- حديث الـمنزلة
٥- آية ذوي القربى
٦- حديث الثقلين
٦- حديث الثقلين
٧- حديث علي مني وأنا من علي
٨- حديث الاثني عشر
٩- حديث مدينة العلم
١٠- حديث الإنذار يوم الدار
القسم الثاني :
الأدلة العقلية : وتتلخص فيما يلي :
١- أشجع الناس بعد رسول الله صل الله عليه و سلم
٢- أعلم الناس
٣- أقربهم للنبي صل الله عليه و سلم نسبا وصهرا
٤- أولهم إسلاما
٥- لم يسجد لصنم
حديث الكساء و آية المباهلة
قالت عائشة :
خرج النبي صل الله عليه و سلم غداة وعليه مرط مرحل (كساء من صوف أو خز) فأدخل عليا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ثم قال :
[إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا]
{الأحزاب : 33}
يستدلون بهذ الحديث على أن الله تبارك وتعالى أراد أن يذهب عنهم الرجس وما يريده الله يقع فإذا أذهب الله عنهم الرجس صاروا معصومين فإذا صاروا معصومين فيجب أن يكونوا هم الأولى بالخلافة من غيرهم
وهذا ادعاء باطل لأمور كثيرة منها :
أولا :
هذه الآية وهي التي تسمى « آية التطهير » إنما نزلت في نساء النبي صل الله عليه وسلم كما قال الله تبارك وتعالى :
[يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا]
{الأحزاب: 32- 34}
فالذي يراعي سياق هذه الآيات يوقن أنها في نساء النبي صل الله عليه وسلم خاصة
فالذي يراعي سياق هذه الآيات يوقن أنها في نساء النبي صل الله عليه وسلم خاصة
وأما قول الله تبارك وتعالى :
ليذهب عنكم الرجس] ولم يقل « عنكن »
و[ويطهركم] ولم يقل : «يطهركن» فيستدل البعض على أنه لـما جاءت هنا ميم الجمع دل على خروج نساء النبي صل الله عليه وسلم من التطهير ودخول علي وفاطمة والحسن والحسين بدليل الحديث وهذا باطل لأن الآية متصلة وهي قول الله تعالى :
[وقرن في بيوتكن] ثم أتبعها بـ :
[واذكرن ما يتلى في بيوتكن]
فالخطاب كله في هذه الآيات لنساء النبي صل الله عليه وسلم
ثانيا :
ذكر الله عز وجل ميم الجمع بدل نون النسوة لأن النساء دخل معهن النبي (وهو رأس أهل بيته) كما قال تبارك وتعالى عن زوجة إبراهيم :
[قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد]
{هود : 73}
مع أنهما إبراهيم وزوجته
وقال تعالى عن موسى :
[فلـما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون]
{القصص : 29}
وكانت معه زوجته
وقول امرأة العزيز لزوجها :
[ما جزاء من أراد بأهلك سوءا]
تعني نفسها
فقول الله :
[إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا]
وقال هنا : « عنكم » لدخول النبي صل الله عليه و سلم مع نسائه في هذه الآية لا أن عليا وفاطمة والحسن والحسين دخلوا ضمن هذه الآية وإنما كان علي والحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم من أهل بيت النبي صل الله عليه وسلم بدليل حديث الكساء لا بدليل الآية فحديث الكساء هو الذي يدل على أن عليا وفاطمة والحسن والحسين من آل بيت النبي صل الله عليه وسلم وذلك لـما غطاهم النبي صل الله عليه وسلم بالكساء وقرأ :
[إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا]
فأدخلهم في أهل بيته
ثالثا :
إن معنى أهل بيت النبي صل الله عليه وسلم يتعدى زوجات النبي صل الله عليه وسلم ويتعدى عليا والحسن والحسين وفاطمة إلى غيرهم كما في حديث زيد بن أرقم وأنه لـما قيل له : نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته الذين حرموا الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس
قال : كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال : نعم
إذا اتسع مفهوم أهل بيت النبي صل الله عليه وسلم إلى أكثر من ذلك
فهم نساؤه بدليل الآية وعلي وفاطمة والحسن والحسين بدليل حديث الكساء وبدليل حديث زيد بن أرقم
وآل عباس بن عبد الـمطلب وآل عقيل بن أبي طالب وآل جعفر بن أبي طالب وآل علي بن أبي طالب بدليل حديث زيد بن أرقم
فكل هؤلاء هم أهل بيت النبي صل الله عليه وسلم جميع بني هاشم من آل البيت وهم كل من حرم الصدقة
بدليل حديث عبد الـمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد الـمطلب قال :
اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد الـمطلب فقالا : والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي (القائل : (قالا لي..) هو : عبد الـمطلب بن ربيعة - وقيل : اسمه الـمطلب - والمعنى :
أن كلا من ربيعة والعباس أرسلا ولديهما : عبدالمطلب والفضل إلى رسول الله ليطلبا عملا يستعينان به على زواجهما) وللفضل بن العباس) إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس قال :
فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك فقال علي بن أبي طالب :
لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال :
والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا (يعني : تحسدنا) فوالله لقد نلت صهر رسول الله صل الله عليه وسلم فما نفسناه عليك
