مهنة المُعلم في الإسلام الجزء الثانى
هدايا الطلاب للمعلمين تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول :
إذا كانت بقصد المحاباة ورفع الدرجات في الامتحان أو إعطاء المُهدي ميزة على حساب غيره فهذه الهدية رشوة ويحرم على المعلم أو المعلمة أخذها
القسم الثاني :
إن كانت الهدية لم يتعلق بها غرض سيئ ولا يترتب عليها أي مفسدة فأغلب العلماء على تحريمها وأجاز بعض أهل العلم أخذها ولكن يكافأ من أعطاه بهدية والأحوط تركها دفعًا للتهمة وحسمًا لمادة الطمع من التلميذ في ميل المدرس إليه
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
"الهدايا من الطالبات للمدرسات ومن الطلبة للمدرسين فيها خطر ويخشى منها أن تكون رشوة وأن تسبب ميلًا من المدرِّسة أو المدرس إلى صاحب الهدية فينبغي في مثل هذه الحال عدم قبول الهدايا سدًا لباب الشر واحتياطًا لهذا المقام وحفظًا للعرض عن التهمة فنصيحتي للمدرسين والمدرسات أن لا يقبلوا جميعًا شيئًا من الطلبة والطالبات حسمًا لمادة التهمة وحسمًا لمادة طمع التلميذ أو التلميذة في ميل المدرِّسة أو الأستاذ إلى أن يحابي هذا الطالب أو هذه الطالبة والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
ويقول صل الله عليه وسلم :
من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه
ولا شك أن الطالبة إذا أهدت إلى المدرسة قد ترجو من المدرسة أن تسامحها بعض الشيء أو تميل إليها في الاختبار وقد لا يخطر ببالها ذلك! لكن سد الباب هو الذي ينبغي للمؤمن والمؤمنة في مثل هذا المقام ومتى تساهلت المدرسة أو المدرس قد يتتابع الباقون من الطلبة والطالبات قد يتتابعون في هذه المسائل فيعظم الخطر وتعظم الريبة"
[موقع الشيخ ابن باز فتوى رقم 13100]
(حكم وقوف الطلبة تحيةً للمدرس إذا دخل الفصل)
كان من هدي النبي صل الله عليه وسلم أنه إذا جاء إلى أصحابه وهم جلوس لا يقومون له لأنهم يعرفون كراهيته لذلك
عَنْ أَنَس بن مالك رضي الله عنه قَالَ :
لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ
[رواه الترمذي 2754 وصححه الألباني]
وإنما كان النبي صل الله عليه وسلم يكره قيامهم له تواضعًا لربه ومخالفة لعادة المتكبرين والمتجبرين
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما حكم الإسلام في وقوف الطلبة لمدرسيهم أثناء دخولهم الفصول هل هو جائز أم لا؟
فأجابوا : "خير الهدي هدي محمد صل الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وخير القرون القرن الذي فيه الرسول صل الله عليه وسلم والقرون المفضلة بعده كما ثبت ذلك عنه صل الله عليه وسلم وكان هديه صل الله عليه وسلم مع أصحابه في هذا المقام أنه إذا جاء إليهم لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك فلا ينبغي لهذا المدرس أن يأمر طلبته بأن يقوموا له ولا ينبغي لهم أن يمتثلوا إذا أمرهم فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
[فتاوى اللجنة الدائمة (1/172)]
(حكم تدريس الرجال للنساء)
الأصل أن يعلم الرجال الرجال والنساء النساء ولكن إذا دعت الضرورة والحاجة تعليم الرجال للنساء فلابد أن يلتزم الجميع بالضوابط الشرعية ومنها :
أن لا يوجد اختلاط بين الجنسين
وتكون المرأة بكامل حجابها
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :
"لا يجوز للرجل تدريس البنات مباشرة لما في ذلك من الخطر العظيم والعواقب الوخيمة"
وجاء فيها أيضا :
"أولا : الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك
ثانيا : لا يجوز للرجل أن يعلم المرأة وهي ليست متحجبة ولا يجوز أن يعلمها خاليا بها ولو كانت بحجاب شرعي والمرأة عند الرجل الأجنبي عنها كلها عورة أما ستر الرأس وإظهار الوجه فليس بحجاب كامل
ثالثا : لا حرج في تعليم الرجل المرأة من وراء حجاب في مدارس خاصة بالنساء لا اختلاط فيها بين الطلاب والطالبات ولا المعلم والمتعلمات"
[فتاوى اللجنة الدائمة : 12/156]
(حكم الخلوة بالمعلمة أو الطالبة)
الخلوة بين الرجل والمرأة حرام وهي من أسباب الفتن ووقوع المحرمات وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
