مهنة الطبيب في الإسلام الجزء الثالث


(حكم النظر إلى العورة ومسها للعلاج بحسب الحاجة أو الضرورة)

العورة : ما يحرُم كشفه أمام من لا يحل له النظر إليه
والعورة مختلفة من الرجل للمرأة بالنسبة للنظر فهي من الرجل ما بين السرة والركبة
أما المرأة فجميع بدنها عورة

وقد جاء الأمر في الشرع بستر العورة وتكريمها وبناء عليه إذا كان الفحص الطبي خارج العورة كالرأس والعين فإنه يجوز مع اتحاد الجنس بين المريض والطبيب بأن كان الفاحص رجلا والمفحوص رجلا أو كان الفاحص امرأة والمفحوص امرأة وذلك لعدم دخوله في العورة المأمور بسترها
وإذا كان الفحص على العورة فإن الأصل حرمة النظر إلى العورة
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة
[رواه مسلم]

ولكن إذا احتاج الطبيب للنظر إلى العورة أو مسَّها للعلاج جاز ذلك للضرورة والحاجة الداعية إلى ذلك وهذا قول عامة أهل العلم ودليل ذلك :
النصوص العامة التي جاءت برفع الحرج عن الأمة ومنها قوله تعالى :
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج}
[الحج : 78]
 والقواعد العامة ومنها :
"الضرورات تُبيح المحظورات"
ولأنه إذا كان التداوي مشروعًا فإن ما يحتاجه الطبيب من النظر واللمس لأجل العلاج يكون مباحًا لكونه وسيلة لأمر مشروع والوسائل لها أحكام المقاصد والغايات
قال السرخسي :
"إذا جاء العذر فلا بأس بالنظر إلى العورة لأجل الضرورة"
[المبسوط 10/156]

وهذا الجواز لابد فيه من مراعاة بعض الأمور وهي :
عدم تجاوز الموضع اللازم للكشف واللمس فيقتصر على الموضع الذي تدعو الحاجة إلى النظر إليه أو لمسه فقط لأن الضرورة تقدَّر بقدرها فإذا جاز النظر والكشف واللمس وغيرها من دواعي العلاج لدفع الضرورة والحاجة القوية فإنه يقتصر على موضع الضرورة

قال العز بن عبد السلام :
"وإذا وقف الطبيب على الداء فلا يحل له النظر بعد ذلك لأنه لا حاجة إليه لذلك لأن ما أُحلَّ لضرورة أو حاجة يقدَّر بقدرها ويزول بزوالها"
[قواعد الأحكام : 2/156]

إذا كان وصف المرض كافِيًا فلا يجوز الكشف
وإذا أمكن معاينة موضع المرض بالنظر فقط فلا يجوز اللمس
وإذا كان يكفي اللمس بحائل فلا يجوز اللمس بغير حائل وهكذا
[الفقه الطبي : ص 60 ، 61]


(حكم الخَلْوَة بين الطبيب والمريضة)

لا يجوز للطبيب ولا غيره أن يخلو بامرأة لا تحلُّ له لما يترتب على هذا من مفسدة أعظم من المصلحة المتحققة وهي الخلوة المنهي عنها شرعًا حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم 
[متفق عليه]
وقال صل الله عليه وسلم :
لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان
[رواه الترمذي 1171 و صححه الألباني]

قال الإمام النووي :
"وأما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء"
[شرح النووي على مسلم : 9 / 109]

فخلوة الطبيب بالمريضة حرام وكذلك خلوة الطبيبة بالمريض وإذا دعت الضرورة لذلك فلا بد من وجود محرم أو ما يمنع الخلوة كوجود امرأة ثانية


(الخَلوة بين الطبيب والممرضة أو العكس)

الخلوة بين الطبيب والممرضة حرام ولا تجوز وكذلك الخلوة بين الطبيبة والممرض أو المريض لأن النبي صل الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك وحذر منه
يقول النبي :
لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان
[رواه الترمذي 1171 و صححه الألباني]

ومخاطر الخلوة ومفاسدها كثيرة والمسلم عليه أن يحذر على نفسه من الفتن ولا يقحمها مواقع الهلكة ومواطن الريبة وكذلك المسلمة
[انظر مجموع فتاوى ابن باز : 9/ 431]

ليست هناك تعليقات