مقتطفات عن عُثمان بن أرطغرل

يُعرف عن عُثمان الأوَّل أنهُ عاش حياةً بسيطةً بعيدةً عن البذخ واللهو والسفاهة وقد عاش من عائد إنتاج أغنامه الخاصَّة (حليب ولبن وجبن...إلخ)
وكان يعتبر أنَّ الأموال والغنائم من حق الناس أجمعين وليست حكرًا على الأُمراء فلمَّا اصطحبهُ قادة جيشه إلى سوق مدينةٍ فتحوها لم يستطع تقبُّل فكرة أنَّ الضريبة من حق البكوات وحدهم فرفض الحُصول عليها على الرُغم من أنها كانت تُمثلُ دخلًا دسمًا بالنسبة إليه واعتبر أنَّ هذا العائد إمَّا أن يُوزَّع على جميع الناس بالحق أو لا يؤخذ أبدًا

ويُشيرُ بعض المُؤرخين إلى أنَّ هذه القصَّة تعكس مقدار حساسيَّة عُثمان تجاه الأُمور التي ليست من حقه فلم يُعرف عنه أنَّه اغتصب شيءًا بالقُوَّة طيلة حياته وهي أيضًا تعكسُ مدى تأثُره بالتعاليم الإسلاميَّة وبعض العادات والتقاليد والخُصوصيَّات التُركيَّة البدويَّة القديمة التي كانت لا تسمح بالاسئثار بالضروريَّات بل تعتبرها من حق القبيلة كُلها

ومما يدُل على زُهد عُثمان وترفُعه عن الماديَّات كان عدم العُثور على أيِّ ذهبٍ أو فضَّة بين مُمتلكاته بعد وفاته وبحسب المعلومات الواردة في المصادر التاريخيَّة فإنَّ ما وُجد في تركته هو :
ثُوبٌ جديد نسبيًّا يُدعى «صرطاق تكلسي» وخرج يُعلَّق على جنب الحصان يُدعى «يانجغي» ووعاء ملح وحمَّآلة ملعقة خشبيَّة وزوجٌ من أحذية طويلة السَّاق وعدَّة خُيول مُطهمة وثلاثة أغنام يعلفها من أجل إكرام ضُيوفه ولفَّة من قماش الدنيزلي ودرع للحصان وراياتٍ حمراء من منسوجات آق شهر وسيف وكنانة ورمح وما شابه ذلك

رسمٌ لِعُثمان الأوَّل منقول عن مُنمنمة عُثمانيَّة يبدو فيه وهو بِملابس العصر الكلاسيكي للسلطنة وهو أمرٌ يُنافي الواقع إذ أنَّ لباسه كان أقرب إلى لباس المُتصوفين والدراويش

أمَّا بالنسبة لِمُتع عُثمان الأوَّل الخاصَّة فليس هُناك من معلوماتٍ ملموسةٍ حولها ولكنَّ المُوثَّق وُجودُ سبحةٍ خشبيَّةٍ كبيرة الحبَّات يُقال أنهُ كان يستخدمها وطبلٍ بقيا محفوظين في مزاره الكائن في مدينة بورصة وبقيا يُشاهدان حتَّى أواخر القرن الثاني عشر الهجري (مابين سنتيّ 1688 و 1784 م) وهُما هديتان أرسلهُما لهُ السُلطان السُلجوقي ولكنَّ السبحة الخشبيَّة والطبل احترقا في حريقٍ اندلع سنة 1855 م جرَّاء الزلزال الشديد الذي ضرب المنطقة وعُرف محليًّا باسم «القيامة الصُغرى» لشدَّة هوله ولم يبقيا حتَّى اليوم

يُعرفُ أنَّ عُثمانًا كان يرتدي ملابس بسيطة قريبة في شكلها وتصميمها إلى ملابس الدراويش والمُتصوفين ولكنَّ الرسَّامين العُثمانيين والأوروپيين ألبسوا هذا السُلطان ما كان سلاطين العُثمانيين يلبسونهُ في العصر الكلاسيكي للدولة قُبيل إصلاحات السُلطان محمود الثاني

فرسمه «قسطنطين قابِضاغلي» في أواخر القرن الثامن عشر الميلاديّ ضمن سلسلة اللوحات النصفيَّة للسلاطين مُرتديًا ألبسة كلاسيكيَّة لا يُمكن تمييزها عن ألسبة السُلطان سُليمان القانوني ومُراد الثالث
وكذلك فعل جون يونگ في سلسلة لوحاته المُسمَّاة «سلسلة صُور أباطرة تُركيَّا» المنقولة عن المُنمنمات العُثمانيَّة مع أنَّ العُثمانيين لم يستخدموا هذا النوع من الألبسة المُزركشة بل حتَّى سادة الأناضول لم يلبسوها إلَّا بعد أن استقرّوا في القُصور في القرن الرابع عشر الميلاديّ

وحسب بعض المصادر كان عُثمان يعتمر قُبَّعةً طويلةً مصنوعةً من نسيجٍ أحمرٍ يُدعى «خُراساني» ملفوفة بِقُماشٍ أبيضٍ رقيق عليه نوعٌ من الخُيوط المجدولة وهذا نوعٌ من اللَّفَّات يُشبه ما كان النُخبة في مُجتمع الأويغور يعتمرونه في تُركستان الشرقيَّة وكانت جُبته طويلة وذات ياقة حمراء عريضة
وبحسب نصٍّ قديم فإنَّ عُثمان لم يكن يرتدي ملابسهُ مرَّتين لِشدَّة تصدُقه على الفُقراء والأرامل بشكلٍ خاص الذين لم يكن لديهم ما يسترون به أنفسهم فكان إن نظر أحدهم إلى عباءته أو جلبابه خلعهُ ووهبه إيَّاه

ليست هناك تعليقات