[متفق عليه]
وقال صل الله عليه وسلم :
لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ
[الترمذي/1171 وصححه الألباني]
قال الإمام النووي :
"إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء"
[شرح النووي على مسلم : 9/ 109]
(مصافحة المعلم للمعلمة أو الطالبة)
مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية حرام لا يجوز ومن الأدلة على ذلك ما جاء في حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له
[رواه الطبراني في الكبير/ 486 وصححه الألباني]
ومسُّ الرجل للمرأة الأجنبية من أسباب الفتنة ومن أسباب ثوران الشهوات والوقوع في الحرام ولا يقولن قائل :
النية سليمة والقلب نظيف فإن صاحب أطهر قلب وأعفّ نفس وهو رسول الله صل الله عليه وسلم لم يمس يد امرأة أجنبية قط حتى في بيعة النساء لم يبايعهن كفا بكف كالرجال وإنما بايعهن كلامًا كما روت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ :
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ... إِلَى قَوْلِهِ ... غَفُورٌ رَحِيمٌ }
[الممتحنة : 12]
قالت عائشة فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صل الله عليه وسلم قد بايعتك كلاما ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما يبايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك
[رواه البخاري/4512]
وفي رواية لمسلم :
أنه يبايعهن بالكلام .. وما مست كف رسول الله كف امرأة قط
[رواه مسلم/ 3470]
وفي رواية للبخاري عنها رضي الله عنها قالت :
ما مست يد رسول الله صل الله عليه وسلم يد امرأة إِلا امرأة يملكها
[البخاري/ 6674]
(حكم التأخر عن الدوام والانصراف قبله)
المعلم ينبغي أن يكون قدوة في الانضباط في الحضور والانصراف والالتزام باللوائح التي تحدد سير العملية التعليمية وتنظم وقتها ولا يجوز له مخالفة ما اتفق عليه معها
والدوام الرسمي الذي حدد ابتداء وانتهاء وتعاقد عليه الموظف مع جهة العمل لا يجوز التأخر عن بدايته ولا الخروج قبل انتهائه دون عذر أو إذن لما في ذلك من الإخلال بالشرط المتعاقد عليه وقد قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
[المائدة : 1]
وقال النبي صل الله عليه وسلم :
المسلمون على شُرُوطهم
[رواه أبو داود/ 3594 وحسنه الألباني]
وعليه فلا يجوز للموظف أن يخرج من عمله أو يحضر متأخرًا ليعمل في وقت أقل من الدوام المتفق عليه في عقد العمل إلا بإذن جهة العمل أو من تخوله بالإذن
فإن خالف الموظف العقد وداوم وقتًا أقل من وقت الدوام المتفق عليه بدون إذن لم يستحق من الراتب إلا بقدر ما عمل ويجوز للجهة التي يعمل فيها أن تخصم من راتبه بقدر الزمن الذي لم يعمل فيه
كما أنه يلزم المعلم أن يرد ما لا يستحقه من الراتب بسبب تأخره أو غيابه إلى الجهة التي يعمل عندها إلا إذا سمحت له بأخذه
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"نحن بعض المدرسات نلاحظ على كثير من المدرسات أنهن يتأخرن عن الحضور في قاعة الدراسة "الفصل" في الوقت المحدد فتتأخر المدرسة بعض الوقت وتكون جالسة مع المدرسات في غرفتهن وليس هناك ضرورة لذلك فما حكم ذلك؟
مع أننا سمعنا نفس المشكلة عند المدرسين؟
فأجاب : هذا حرام عليهن فلا يحل للمعلم ولا للمعلمة التأخر عن دخول الفصل "قاعة التدريس" من حين إعلان دخول الحصة لقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
[المائدة : 1]
وقوله :
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}
[الإسراء : 34]
وقوله :
{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
[الحجرات : 9]
أي : اعدلوا وليس من العدل أن يأخذ الموظف من معلم أو معلمة أو غيرهما راتبه كاملًا ويتساهل في أداء وظيفته التي جعل له الراتب في مقابلة القيام بها فإن حصل ذلك منه فليتحمل الوعيد المذكور في قوله :
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}
[المطففين : 1 - 3]"
[فتاوى إسلامية : 4/327- 328]
ليست هناك تعليقات