قال علي : أرسلوهما فانطلقا واضطجع علي
قال : فلـما صلى رسول الله صل الله عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجرة
قال : فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال : أخرجا ما تصرران ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش
قال : فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال : يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح وجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون
قال : فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال : يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح وجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون
قال : فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه قال وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه
قال : ثم قال : إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس
رابعا :
الآية ليس فيها أن الله أذهب عنهم الرجس لأن هذه الإرادة إرادة شرعية إرادة الـمحبة وهي غير الإرادة القدرية
يعني : يحب الله أن يذهب عنكم الرجس ولا شك أن الله أذهب الرجس عن فاطمة والحسن والحسين وعلي وزوجات النبي صل الله عليه و سلم وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس
ولكن الإرادة هنا في هذه الآية هي الإرادة الشرعية ولذلك في الحديث نفسه أن النبي صل الله عليه و سلم لـما جللهم بالكساء قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس
فإذا كان الله أذهب عنهم الرجس لـماذا يدعو لهم بإذهاب الرجس ؟!
بل عند الشيعة الاثني عشرية أن الأئمة الاثني عشر ومعهم فاطمة خلقوا مطهرين
دعاء النبي صل الله عليه وسلم دليل على أن هذه الإرادة إرادة شرعية مثل قول الله تبارك وتعالى :
[يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم * والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا]
{النساء : 26- 28}
كل هذه الإرادات التي ذكرها الله تبارك وتعالى إنما هي الإرادات الشرعية فالله يريد أن يخفف عن الناس جميعا ويريد أن يتوب على الناس جميعا ولكن هل تاب على جميع الناس؟ فمن الناس مؤمن وكافر ولم يتب الله على جميع الناس
قال تعالى :
[هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير]
{التغابن : 2}
خامسا :
إن الله تبارك وتعالى يريد إذهاب الرجس عن كل أحد وعن كل مؤمن
ولذلك أمر النبي صل الله عليه وسلم الـمسلم إذا أراد أن يصلي أن يتجنب أماكن الوسخ وقال الله تعالى :
[وثيابك فطهر]
{المدثر : 4}
وأمر بالوضوء وأمر بالاغتسال عند الجنابة كما في الأحاديث الصحيحة الدالة على هذا الـمعنى وهي في كتب الفقه/أبواب الطهارة
سادسا :
التطهير ليس خاصا بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم بل واقع لغيرهم أيضا كما قال تعالى :
[خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم]
{التوبة : 103}
وقال تعالى :
[يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى الـمرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون
{المائدة : 6}
وقال تعالى :
[إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام]
{الأنفال : 11}
وهؤلاء (الثلاثمائة وبضعة عشر) يكونون إذن - على مذهب هؤلاء - وقياسهم معصومين لأن الله تبارك وتعالى قال :
[ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان]
سابعا :
إذهاب الرجس لا يدل على أنهم الخلفاء بعد رسول الله صل الله عليه و سلم بل نحن نوقن أن الله أذهب عن علي الرجس ولذلك صار مولى الـمؤمنين وكذلك الحسن والحسين وفاطمة وكذلك زوجات النبي صل الله عليه وسلم ولذلك سماهن أمهات الـمؤمنين :
[النبي أولى بالـمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من الـمؤمنين والـمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا]
{الأحزاب : 6}
وكذلك أصحاب النبي صل الله عليه و سلم فإن الله أذهب عنهم الرجس جميعا بدليل الآيات التي ذكرناها سالفا فصاروا موالي الـمسلمين ثم إن ذهاب الرجس لا يدل على العصمة ولا يدل على الإمامة من باب أولى
وأما آية الـمباهلة وهي قوله تعالى :
[فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين]
{آل عمران : 61}
فهي تدل على فضلهم ومكانته وليس لها تعلق بالإمامة من قريب ولا من بعيد
روى حديث الكساء عائشة رضي الله عنها كما ترى فانظر أيها الـمنصف لها وهي تروي فضائل (آل البيت) رضي الله عنهم ومع هذا يطعن فيها من لا يخاف الله تعالى بحجة محبة آل البيت؟!
و ها هو الإمام مسلم رحمه الله يخرج الحديث في « صحيحه » برقم (2424) و لم يكتمه كما يفتري البعض على أئمة أهل السنة والله الـمستعان
ليست هناك تعليقات